متى كانت هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم
إذا اشتدّت صُعوبة الحياة وضاقت بأهلها بحثوا عن المخرج وتحوّلوا عن ديارهم إلى ديارٍ غيرها يقصدونَ الفرَج وسعة الحياة، وقد تضيق الدّنيا بأحدنا فيخرج في الأرض إمّا طلباً للرزق إذا كانَ مُضيّقاً عليه فيها، أو لطلب العِلم إن كانت الديار تعزف عن إكرام أهل العلم ورِفادتهم، أو طلباً للعفّة وصلاح الدّين في بلادٍ مَجَنَ أهلُها واتّخذوا الفُسوقَ عنواناً والرذيلةَ سِربالاً، وما هِجرة النبيّ مُحمّد صلّى الله عليهِ وسلّم إلّا مِثالاً على ترك الأوطان وهجرها من أجل الدّين وحِفظ العقيدة وسلامة الناس.
دوافع الهجرة النبويّة
اشتدّ أذى المُشركين وكُفّار مكّة وهُم أهل الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم عليهِ وعلى أصحابه، فكانوا يقفونَ في وجه الدعوة الإسلاميّة، ويصدّونَ عن سبيل الله من آمن بالتنكيل والتعذيب وبالتغريب الفكريّ، وبنشر الشائعات حولَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأنّه يتقوّل أساطيراً ويؤدّي سحراً يفتن بين الناس إلى غير ذلك من الدعاوى والإفتراءات التي أملتها عليهم شياطينهم وزادت عليها بشريّتهم المُتردّية، ويوماً ما أرادوا أمراً جامعاً حينَ اجتمعوا في دار الندوة وفيها من كبار طواغيت قُريش، وكانَ الشيطان الرجيم يشهد معهم المؤامرة الآثمة على قتل أطهر رجل عرفتهُ البشريّة، فقد أجمعوا أمرهم على قتل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حينَ يخرج من داره، فأوحى الله لهُ مكرهم، ومكروا مكراً ومكرَ الله فكانَ أن أبقى الرسول عليه الصلاة والسلام في فراشه في بيته ابن عمّه علي بن أبي طالب بدلاً عنه، وانطلق صلّى الله عليه وسلّم من أمام كُفّار مكّة وهُم لا يرونهُ خارجاً من بيته يُريد الهجرة في سبيل الله إلى يثرب.
متى كانت هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم
كانت هجرة المُصطفى صلّى الله عليه وسلّم ومعهُ صاحبهُ أبو بكرٍ الصديق رضيَ الله عنه من مكّة المُكرّمة باتجاه المدينة المنوّرة؛ حيث خرجوا -كما تمّ تقدير هذا الخروج فلكيّاً- في يوم الخميس الموافق 27 من شهر صفر في السنة الأولى للهجرة، وهوَ يوافق في السنة الميلاديّة التاسع من أيلول من العام 622 ميلادية، وعند خروجه صلّى الله عليه وسلّم من مكّة المُكرّمة ذهَبَ قاصداً غورَ ثور حتّى يخرجَ من أثر من يتبعهُ من كفّار مكّة، ثُمّ يواصل مسيرهُ بعد أن ينقطعوا عنه، فمكَثَ في غار ثور لمدّة ثلاثة أيّام حتّى انقطع الطلَب، ووصلَ صلّى الله عليه وسلّم إلى يثرب الّتي أصبحت تُدعى بالمدينة المنوّرة، أو دار الهجرة في يوم الإثنين الموافق التاسع من شهر ربيع الأوّل للعام الأول الهجري، وهوَ يُوافق في السنة الميلاديّة العشرين من شهر أيلول من نفس العام 622 ميلاديّة، وقد تمّ اعتماد هذا العام كبداية تقويمٍ إسلاميٍ جديد في عهد الخليفة عُمر بن الخطّاب رضيَ الله عنه.