وفاة النبيّ عليه الصلاة والسلام
ما عرفت البشريّة مُعلّماً ولا قائداً أعظم من محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فهوَ الرسول الذي اختاره الله عزَّ وجلّ ليكونَ للناس كافّة، وقد أرسله الله بالهدى ودين الحقّ، دين الرحمة والعدل، دين إقامة العدل قبل إقامة الحدّ، فقد كانَ رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم مثالاً للأخلاق الّتي ازدانت به، فقد كانَ عليه الصلاة والسلام قُرآناً يمشي على الأرض.
ولم تكُن دعوة الرسول الأمين تختلف عن بقيّة الرسل من قبله، فقد أُوذي وحورب وأُخرج من أرضه ودياره، وضاق صحابته التّعذيب والتغريب والتهجير والأذى الجسديّ والنفسيّ في سبيل صدّهم عن دين الله، فكانوا أصلب من الحديد، وزاد الله صبره وأيّدهُم بنصره وانتشار دينه في أرجاء الأرض، وما زال ينتشر بفضل الله سُبحانهُ وتعالى.
وقد كانت بعثة الرّسول عليه الصلاة والسلام حينَ بلَغَ من عمره الأربعين، ومكثَ يدعو قومه إلى عبادة لله في مكّة المكرّمة ثلاث عشرة سنة، إلى أن أذِنَ الله لهُ بالهجرة إلى المدينة المنوّرة؛ حيث كانت الهجرة هيَ بداية تكوين نواة الدولة الإسلاميّة التي وقفت في وجه قوى الشرّ والكفر، وشهدت الفترة المدنيّة العديد من الغزوات التي خاضَها النبيّ عليه الصلاة والسلام وجيشهُ من الصحابة الأنصار والمهاجرين، كانت أوّلها على الصعيد العسكريّ المسلّح والمواجهة المباشرة هي غزوة بدر الكُبرى في السنة الثانية للهجرة، وكان النصر فيها حليفاً للمسلمين.
وفاة النبيّ عليه الصلاة والسلام
النّاظر في سيرة الرسول مُحمّد عليه الصلاة والسلام يجد أنَّ حياتهُ لم تكُن حياةً رغيدةً مُترفةً؛ بل كانت جهاداً ومكابدة للكفر وأهله ومقاومة لقوى الطغيان، وبقيَ عليه الصلاة والسلام طيلة حياته حاملاً همَّ الأمّة حتى وافتهً المنيّة عليه الصلاة والسلام بعدَ مرضٍ ألمَّ به، وذاقَ عليه الصلاة والسلام سكرات الموت وهو أحبّ الخلق إلى ربّه جلَّ جلاله، ولكنّ الموت حقّ وسكراته حقّ، وقد توفّي صلّى الله عليه وسلّم في يوم الإثنين 12 ربيع الأوّل سنة 11 للهجرة، وقد كانَ عمره عليه الصلاة والسلام حينَ توفّي ثلاثاً وستّين سنة، وقد كانَ موت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أعظم المصائب التي أصابت الأمّة، وعزاء الأمّة هوَ الوحي الّذي أبقاه الله في أيدينا، وسنّة نبيّه التي بها نسير على خُطى الحبيب المُصطفى عليه الصلاة والسلام، وما أودّ الإشارة إليه أنَّ يوم ولادة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو الإثنين 12 ربيع الأوّل، وهو اليوم الّذي توفّي فيه، وعليه كيفَ يحتفل المُسلمون بيومٍ كانت فيه وفاة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام!!.