من اشعار شهريار
شعرشهریار
كان ياما كان في سالف العصر والأوان ، أخوان ملكان ، أحدهما الأكبر اسمه شهريار ، والثاني صغير واسمه شاه زمان ، وحكما بلادهما بالعدل كل في مملكته لمدة 20 سنة ، فبطول هذه المدة شعر شهريار بالشوق لأخيه الأصغر شاه زمان ، فأمر وزيره أن يذهب لأخيه ليخبره أن شهريار قد عزم المجيء عنده ، وتجهز شهريار للسفر وأوكل وزيره حاكماً عنه في بلاده ، وبعدها خرج في رحلته فلما خيم عليه الليل تذكر أمراً قد نسيه في القصر ، فعاد أدراجه فوجد زوجته راقدة في فراشه ومعها عبد أسود من عبيده ، فلم ينتظر لحظة واحدة وقال في نفسه إذا كان هذا الأمر قد حصل وأنا لم أغادر أدراج المدينة ، فكيف هي الحال إذا أقمت عند أخي في بلاده مدة ، ولم يكن منه إلا أن سل سيفه واقتص منهما الإثنان وذبحهما وخرج في ساعته إلى مملكة أخيه ، ورقد عنده بعض يوم وقد بانت عليه ملامح الحزن ، فسأله أخوه شاه زمان الخروج معه إلى الصيد في الصباح الباكر لعله يخفف عنه هذه الملامح ، فاعتذر شهريار منه ولكنه لم يفصح له ما بدر من زوجته مع ذلك العبد . فعندما خرج أخوه إلى الصيد أخذ شهريار يجوب في أنحاء القصر وينظر إلى جماله ، فرأى في القصر شبابيك كبيرة تطل على بستان القصر وعاين زوجة أخيه من خلال هذه الشبابيك ، فرآها تخرج من باب القصر إلى البستان عشرون جارية وعشرون عبداً ، وقد كانت في غاية الحسن ، فخلع الجميع ثيابهم بما فيهم زوجة أخيه ، فنادت أحد العبيد فرد عليها بالسمع والطاعة ، فأخذا يتعانقا حتى واقعها ، وكذلك فعلوا بقية العبيد معها ومع باقي الجواري ، فبقوا على ذلك الحال وهو ياقبهم ويتذكر ماحصل من زوجته ، فهانت عليه مصيبته أمام مصيبة أخيه. وبعد أن عاد أخيه من الصيد رآى شهريار قد رد له لونه وتحسنت صحته أيضاً ، فألح بسؤاله عن سبب السوء الذي كان يرافقه في أول قدومه ، وعما جعل ذلك السوء يختفي ، فقال له لا أقول لك إلا بأن تعطيني الأمان ، فأعطاه ، فقال له أن سبب ما كان فيه من سوء هو ما رآه من زوجته مع العبد الأسود ، وأما ما رد صحته له هو ما رآه من زوجة أخيه فهانت عليه مصيبته أمام مصيبة أخه. لم يصدق شاه زمان الأمر فقال له أنه يريد أن يبصر بعينه ، فاتفقا على أن الملك شاه زمان يريد الخروج في رحلة صيد أخرى ، وبدل ذلك يختبئ عند أخيه ليتأكد من كلامه ، ففعل ذلك ، فحينما شد الرحال إلى الصيد _كما أشهر_ وما أن تدارك المدينة بقليل أمر جنده بنصب الخيام للتخييم ، ففقعلوا ، فأمرهم بأن لا يدخل عليه أحد لأي سبب كان ، فأغلق على نفسه الخيمة وتنكر وعاد إلى قصره واختبئ عند أخيه ، وجلسا على الشباك المطل على البستان ساعة من الزمن ، فإذ بالجواري وسيدتهم والعبيد يخرجون إلى البستان وفعلوا كما روى له أخوه ، فلم يبقى في رأسه عقل ، فقاما ليافرا في البلدان ليتبينا أن ما حدث معهما حدث لغيرهما من الملوك أم لا ، وخرجا من باب سري في القصر ، ولم يزالا مسافرين حتى شاهدا من عجائب الدنيا ما لا يذكر من إنس وجن ، فعادا أدراجهما كل في حكمه ، فاشتد الشوق في شهريار لأن يتزوج ، فتزوج فتاة ذات حسن وجمال لكنه في الصباح استيقظ وقطع رأسها ، فدب الرعب في نفوس شعبه ، فتوالى على ذلك الأمر ، فكلما تزوج إمرأة يقطع رأسها عند الصباح خوفاً من أن تفعل به ما فعلت زوجته الأولى ، وأخيراً لم يبق أحد يجرؤ على عرض ابنته لتزوج الملك شهريار إلا فتاة تدعى شهرزاد ، وقد كانت جميلة الخد ، أسيلة القد ، ذات علم سابح في الآفاق ، وكلام ترخى له الأعناق ، آسرة في كلامها كل أصحاب المجالس ، ليس في عصرها فتاة مثلها تؤانس ، فعرضت نفسها لزواج الملك شهريار ، فبكى أهلها عليها وعلى مصيرها في هذا الزواج ، فما أن تزوجها الملك إذ أنه تعلق بها لما روته له من قصة من قصص غرائب وعجائب الأرض ، فقال لها والله لإن رويتِ لي قصة أجمل منها في ليلة الغد فإني سأبقيك على قيد الحياة ، فاستمرت شهرزات في رواية هذه القصص في كل ليلة لمد ألف ليلة وليلة ، فما أن انتهت تلك الفترة وأراد الملك أن يفعل بها كالسابقات فتفكر أنهما أصبحا والدين لثلاثة أبناء دون أن يدرك ذلك من جمال فقصصها التي أسرت عقله وفؤاده … وأخيراً أدرك شهريار الصباح فسكتت عن الكلام المباح… أبيات من شعر نزار قباني بعنوان (وعاد شهريار):
وعادَ شهْريارُ بعْدَ الســـــفرْ يزورُ شوقاً شــــــرفاتِ القمرْ يقبّلُ الأنــــــوارَ فى خدرِها يَسـْـــــألُ عن غرامهِ المُنتظرْ يحــــادثُ الليلَ …وفى رقــةٍ يحضنُ نورَ البدرِ تحتَ المطرْ يطوفُ حولَ عتباتِ الهــــوى يبحثُ بين ردهاتِ القــــــدرْ فالعشـــــقُ نورٌ فى حياة الفتى لا كانت العينُ بدونالنظـــــرْ