معجزة سيدنا يحيى
يحيى بن زكريا وهو على قرابة من نبي الله المسيح – عليهم السلام- جميعاً، فزكريا هو من كفل مريم قبل ولادة المسيح، وهو نبي عظيم من أنبياء الله تعالى، ورد ذكره في القرآن الكريم باسم النبي يحيى وعرفه المسيحيون باسم يوحنا المعمدان وهو الذي عمد المسيح –عليه السلام-، حيث كان يعمد الناس لتخليصهم من خطاياهم لذلك سمي بالمعمدان، وهو الصوت الصارخ في البرة المؤسس لحقبة جديدة ستشع في العالم أجمع وهي حقبة المسيح –عليهما السلام-.
لم يكن النبي زكريا قادراً على الإنجاب بسبب زوجته العاقر، فابتهل إلى الله تعالى وتوسل إليه أن يرزقه بصبي يعينه على الكبر، فاستجاب الله تعالى فوراً لدعائه، فهو النبي الكريم والعبد الصالح الذي لا يرد الله له دعاءً مهما كان، ورزقه يحيى في معجزة خالدة، فولادته هي معجزة لنبي الله زكريا.
لم يأت جميع الأنبياء بمعجزات مادية، ليبهروا بها أقوامهم، فمنهم من لم يأت إلا للتذكير بما جاء من قبله من شرائع على أيدي أنبياء سبقوه، فلاقوا الويلات وذاقوا ما لم يذقه أحد من العالمين، فليس من شئ قليل كان الأنبياء أعظم البشر على الإطلاق، فهم منبع الحرية ومصدرها، فالإنسان الذي لا يتلقى أوامره إلا من الله تعالى هو قطعاً إنسان حر، فهو حر من القيود المجتمعية البائسة والعادات الدنيئة، وهو حر من سيطرة الناس عليه وهو حر من مواجعه الأنطولوجية والميتافيزيقية، أما بالنسبة للأخير فلا يستطيع البشري ان يتحرر منها إلا بعد صبر ومعاناة سعياً وراء الحقيقة التي لا يحوزها إلا الله عز وجل، فالتفكير والتأمل هما السبيل إلا ذلك،، وهذا ما دفع يحيى العظيم ذو العقلية الجبارة التي لا نظير لها إلا السعي في برية شرق الأردن بحثاً عن الحق وعبادة لله، وهو ما دفع أباه إبراهيم إلا ذلك قبل نزول الوحي عليه، وهو أيضاً ما دفع موسى المخلص إلى ذلك أيضاً في رحلة عجيبة إلى الجبل وكانت ثمرتها أن هداه ربه إلى الوصايا العشر، التي فيها خلاص البشرية إن طبقتها، وهو ما دفع الرسول الأعظم المحمد إلى اعتزال أهله لليال طويلة والمكوث في غار حراء وتوج هذا الجهد الجبار بنزل الوحي بإقرأ التي كانت بمثابة علان عالمي لنهاية عصر الشتات والضلال، وبداية عصر التنوير والهدى.
ولكن يحيى لم يسلم من المكائد والدسائس، فقضى –عليه الصلاة والسلام- على يد البغاة الظلمة، ولا أدري إن كانت كلمة شهيد تفيه حقه الذي لا تستطيع كل كلمات العالم أن تفيه إياه.