وفاة خالد بن الوليد
لقد مرّ على التاريخ الإسلامي العديد من الصحابة الكرام الذين يعدّون أفضل البشر بعد الأنبياء والرسل، فكان لهم وقعٌ كبيرٌ في انتشار الإسلام بين البشر في عونهم للرسول صلى الله عليه وسلم، فبرز من ضمن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم العديد ممّن دافعوا عن الإسلام بأرواحهم والذين كان لهم دورٌ كبيرٌ في نشر الإسلام في أرجاء العالم بأكمله، ومن ضمن هؤلاء الصحابة العظماء الذين حملوا راية الإسلام هو خالد بن الوليد رضي الله عنه الذي حمل راية الإسلام في الأرض أثناء غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم وأثناء الفتوح الإسلامية فكان سيف الله المسلول الذي سلطه الله تعالى على أعداء الإسلام.
فخالد بن الوليد رضي الله عنه من قبيلة مخزوم التي ترجع في نسبها إلى قريش، فكان رضي الله عنه أحد أعظم القادة العسكريين الذين مرّوا على التاريخ الإسلامي والتاريخ البشري بأكمله، فكان لتخطيطه العسكري أثرٌ كبيرٌ في انتصار المسلمين في العديد من المعارك المختلفة بعد أن دخل رضي الله عنه في الإسلام، إذ إنّ خالد بن الوليد رضي الله عنه عندما أراد الدخول بالإسلام ذهب مع عثمان بن طلحة البدري وعمرو بن العاص إلى يثرب فدخلوا في الإسلام على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الثامن من الهجرة، وكانت أول غزواته في الإسلام هي غزوة مؤتة إذ إنّه عندما ذهب المسلمون في معركة مؤتة ومات القادة الثلاث الذين وضعهم الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك المعركة اختار المسلمون خالداً رضي الله عنه ليقودهم في تلك المعركة، وقد قام رضي الله عنه بوضع خطةٍ محكمةٍ جعلت من جيش الروم والغساسنة يظنون أنّ المسلمين قد وصلهم المدد فبذلك دبّ الرعب في قلوبهم وخشوا أن يتبعوهم عندما قاموا بالانسحاب من المعركة ظنّاً منهم أنّ المسلمين يريدون إيقاعهم في الفخ، وفي تلك المعركة كسرت على يده رضي الله عنه تسعة سيوف فلقبه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد تلك المعركة بسيف الله المسلول.
وقد كان له دورٌ مهمّ أيضاً فيما بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في حروب الردة وفي فتوح المسلمين في الأمصار حتى عزله عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد كان السبب في ذلك هو افتنان الناس بانتصارات خالد بن الوليد المتتالية فلذلك خاف عمر بن الخطاب أن يظن المسلمون أنّ النصر من عنده وأراد أن يعلموا أن النصر من عند الله ولذلك عزله رضي الله عنهما، وبعد عزله رضي الله عنه بأربع سنين في العام الحادي والعشرين للهجرة فكان الفاروق رضي الله عنه أشدّ الناس حزناً على موته، ويذكر أنّه رضي الله عنه قال وهو على فراش الموت قولته المشهورة التي إن دلت على شيءٍ فإنما تدلّ على شجاعته رضي الله عنه والتي تتلخص فيها معنى الشجاعة إذ قال رضي الله عنه:” لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبرٍ، إلا وفيه ضربةٌ بسيفٍ أو رميةٌ بسهمٍ أو طعنةٌ برمحٍ وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء”