نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
محمد -عليه الصلاة والسلام-
بدأ عداء الرسول محمد عليه الصلاة والسلام منذ بداية بعثه كرسول لهذه الأمة، حيث حاربه أهله، وأقرب الناس إليه، وعشيرته، فحاروبه بكل ما أوتوا من قوة، وسلاح، وذاق منهم أشد أنواع الخصومة، والعداوة، فلم يتركه عمّه أبو لهب وشأنه، وكان يتبعه أثناء دعوته للناس، ويجمع الناس من حوله، ويتهمه بالكذب، ثم اتهمته قريش بأنه شاعر، وكاهن، وساحر، وبعدها جاءت المقاطعة العامة، حيث عاش مع عشيرته وأتباعه ثلاث سنوات من الفقر والجوع، ثم بعد ذلك وبعد أن ضاق الأمر ذرعاً لدى قريش أجمعوا على قتله -عليه الصلاة والسلام-، وذلك في اليوم الذي هاجر به إلى المدينة المنورة، إلا أن محاولتهم باءت بالفشل، وجاءه النصر الرباني.
ورغم ذلك كله إلا إن اجتماع المسلمين من حول الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ونصرتهم له بمالهم، وأرواحهم، كان لها الأثر العظيم لدى الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ثم بالنتيجة انتشار الإسلام، والفتح العظيم بمشيئة الله رب العالمين، على يده عليه الصلاة والسلام، ونحن الآن، وحال المسلمين من الفرقة والشتات، وقد زادت عداوة الناس من حولنا لنا، وللرسول -عليه الصلاة والسلام-، فكيف تكون نصرته عليه الصلاة والسلام؟
نصرة الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام-
إن الحال التي وصل إليها المسلمون في عصرنا هذا من تفرّق الكلمة، وتفكك الصفوف، والخلاف في العقيدة، أدى إلى ضعفهم، وهوانهم على الناس الذين لا ينتمون إلى الإسلام، وبالتالي جرأتهم على الدين الإسلام، وعلى صاحب رسالته الرسول محمد -عليه الصلاة والسلام-، فهناك حِراك مُنظم، ومُمنهج، لتكذيب الرسول، وتكذيب رسالته، ومحاولة إبطال الإسلام من أساسه، وبأن محمد -صلى الله عليه والسلام-، ليس نبياً مُرسلاً من الله عز وجل، وبأنه مُجرد رجل عادي، جمّع العبيد والفقراء من حوله، بالخديعة والكذب، ولهذا كان لابد من تكثيف جهود المسلمين في نصرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- من خلال ما يلي.
دور علماء الدين
إن ثاني مصدر من مصادر الشريعة الإسلامية هو سنة النبي عليه الصلاة والسلام، أي ما ورد عنه من قول، أو فعل، أو تقرير، وهنا جاء دور علماء المسلمين، في محاولة التفريق بين الأحاديث الصحيحة والأحاديث الضعيفة والأحاديث الموضوعة، فبعد أن اتسعت رقعة الإسلام، وانتشر في معظم أرجاء العالم، بدأ التحريف في أحاديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-، بتغييرها، وتبديلها، أو حتى باختلاق الأقوال وتلفيقها للرسول -عليه الصلاة والسلام-، والتي تُعد أحاديث موضوعة، لا تمت للإسلام بأي صلة.
وهنا جاء دور أعداء الإسلام، الذين يحاولون تشويه صورة الرسول -عليه الصلاة والسلام- من خلال تلك الأحاديث الموضوعة، التي لا تمت لا للإسلام، ولا للمنطق بصلة، حيث يُروّجون بين المسلمين بأنها أحاديث صحيحة، ومحاولة تشويه سيرته العطرة، من خلال المواقف المكذوبة، التي لم تصدر عنه، إذاً فإنه عداءٌ فكري، لا تتم مكافحته إلا بتحكيم العقل، وتكثيف الجهود خاصة في أيامنا هذه، لكون عصرنا الحالي يشهد هذا الانفتاح الكبير على العالم، حيث انتشرت المواقع الإسلامية، والمواقع التي تدعي بأنها إسلامية، والتي من خلالها يتم الترويج للأحاديث والسير الموضوعة، والتي قد تؤثر تأثيراً سلبياً على المسلمين، وتُشوّه من صورة الإسلام، وصورة رسوله، فمن أراد أن يعرف عن الإسلام، وعن الرسول وحاول تصفح تلك المواقع، فلن يُقبل على الإسلام، وسيكرهه، لأنه ليس الدين الصحيح الذي أوصله إلينا الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
ومن هنا ومن هذا المنطلق كان لابد على علماء المسلمين أن يتكاتفوا، ويُوحّدوا كلمتهم، ويحاولوا ملاحقة تلك المواقع وتكذيبها، ومحاولة توجيه المسلمين لوجهة واحدة، وبيان الصورة الصحيحة للرسول -عليه الصلاة والسلام-، من خلال سيرته الصحيحة، وأحاديثه الصحيحة، ويكون ذلك من خلال وسيلة هذا العصر، وهي المواقع الإلكترونية، ووسائل التواصل الإجتماعي، وذلك كله بالنتيجة سيؤدي إلى نصرة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ببيانه على الحقيقته التي هو عليها، وبيان دعوته الصحيحة، وأحاديثه الصحيحة.
