هجرة إبراهيم عليه السلام
إسماعيل عليه السلام
هو إسماعيل بن ابراهيم، أمه هاجر، وفسر إسم اسماعيل بمعنى أن الله قد لبى دعاء إبراهيم بأن يكون له ولد، فوهبه إسماعيل. اسماعيل عليه السلام هو أكبر أبناء النبي إبراهيم، وقد بشر ابراهيم بقدوم اسماعيل وهو في العقد الثامن من عمره، بعد أن طلبت منه زوجته سارة الزواج من جاريتها هاجر، لتنجب له الذرية، فحملت هاجر بإسماعيل في أرض الخليل في فلسطين وأنجبته هناك.
هجرة إبراهيم عليه السلام
بعد أن رزق الله النبي إبراهيم بإسماعيل، ملأ قلب إبراهيم فرحاً وسروراً، فكان يقضي أغلب أوقاته في خيمة زوجه هاجر، ليبقى بالقرب من ولده إسماعيل، الأمر الذي جعل زوجته سارة تغار من هاجر، فرفضت هذا الشعور لأنه يولد الحقد وهي ترفض أن تدخل النار بسبب غيرتها تلك، لهذا طلبت من إبراهيم عليه السلام بأن يبعد هاجر لأنها لا تودّ رؤيتها، فيمتلئ قلبها بما تكره من شعور بالكره والغيرة والحقد.
قام إبراهيم عليه السلام بأخذ زوجته هاجر وابنه إسماعيل إلى أرضٍ بعيدة، هي أرض مكة التي لم يزرها من قبل، وبعد أيامٍ طويلة من المسير وصلوا لأرضٍ جرداء قاحلة ليس فيها إلا الرمال، وبعض شجيراتٍ جافة تنبت في الصحراء، فنزل على إبراهيم ملاك وأخبره بأنه انتهى به المسير إلى هنا، وأنه قد وصل للأرض المقدسة، أقام إبراهيم في تلك الأرض امتثالاً لأمر ربه، وكانت تلك الأرض تخلو من أي شكلٍ من أشكال الحياة، حيث إنّها تخلو من النبات والماء ولا يسكنها إنسان، وكان على هاجر وابنها إسماعيل أن يقيما في هذا المكان القاحل.
أُمر إبراهيم عليه السلام بالعودة إلى فلسطين، فأخذ يودّع ابنه إسماعيل يحضنه ويقبله وهو يبكي على فراقه، التفتت هاجر حولها لتسكشف المكان الذي يخلو من اي شكلٍ للحياة، فقالت لزوجها : ( أتتركنا هنا في هذا الوادي ؟)، لكنها لم تغضب لأن من صفات أزواج الأنبياء الصبر، ولأنها تعلم بأنّ إبراهيم مأمورٌ من ربه، وهي تعلم بأن ربها ورب إبراهيم لن يضيعهم.
قفل إبراهيم عليه السلام عائداً إلى فلسطين بعد وداع زوجته وابنه، وتوقف في طريقه على تلةٍ وأخذ يبتهل إلى الله بأن يحفظهما من أي مكروهٍ أو شر.
ظهور ماء زمزم
بعد مغادرة إبراهيم فرشت هاجر جلد كبش على الأرض ووضعت طفلها إسماعيل عليه، وبدأت تصنع خيمةً لها ولطفلها، حيث كانت تعمل بكل هدوء لإيمانها بأن هناك من يرعاها في هذا المكان ويرعى صغيرها، كانت تجمع الحطب في النهار وتوقد ناراً في الليل تصنع عليها رغيفاً من الخبز تتعشى به، وبقيت هكذا حتى نفد منها الماء، فأخذت تجول ببصرها في أنحاء الوادي لتعثر على أي أثرٍ للماء هناك لكن لم تعثر على شيء.
أخذ إسماعيل يبكي من شدة العطش، فهو ما زال رضيعاً لا يدرك ما يحدث حوله، نظرت إليه أمه بعجزٍ فهي لا تعلم ما تصنع لتروي ظمأ صغيرها، لكنها أصرت في نفسها بأنه لا بدّ أن تفعل أمراً ما، ولا بد بأنّ هناك عين ماءٍ قريبة من المكان، فقامت لتبحث بإصرار عن قطرة ماء باتجاه الصفا لكن الخوف يتملكها على صغيرها خوفاً من أن يقوم بافتراسه حيوان يمر من المكان، لتعود مسرعة وتجد بأن طفلها كان يصرخ ويبكي، وهكذا كان يتراءى لها سراب ماء فتذهب مسرعة الخطى نحوه وتعود مجدداً للاطمئنان عن ولدها.
كانت الرمال تتطاير تحت قدميها وهي تركض مسرعةً تلاحق السراب، لتوقن بأنّه مجرد سراب، وفجأة انقطع عنها بكاء إسماعيل فعادت مسرعةً لتجد أنه ما زال يبكي، وهكذا أخذت هاجر تعدو بين الصفا والمروة لاهثةً تبحث عن الماء، يتملكها الرعب من أن تفقد صغيرها بسبب الظمأ، وأخذت تردد سيموت من العطش، ونظرت إلى السماء وأخذت تنادي : يا رب!
انقطع بكاء إسماعيل فظنت بأنه مات لتعود مسرعةً وتجد بأنه يُحرّك أطرافه بهدوءٍ كما لو أنه يلهو بالماء، اقتربت منه لتجد بأن عين ماءٍ قد انفجرت تحت قدميه الصغيرتين، نظرت هاجر إلى السماء وهي تبكي، وتحمد الله أن استجاب لدعوتها، وقامت بصنع حوضٍ حول الماء المتدفق ليصبح فيما بعد بئر زمزم.