مواعظ وحكم معاذ بن جبل
معاذ بن جبل بن عمر بن أوس ، هو من قبيلة الأنصار وهو من أشهر الصحابة ومن أئمة الفقه في الإسلام ومن الصحابة الذين شاركوا في غزوة بدر .
كان كثير الحرص على التمييز بين الحلال والحرام في كل أمور حياته حتى قال عنه الرسول(أنه أعلم أمتي بالحلال والحرام).
كان تقياً عابداً ورعاً زاهداً قانتاً شديد الخوف من الله سبحانه و تعالى ، وعرف بشدة العدل بين زوجتيه ، وأشتهر بشدة الكرم والسخاء ، له الكثير من المواعظ والوصايا التي تعلمها بحكم ملازمته الشديدة للرسول – صلى الله عليه و سلم – ونقل هذه التعاليم والمواعظ للمسلمين بكل دقة وأمانة ومسؤولية ، أثنى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً حتى أنه شبهه بسيدنا إبراهيم عليه السلام وقال عنه أنه حنيفاً.
دفن الصحابي الجليل معاذ بن جبل في الأردن ، حيث توفي في مرض الطاعون وكان يبلغ من العمر ثماني وثلاثون سنة.
لقد ترك لنا معاذ بن جبل رضي الله عنه ثروة من المواعظ والحكم والدروس التربوية التي تهذب النفس وتصقل الطبع وتغذي الروح نسوق لك عزيزي القارئ بعضاً منها
حضه على طلب العلم
روى أبو نعيم في الحلية عن معاذ بن جبل أنه قال
” تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ ، فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ ، وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ ، وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ ، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ ، وَبَذْلَهُ لأَهْلِهِ قُرْبَةٌ ، لأَنَّهُ مَعَالِمُ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ ، وَمَنَارُ سَبِيلِ الْجَنَّةِ ، وَالأُنْسُ فِي الْوَحْدَةِ ، وَالْمُحَدِّثُ فِي الْخَلْوَةِ ، وَالصَّاحِبُ فِي الْعُزْلَةِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ، وَالسِّلاحُ عَلَى الأَعْدَاءِ ، وَالزَّيْنُ عِنْدَ الأَخِلَّاءِ ، وَالْقَرِيبُ عِنْدَ الْغُرَبَاءِ ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَامًا فَيَجْعَلُهُمْ فِي الْخَيْرِ قَادَةً ، وَهُدَاةً يُهْتَدَى بِهِمْ ، وَأَئِمَّةً فِي الْخَيْرِ تُقْتَصُّ آثَارُهُمْ ، وَتُرْمَقُ أَعْمَالُهُمْ ، وَيُقْتَدَى بِفِعَالِهِمْ ، وَيُنْتَهَى إِلَى رَأْيِهِمْ ، تَرْغَبُ الْمَلائِكَةُ فِي خِلَّتِهِمْ ، وَبِأَجْنِحَتِهَا تَمْسَحُهُمْ ، وَفِي صَلاتِهَا تَسْتَغْفِرُ لَهُمْ ، حَتَّى حِيتَانِ الْبَحْرِ وَهَوَامِّهِ ، وَسِبَاعِ الْبَرِّ وَأَنْعَامِهِ ، وَالسَّمَاءِ وَنُجُومِهَا ، لأَنَّ الْعِلْمَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْعَمَى ، وَنُورُ الأَبْصَارِ مِنَ الظُّلَمِ ، وَقُوَّةُ الأَبْدَانِ مِنَ الضَّعْفِ ، يَبْلُغُ بِالْعَبْدِ مَنَازِلَ الأَبْرَارِ ، وَمَجَالِسَ الْمُلُوكِ ، وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَالْفِكْرَةُ فِيهِ تُعْدَلُ بِالصِّيَامِ ، وَمُدَارَسَتُهُ بِالْقِيَامِ ، وَبِهِ يُطَاعُ وَيُعْبَدُ ، وَبِهِ يُعْمَلُ وَيُحْفَدُ ، وَبِهِ يُتَوَرَّعُ وَيُؤْجَرُ ، وَبِهِ تُوصَلُ الأَرْحَامُ ، وَيُعْرَفُ الْحَلالُ مِنَ الْحَرَامِ ، إِمَامُ الْعَمَلِ وَالْعَمَلُ ، قَالَ : تَابِعُهُ ، يُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ ، وَيُحْرَمُهُ الأَشْقِيَاءُ
قرن العلم بالعمل
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه (اعلموا ما شئتم أن تعلموا ، فلن يؤجركم الله بعلم حتى تعملوا)
التحذير من اليأس والبدع
عن أبي إدريس الخولاني أن معاذ بن جبل قال إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والعبد والحر فيوشك قائل أن يقول ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة وأحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم وقد يقول المنافق كلمة الحق قال قلت لمعاذ ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق قال بلى اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه ولا يثنينك ذلك عنه فإنه لعله أن يراجع وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا
حضه على التوبة
لما مات أبو عبيدة في طاعون عمواس واستخلف معاذ بن جبل ليصلي بالناس ويقود الجيش ، وقف معاذ بن جبل فقال : يا أيها الناس: توبوا إلى الله من ذنوبكم، فأيما عبد يلقى الله تعالى تائباً من ذنبه إلا كان على الله حقا أن يغفر له، من كان عليه دين فليقضه، فإن العبد مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجراً أخاه فليلقه فليصالحه، ولا ينبغي لمسلم أن يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام، أيها المسلمون قد فجعتم برجل ما أزعم أني رأيت عبداً أبر صدراً ولا أبعد من الغائلة ولا أشد حباً للعامة ولا أنصح منه، فترحموا عليه واحضروا الصلاة عليه
تحذيره من خلال السوء
عن عبدالله بن رافع قال : لما أصيب أبو عبيدة في طاعون عمواس استخلف على الناس معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فوقف في الناس خطيباً فكان مما قاله:
أيها الناس أربع خلال من استطاع منكم أن لا يدركه شيء منها فلا يدركه شيء منها، قالوا وما هن قال يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر، ويقول الرجل والله لا أدري علام أنا؟ لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة، ويعطى الرجل من المال مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله