من هو الذي لقبه الرسول بالطيب المطيب
الصحابة
بعث الله عز وجل رسله وأنبياءه لهداية البشر إلى الصراط المستقيم، بدءاً من سيدنا آدم وختاماً بسيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث ختم الله به الرسالات، فهو صفوة الخلق وحبيب الحق، اختاره من بين جميع الخلائق واصطفاه، واختار له صحبه الكرام، أفضل الخلق بعد الأنبياء، فالتفوا حوله ودافعوا عنه، وفدوه بالروح والمال والولد رضوان الله عليهم أجمعين.
سطروا أروع ملاحم البطولة، حملوا الدين ونشروه في أصقاع الأرض، حتى وصلنا كما نزل دون زيادة أو نقصان، هم قدوتنا بعد الرسل والأنبياء، ولو أنفق أحدنا ملء جبل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم أو نصفه، كما قال عنهم رسولنا الكريم، وكل واحد منهم له مكانته الخاصة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهنيئاً لهم اختيار الله تعالى لهم وصحبتهم نبينا صلى الله عليه وسلم، ومنهم سيدنا عمار بن ياسر.
عمار بن ياسر الطيب المطيب
عمار بن ياسر من السابقين إلى الإسلام هو وأبوه وأمه سمية، فلاقوا بعد إسلامهم أبشع أصناف العذاب وأشده، ومع هذا فقد صبروا وتحملوا فكله في سبيل الله.
ذهب عمار لدار الأرقم ليسمع كلام النبي حيث كان رسول الله يجتمع بالمؤمنين سراً يعلمهم دينهم، فوجد عند الباب صهيباً، فدخلا معاً وسمعا كلام النبي وآيات من القرآن الكريم، فشعر عمار بالإيمان يتغلغل في داخله، فعرض عليهما النبي الإسلام فأسلما دونما تردد.
بعد إسلامه لاقى ووالديه أشد العذاب على يد الكفار ولا سيما أبو جهل، وكلما مرّ النبي ورآهم يذوقون أصناف العذاب، قال لهم: صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة، وفي أحد الأيام طلب أبو جهل من سمية ذكر آلهته بخير وشتم النبي، فرفضت وبصقت عليه، فغضب غضباً شديداً وجاء بحربة وأدخلها في بطنها، فكانت أول شهيدة في الإسلام.
ما لبث أن لحق بها زوجها، وبقي عمار يُعذب، إلى أن غاب يوماً عن وعيه لشدة العذاب فذكر آلهتهم بخير وسب النبي، فخلوا سبيله وتركوه، فجاء إلى النبي وذكر له ما حدث، فطلب منه الرسول إن عادوا لتعذيبه أن يفعل الشيء ذاته، وذلك لأن قلبه مطمئن بالإيمان وإنما فعل ذلك مكرهاً.
استأذن عمار بن ياسر للدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: من هذا؟ فقيل له: عمار بن ياسر، فقال: ائذَنُوا له، فلما دخل قال: مرحبًا بالطَّيِّبِ المُطيَّبِ، وقد مدحه الرسول وذكر العديد من مناقبه العظيمة.
قُتل عمار بن ياسر في موقعة صفين حيث دارت رحى الحرب بين جيشي علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وكان في الرابعة والتسعين من عمره، فرضي الله عنه وأرضاه، وجمعنا به وبنبينا وصحبه الأخيار في الفردوس الأعلى.