ما يعرب بعلامات مقدره , الإعراب الظاهر والإعراب المقدر
الكلمات من حيث ظهور علامات الإعراب عليها، وعدم ظهورها نوعان: نوع تظهر عليه العلامات وهو الكلمات صحيحة الآخر، مثل: محمد، ويلعب، ونوع لا تظهر عليه علامة الإعراب التي يقتضيها موقعها في الجملة، وهذا النوع من الإعراب يسمى: الإعراب بالعلامات المقدرة، والعلامات المقدرة قد تكون حركات، كما قد تكون حروفًا، كما يظهر من الأمثلة.
أسباب الإعراب بالعلامات المقدرة([1]):
للإعراب بالعلامات المقدرة أسباب ثلاثة هي:
1 – عدم صلاحية الحرف الأخير من الكلمة لتحمل علامة الإعراب.
2 – وجود حرف يقتضي حركة معينة تناسبه.
3 – وجود حرف زائد أو شبهه.
السبب الأول: عدم صلاحية الحرف الأخير من الكلمة لتحمل علامة الإعراب:
وذلك إذا كانت الكلمة منتهية بحرف من حروف العلة، وصار متعذرًا أو ثقيلًا أن يتقبل حركة الإعراب؛ لأن حركات الإعراب في الأساس، هي الضمة، والكسرة، والفتحة، وهذه الحركات – كما يقول اللغويون – أبعاض حروف المد، أي أن الضمة جزء من الواو، والفتحة جزء من الألف، والكسرة جزء من الياء.
والكلمات التي من هذا النوع يمكن ترتيبها على النحو التالي:
أ – الاسم المقصور. ب – الاسم المنقوص. جـ – الفعل المضارع المعتل الآخر.
* * *
أ – الاسم المقصور
وهو الاسم المعرب الذي في آخره ألف لازمة قبلها فتحة، مثل: بُشْرَى، وحُبْلَى، ورضوى، وموسى ، وعيسى، وخرج بقولنا: ما آخره ألف لازمة: ما كان آخره ألفًا مفتوحًا ما قبلها، ولكنها غير لازمة، مثل كلمة (أبا) في قولك: رأيت أبا عبد الله. فكلمة (أبا): مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف؛ لأنه من الأسماء الستة، وإذا ما رفعته جئت بالواو، فقلت: حضر أبو عبد الله، وإذا ما جررته جئت بالياء، فقلت: مررت بأبي عبد الله، فالألف فيه غير لازمة، لذا لم يكن مقصورًا؛ لأن المقصور لا تفارقه الألف في الرفع والنصب والجر.
الأمثلة: قوله تعالى: { قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ}[آل عمران: 73]، وقوله: { أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 5].
1- قل: فعل أمر مبني على السكون، والفاعل ضمير مستتر تقديره (أنت).
إن: حرف توكيد ونصب، مبني على الفتح، لا محل له من الإعراب.
الهدى: اسم (إنَّ) منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة، منع من ظهورها التعذّر.
هُدَى الله: هُدى: خبر (إنَّ) مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة منع من ظهورها التعذُّر، وهو (مضاف)، ولفظ الجلالة (الله): (مضاف إليه) مجرور، وعلامة جره الكسرة.
– وجملة: «إنَّ الهدى هدى الله» في محل نصب مفعول به (مقول القول).
2 – أولئك: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب.
على هدى: على: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب، هدى: اسم مجرور بعد على، وعلامة جره الكسرة المقدرة منعَ من ظهورها التعذر، وشبه الجملة متعلق بمحذوف خبر المبتدأ.
فكلمة (هدى) جاءت منصوبة ومرفوعة ومجرورة، ومع ذلك لم تظهر عليها علامات الإعراب، بل قُدِّرَتْ على آخرها.
سبب تسميته بالمقصور:
وإنما سمِّيَ بالمقصور بذلك؛ لأنه منع من المد، وقيل: لأنه قُصِرَ، أي: حُبِسَ عن ظهور حركاتِ الإعراب عليه.
لماذا تُقَدَّر الحركات الإعرابية في المقصور؟
تُقَدَّر الحَرَكَات الإعرابية الثلاث على ألف المقصور للتعذُّر، أي لاستحالة النطق بالحركة مع وجود الألف، تقول: جاء فتى، ورأيت فتى، ومررت بفتى.