دور المسلمين
الجهود ليست موقوفة على علماء المسلمين فقط، بل يجب على جميع من ينتمي إلى رسالة الإسلام أن يعمل جاهداً على نصرة نبيّه -صلى الله عليه والسلام-، ويقتدي بأصحاب الرسول -عليه الصلاة والسلام-، حيث نصروه، وقد كذبته عشيرته، فقدموا له أرواحهم، وأموالهم، وضحوا بأهلهم، وعشيرتهم، فداءً له، وفداءً للإسلام، وابتغاء مرضاة الله عز وجل، وتكون النصرة من خلال طاعته، والتخلّق بأخلاقه، والاتصاف بصفاته، والسيْر على سنته، فلا يدعي أحد من المسلمين بأنه يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو لا يسير على سنته، ويكتفي بما جاء بالقرآن الكريم، ويقول أعمل بكلام الله وأكتفي، بل يجب أن يعلم بأن الله عز وجل قد أمرنا بطاعة الله وطاعة رسوله.
ثم تتمثل نصرة المسلمين للرسول عليه الصلاة والسلام من خلال محاولة التحري بشكل دقيق، وصحيح عن سيرته، وعما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-، وعدم الترويج لكل ما يتم سماعه، إلا بعد التأكد من صحته، فيجب أن يعلم المسلمون بأن هناك من يتصيّد أي خطأ يقع فيه المسلمون، ثم تتم تشويه صورة الرسول -عليه الصلاة والسلام- من خلاله، إذاً على كل مسلم أن يصحو، ويتنبّه جيداً لهذا العداء الموجه إلى الرسول الكريم بشخصه، ولرسالته بشكل عام، فهو عداء فكري يخاطب العقل قبل الجسد، وبالتالي فإن صلاح المسلمين، وسيرهم على الطريق المستقيم، واتباع سنة نبيهم الصحيحة، هي النصرة الحقيقية، والانعكاس الحقيقي، لصدق الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
دور الإعلام
مهما تكاتفت جهود علماء الدين، وجهود المسلمين، فإن ذلك التأثير الكبير لن يصل، ولن ينتشر إلا من خلال وسائل الإعلام، كالتلفاز، والصحافة، وغيرها، وهذا الأمر يقع على عاتق الدولة، فهي التي يجب أن تميز الأمور التي تنشرها للناس، صغيرهم، وشابهم، وكبيرهم، ومدى تأثيرها عليهم، كل حسب عمره، ولذلك فإن الدولة يجب أن تتنبه لمن يعمل في كوادر الإعلام لديها، وضرورة الكشف عن معتقداتهم، وأفكارهم، قبل أن يعملوا بالإعلام، ويبدأوا بعملهم، والبدء بتشويه صورة الرسول عليه الصلاة، فهم الأساس، وهم الأصل.
فكيف تتم النصرة، ومن حول المسلمين وبداخلهم، من يقوم بتشويه الصورة، فكيف لأصوات علماء الدين أن تصل وهناك بعض المخربين الذين يهدمون ما بناه غيرهم، ولا نُعمم فهناك من لا يقصد أن يُشوه صورة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنه قد يكون جاهلاً، ذو غفلة، فلابد من تنبيهه، بأن ما يمر من تحت يديه، وينشره للناس قد يؤدي إلى تشويه صورة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ونحن في أشد الحاجة في هذه الأيام لأن ننصره، ونؤيده، نظراً لما يلاقيه المسلمون من عداوة، وخصومة، وحروب فكرية، إذاً عندما تتكاتف الجهود لدى كافة وسائل الإعلام، وتبدأ بصد الهجمات العدائية ضد الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فإن ذلك سيكون انعكاساً لنصرته -عليه الصلاة والسلام-.