ما هي الفحوصات المخبرية الشاملة وما اهميتها
ينصح بشدّة إلى عمل فحوصات سنويّة لكشف أمراض الجسم المبكّرة وحتّى لاتؤدي إلى ظهور مضاعفات المرض. فكثير من الأمراض التى تصيب الجسم تبدأ عادة دون ظهور أعراض على الجسم. ولعل من القصص التي نستطيع أن نوردها الكثير فى هذا المجال. ففي مرّة جاءت إلينا فتاة فى العشرين من عمرها لعمل فحوصات روتينية وتم اكتشفات سرطان في الدّم وتم علاجه والآن هى تراجعنا فى المختبر بعدما تم شفاؤها من سرطان الدم.
ومرّة أخرى جاءت امرأة تعمل فحوصات روتينية وعندما عملنا لها فحص الثدي وجدنا كتلة حجمها واحد سم فتم أخذ عينة منها تحت التّخدير الموضعى فوجدت أنّها سرطان فى الثدي فتم استئصال الورم فقط مع الحفاظ على الثدي ولازالت الى الآن مع مرور 8 سنوات خالية من أيّة آثار لورم سرطانى. وقصّة ثالثة لبنت فى التاسعة عشر من عمرها جاءت بها أمها إلى المختبر لأنها تفقد وزنها بأكثر من المعدّل الطبيعي مع أنّ الفتاة قالت أنّها تعمل “رجيم” خاص ولكن بعد فحصها تبين لنا أنّها مصابة بالسّكري منذ مدّة طويلة نتيجة وجود كميّة عالية من HBA1c. . ومع العلاج بدأت الفتاة ترجع إلى صحتها المعتادة. من كل هذه القصص يتبيّن لنا أنّ كثير من الأمراض والأورام نستطيع أن نتوقّاها أو على الأقل أن نقلّل من أثرها إذا كانت عندنا العادة الحسنة فى عمل فحوصات روتينية شاملة.
الفحوصات الشاملة هى محموعة من الفحوصات التي تغرض إلى معرفة كفاءة وظائف الجسم الحيويّة. وإمكانيّة وجود أمراض سرطانيّة فى الدّم أو في باقي الأعضاء. أمّا تفاصيل الفحوصات فهي كالتالي:
أوّلاً: فحوصات البول إذا وجد سكر فى البول فهذا يكشف عن إمكانية وجود السكري، وإذا وجذ كيتونات فى البول مع السّكر : هذا قد يكون مؤشّر فى وجود السكري مع تغيّر حموضة الدّم (أى يكون السكري متقدّم ويحتاج لعلاج عاجل وإلا أدّى إلى الإغماء). وإذا كان هناك رمل (كريستال) فى البول قد تكون هذه مؤشر إلى وجود نوع معيّن من الحصى فمثلاً كريستال اليورك له شكل مختلف عن أحماض الكالسيوم أو الفوسفات.
ومن هذا الكريستال نستطيع عمل فحوصات أخرى للقضاء على الحصى فى بدايته. أمّا وجود النيترات فى البول فقد يدل على وجود التهابات بكتيرية حيث أنّ البكتيريا عندما تتكاثر تنتج النيترات. كما أنّنا نستطبع أن نكشف عن التهابات الكلى فى البول بوجود زيادة فى كريات الدّم البيضاء عن المعدّل الطبيعي فى البول.اذا زادت هذه الكرات البيضاء فهذا يدل على وجود التهابات ما في مجرى البول فعندها ننصح فى إجراء مزرعة بكتيريّة للبول لتبيّن نوع البكتيريا والمضادّات الحيويّة الحسّاسة لها. أمّا وجود دم في البول فقد يكون نتيجة وجو التهاب في البول أو نتيجة وجود رمل أو حصى فى مجرى البول أو نتيجة وجود تضخم في البروستاتا عند الرجال أو نتيجة وجود التهابات مزمنة غير بكتيريّة ووجود دم فى البول قد يكون نتيجة وجود التهابات مناعيّة للكلى وهذا يتطلّب سرعة فى التّشخيص حتى لاتتضرّر الكلى ونضطر إلى زراعة كلية جديدة. كما لاننسى أنّ وجود دم فى البول قد يكون مؤشّر إلى وجود خلايا سرطانيّة فى المسالك البولية. ففي هذه الحالة ينصح المريض بإجراء فحص مجهرى للخلايا فى البول.