قال ابن مالك:
وَسَمِّ مُعْتَلًّا مِنَ الْأَسْمَاءِ مَا
كَالمُصْطَفَى وَالمُرْتَقِي مَكَارِمَا
فَالْأَوَّلُ الْإِعْرَابُ فِيهِ قُدِّرَا
جَمِيعُهُ وَهْوَ الِّذِي قَدْ قُصِرَا
وإذا كان الاسم المقصور ممنوعًا من الصرف، فإنه لا ينوَّن، مع جره بالفتحة كما هو متبع، فنقول:
جاء موسى (فموسى): فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة، مَنَعَ من ظهورِهَا التَّعَذّر.
رأيت موسى، فكلمة (موسى): مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدَّرَةٌ مَنَعَ من ظهورها التعذر.
مررت بموسى، فكلمة (موسى): اسم مجرور، وعلامة جرِّهِ فتحة مقدرة مَنَعَ من ظهورها التعذر
* * *
ب- الاسم المنقوص
هو كل اسم معرب آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها، مثل: القاضي والساعي، فخرج بقولنا: (اسم) الأفعال، مثل: (يمشي)، والحروف، مثل: (في)، وخرج بقولنا: (معْرَب) الأسماء المبنية، مثل: (الذي)، وخرج بقولنا: (ياء لازمة) ما كانت ياؤه غير لازمة كـ: (ياء) المثنى وجمع المذكر السالم في حالتي النصب والجر، وياء الأسماء الستة في حالة الجر.
سبب التسمية بالمنقوص:
سمِّيَ منقوصًا لحذف لامه عند تنوينه؛ لأنه نقص فيه بعض حركات الإعراب، ولم يظهر على آخره إلا الفتحة([2]) علامة النصب، وتُقَدَّر الضمة والكسرة على الياء استثقالًا؛ لأن النطق بهما ممكن، لكن حذفتا لثقل النطق بهما مع هذه الياء.
تقول: جاء القاضي – ومررت بالقاضي.
في المثال الأول: كلمة (القاضي): وقعت فاعلًا مرفوعًا، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل.
وفي المثال الثاني: وقعت كلمة (القاضي): اسمًا مجرورًا بالباء، وعلامة جره الكسرة المقدرة، منع من ظهورها الثِّقَل.
مثال النصب: قول الله تعالى: { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ}[طه:108] فكلمة (الداعي): مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة للخفة.
وإذا نوِّنَ الاسم المنقوص حُذِفَت من آخره الياء لفظًا وخطًّا في حالتي الرفع والجر، وتقدَّر حركة الإعراب على الياء المحذوفة، تقول: جاء قاضٍ، ومررت بقاض، فكلمة (قاض) في المثال الأول: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة منع من ظهورها الثِّقَل.
وفي المثال الثاني كلمة (قاض): اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة المقدَّرة على الياء المحذوفة منع من ظهورها الثقل.
وتثبت الياء في حالة النصب، تقول: رأيت قاضيًا، فكلمة (قاضيًا): مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة للخفة.
فإذا كان المنقوص نكرة، حذفت ياؤه وعُوِّضَ عنها بتنوين يسمى تنوين العوض، وذلك في حالتي الرفع والجر فقط – كما ذكرنا -، تقول: جاء قاض، ومررت بقاض. أما في حالة النصب فينوَّن الاسم المنقوص مع بقاء الياء، تقول: رأيت قاضيًا.
حكم المنقوص الممنوع من الصرف:
وإذا كان الاسم المنقوص ممنوعًا من الصرف لكونه من صيغة منتهى الجموع، قُدِّرَت فيه علامة الرفع والجر، وحذف تنوين التنكير فيها، وحذفت الياء وعُوِّضَ عنها بتنوين العِوَض، وأظهرت علامة النصب.
مثال الرفع: (هذه جوارٍ): جوار: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة، منع من ظهورها الثِّقَل؛ لأنه ممنوع من الصرف.
مثال الجر: (مررت بجوارٍ): جوار: اسم مجرور، وعلامة جرِّه الفتحة المقدرة على الياء المحذوفة، منع من ظهورها الثقل؛ لأنه ممنوع من الصرف.
مثال النصب: (رأيت جواريَ)؛ جواري: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
قال ابن مالك:
وَالثَّانِي مَنْقُوصٌ، وَنَصْبُهُ ظَهَرْ
وَرَفْعُهُ يُنْوَى، كَذَا أَيْضًا يُجَرْ
قوله: رفْعُهُ يُنْوَى، أي: يُقَدَّر، وقوله: كذا أيضًا يُجَر، أي أن المنقوص حكمه في الجر مثله في الرفع، فيرفع بحركات مقدرة.