معجزات الانبياء والرسل
النبي هو من أنبأ وأخبر عن الله تعالى واهتدى به قومه، والرسول هو صاحب الرسالة والخبر، فليس كل رسول نبي. وعدد الأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر في علمه وحده ذكر بعضهم في القرآن الكريم. منهم اولي العزم، وهم الذين نالوا الكثير من الأذى من أقوامهم وصبروا بشدة وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -عليهم أفضل الصلاة والسلام-. ولكل نبي معجزة تصدقه وتظهر صدق نبوته وإرساله للناس من الله تعالى.
والمعجزة هي أمر خارق للعادة تكون من نفس النوع الذي برع به قوم النبي، وهي تعجز الآخرين عن الإتيان بمثلها ، وتدل على صدق النبي ورسالته عن ربه ، وعلى الناس اتباعه ؛ فتعددت المعجزات واختلفت لتتناسب الأقوام ؛ فقوم سيدنا عيسى -عليه الصلاة والسلام- اشتهروا بالطب وأتقنوه فكانت معجزته التي أيده الله تعالى بها وأجراها على يديه هي إحياء الموتى وإبراء الأبرص والاعمى . وكذلك إنزال مائدة من السماء كما طلبوا منه ، وكذلك كان يعمل تماثيل من الطين ثم ينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله تعالى، وتكليمهم في مهده كلها معجزات تؤكد صدق نبوته فلا أحد منهم استطاع المجيء بمثلها .
أما سيدنا موسى – عليه السلام – فكانت معجزته تحويل العصا إلى حية كبرى، وادخال يده في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء آية لقومه، وذاك لإشتهارهم بالسحر وخداع أعين الناس، فلما رأى السحرة معجزته آمنوا به، فهم يميزون السحر عن الحقيقة.
أما سيدنا صالح -عليه الصلاة والسلام- فكانت معجزته الناقة التي تخرج من الصخر قال تعالى : ” وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ. مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ. لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا. بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ “.
أما معجزة ابراهيم – عليه السلام- فهي خروجه من النار سالماً عندما القاه فيها قومه ليحرقوه لانه حطم اصنامهم ، ودعاهم للايمان بالله تعالى، وترك عبادة الاصنام. قال تعالى :” قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم” .
أما معجزات سليمان -عليه الصلاة والسلام- علمه وفهمه للغة الحيوانات والطيور؛ كالهدهد والنمل، وتسخير الريح والجن والانس جنود له . واعطاه الله تعالى ملكاً لم يعطه لاحد بعده، وغيرها من المعجزات.
أما سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- فمعجزاته تعددت وكثرت وأهمها اعجاز القرآن الكريم وبلاغته، فقد وصف قومه بالبلاغة وإتقان اللغة العربية فكان على لسان النبي – صلى الله عليه وسلم- القرآن العظيم المليء بالاعجاز اللغوي والبياني والعلمي والغيبي. قال تعالى:” إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ” فما أتى به محمد أبهرهم فلم يكن شعراً فهم يعرفون الشعر تماماً، ولم يكن كاهناً وعرافاً، فهم يعرفون الكهنة والعرافيين من بينهم ، ويميزون كلامهم ، وليس بسحر فقد ادركوا ان كلامه ما اتى به احد من قبله ، وقد أعجبهم بشدة ؛ فمنهم من آمن به ومنهم من كفر. وقد تكفل الله تعالى بحفظه الى يوم القيامة قائلاً:” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ” . وسماعه – عليه السلام- لأهل القبور ومعجزة انشقاق القمر – أيضاً – ومخاطبته لقتلى أحد ، وحنين جذع النخلة حينما تركها، وإهتزاز جبل احد حينما وقف عليه يوماً، وينوع الماء من بين أصابعه، وكذلك إضاءة المدينة المنورة لموته، وظلامها لموته، ونزول المطر مباشرة بعد استسقائه، والإسراء والمعراج من معجزات النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – واخباره عن أمور وقعت في الماضي، وستقع في المستقبل ، وغيرها الكثير من معجزاته . وقد عجز الخلق أن يأتوا بمثل القرآن الكريم ولا حتى بآيه واحدة .
هناك فرق بين المعجزة والكرامة؛ فالمعجزة خاصة بالرسل والانبياء. أما الكرامة فهي خاصة بأولياء الله تعالى الصالحين، كرمهم الله بها للدلالة على صحة الطريقة التي يتبعونها . إن المعجزات تبين قدرة الله عز و جل ولا تضاهيها قدرة احد . والمعجزة تزيد الرسل تأييدنا وتطمئنهم، وتزيد إيمان الناس واقتناعهم بنبيهم وبربهم خالقهم، وكذلك المعجزة تكون حجة الله تعالى على خلقه فلو لم تأتهم البينات والادلة لكان حجتهم يوم القيامة بكفرهم أنهم لم يأتهم البلاغ من ربهم، لذا فمن عدل الله تعالى ورحمته ارسال الرسل والانبياء بأدلة وبراهين ومعجزات للناس، ومن ثم يختارون الإيمان بهم أو الكفر ولهم الخيار وعلى الله تعالى الحساب والجزاء .