نبذه عن شرح خطبة الوداع
محمّد صلّى الله عليه وسلّم
منّ الله على البشرية جمعاء بأن أرسل لنا هادي البشر وأشرفهم وأطهرهم خُلقاً؛ الرسول الكريم محمّد صلّى الله عليه وسلّم، والذي تحمّل الكثير من المصاعب والمصائب في سبيل نشر دين الإسلام وهداية الناس لعبادة الله وحده لا شريك له، ولإرساء أهمّ دعائم المجتمع الإسلاميّ الحضاريّ، وقد أيّده الله سبحانه وتعالى بمعجزته الخالدة إلى يومنا هذا معجزة القرآن الكريم، ولكنّها ليست معجزته الوحيدة فإنّ حياته وميلاده ووفاته كلّها كانت دليلاً على صدق نبوّته، فما هو تاريخ ميلاده؟ وكيف عاش طفولته؟ هذا ما يطرحه هذا المقال.
تاريخ ميلاده -عليه السلام- وطفولته
في عام حادثة الفيل في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل، والذي يوافق العامّ الميلادي خمسمئة وواحد وسبعين في يوم الاثنين وُلد أشرف الخلق وخاتم الأنبياء والرسل، في شعب بني هاشم في مكّة المكرّمة، ولدته أمّه آمنة بنت وهب زوجة عبد الله بن عبد المطّلب، وقد كان هذا الطفل جميلاً الوجه ومشرقاً، عندما وُلد بشّرت به خادمة أبي لهب ثويبة الأسلميّة التي نقلت لسيّدها خبر ولادته، وحرّرها أبو لهب عمّ الرسول لهذا الخبر الجميل، وقد حمله أوّل من حمله عبد المطلّب، والذي ألهمه الله جلّ وعلا أن يسمّيه محمّداً.
توفّي والد الرسول صلّى الله عليه وسلّم قبل ولادته، فأخذ جدّه عبد المطلّب أمر رعايته وتربيته على عاتقه، والذي اعتنى به كلّ العناية، وأوكل أمر رضاعته لثويبة الأسلميّة في البادية خادمة أبي لهب، ثمّ تولّت رضاعته حليمة السعديّة، والتي عطفت عليه وربّته كابن من أبنائها، وذلك لأنّ أمّه آمنة كانت مريضة جدّاً، وقد عاش الرسول في بداية حياته في بادية بني سعد، عند مرضعته حليمة ليكمل العامين، وقد وجدت منه بركة سحريّة وعجيبة، حلّت عليها من تربية أشرف الخلق لديها، فامتلأ صدرها بالحليب وشبع صغارها، حتى ماشيتها شبعت، وبقي لديها حتى الخامسة من عمره.
وفي الرابعة من عمر الرسول حدثت حادثة شقّ صدره، حيث كان الرسول يلعب مع أحد إخوته في الرضاعة، وجاء رجلان وشقّا صدره بينما كان أخوه يراقب ما حدث، وذهب ليخبر أمّه بالأمر، فأخذته حليمة إلى أمّه آمنة لتخبرها بما حدث، فقالت لها أنّها تدرك أنّ محمّداً سيكون ذا شأن عظيم ذات يوم، فقد حلمت يوم حمله به بأنّ نوراً خرج منها، وأضاء قصور الشام كلّها، وأخبرتها أيضاً أنّ هذين الرجلين ما هما إلا ملكين غسّلا قلب الرسول، وطهّراه من كلّ حقد وضغينة ومعصية.
عاش الرسول في سنّ الخامسة من عمره في أحضان أمّه آمنة، وفي سنّ السادسة توفّيت أمّه في قرية الأبواء ما بين المدينة ومكّة، فاعتنى به جدّه عبد المطلب، والذي حزن عليه لوفاة والديه ويتمه، وقدّمه على كلّ أولاده، وظلّ يعيش في كنفه حتى عمر الثمانية، وتوفيّ جدّه ليكفله عمّه أبو طالب، والذي توفيّ قبل هجرة الرسول بثلاثة أعوام فقط بالعام نفسه الذي توفّيت فيه زوجة الرسول التي أحبّها بصدق خديجة رضي الله عنها، ليطلق عليه عام الحزن.
ولو اطّلعنا أكثر على سيرة الرسول في طفولته، لوجدناها مليئة بالأحزان التي تركت أثراً بالغاً في قلبه، وقد يكون هذا كلّه لحكمة إلهيّة لإعداد هذا الرسول الكريم ليكون حامل هدي البشريّة جميعها.