أمّا وجود زلال “بروتينات” فى البول فهى ذو عدّة دلالات فإن كانت كميّتها قليلة قد تكون نتيجة التهابات فى المسالك البولية خاصّة فى الكلى. أمّا إن كانت كميّتها كبيرة فيخشى أن يكون سببها وجو التهاب نيجة خلل فى المناعة فى الكلى . وطبعاً هذا الأخير علاجه مختلف تماماً عن الأوّل، وهنا قد نحتاج لعمل تجميع بول لمدّة 24 ساعة لمعرفة الكميّة الحقيقيّة المتسرّبة من البروتين الى البول. ناهيك عن القول أنّ تسرّب البروتيانات في البول إن لم يعالج قد يكون مضرّاً في جسم الإنسان حيث يؤدّي إلى نقص البرويتينات في الدّم مما يؤدّي إلى تجمّع السوائل فى الجسم وكثرة الجلطات فى الأوردة. وكثرة نزول البروتينات فى البول قد تؤدي فى النّهاية إلى الفشل الكلوي إن لم تعالج.
أمّا وجود زيادة فى نسبة الصّفار فى البول فهي إن كان نتيجة زيادة البليروبين فهي تكون عادةً نتجية التهاب أو اضطراب فى الكبد. أمّا إن كانت نتيجة زيادة فى مادّة اليرولنوجين فقد تكون نتيجة لوجود تكسّر فى خلايا الدّم الحمراء مثل مرض التفول أو مرض تكسر الدم المناعى او مرض الانيميا المنجلية.
ثانياً: فحوصات كرات الدم: فتشمل قوّة الدّم وذلك بمعرفة كميّة الهيوجلوبين. أمّا حجم كرات الجم الحمراء فيعطينا فكرة واضحة عمّا إذا كان هناك نفص في الحديد أو هناك احتمال وجود مرض تكسّر الدّم نتيجة الثلاسيميا. إذا كان حجم كرات الدّم كبير (أكبر من المعدل الطبيعي) فيكون هناك احتمال وجود نقص فى فيتامين ب 12 أو نقص فى الفوليك أسد. أمّا شكل كرات الدم الحمراء فقد يعطينا دلالة على وجود الأنيميا المنجليّة إن كان شكلها منجلي. أو وجود تضخّم فى الطّحال (إن كان هناك كرات بها نقط فى الوسط). أو هناك تليّف فى النّخاع العظمي إن كان هناك كرات حمراء على شكل “دمعة”. وطبعاً المجال هنا لايسمح لسرد جميع هذه التغيّرات. أمّا كرات الدّم البيضاء. فعددها إن كانت زائدة يعطى لنا دلالات إن كان هناك التهابات بالجسم أم لا أو إن هذه الزيادة تمثّل بداية لسرطان الدّم. وإن كان سرطاناً فى الدّم فهو من أي نوع. أمّا إذا كان العدد قليلاً فأيضا ًيعطينا دلالات إن كان هناك ضعف فى نخاع العظم إحتمال أن يكون نخاع العظم مبدول بخلايا سرطانية.
ثالثا: فحوصات وظائف الكبد: فهي تستخدم لمعرفة وجود التهابات فى الكبد ومدى قوّة هذا الالتهاب ولمعرفة كفاءة الكبد فى تصنيع البروتينات والألبيومين والمواد المجلّطة. فزيادة انزيمات الكبد خاصّة SGOT & SGPT تدل على التهاب فى الكبد وتكون هذه دلالات أكيدة إن كانت كميّة هذين الإنزيمين يزيد عن المعدّل الطبيعي بمائة مرّة .
أمّا الزيادة القليلة فتكون إمّا لنتيجة زيادة فى الشّحوم على الكبد أو بتناول الكحول. أمّا زيادة في إنزيم Alkaline phosphatase فتعطي دلالات على أن تكون القنوات المراريّة هى المسبّب الرئيسي لاضطراب الكبد. فمن ترتيب زيادة انزيمات الكبد نستطيع أن نوجّه أنفسنا للفحوصات التي تلي ذلك. فإن كان هناك شك أن يكون الإضطراب ناتج عن التهاب فيروسي فينصح بشدّة عمل فحص التهاب الكبد الوبائي B&C أو عمل فحوصات المناعة التي تهجم الكبد حيث أنّ لكل نوع من هذه علاجه الخاص. أمّا إن كان الإرتفاع ناتج عن خلل فى القنوات المراريّة فيجب تحيد إن كان هذا الخلل خارج الكبد ( كنتيجة حصوة مراريّة تسد مجرى القنوات المرارية) أو نتيجة التهاب أو نتيجة ورم سرطانى (عادة مايكون فى البنكرياس عند نهاية القنوات المرارية). أمّا سرطان الكبد أو الأورام المنتشرة إلى الكبد فهنا قد ترفع الإنزيمات رفعاً قليلاً ولكنّها فى نفس الوقت تؤدّي إلى رفع فى دلالات الهرمونات الملازمة للأورام السرطانية مثل رفع هرمون alpha feto protein أو رفع هرمون CEA . بالإضافة إلى فحوصات أخرى متميّزة نستطيع تحديد سبب هذه المشكلة.
رابعا: فحص وظائف الكلى فهو لمعرفة إن كان هناك بدايات لفشل كلوي أم لا وتستخدم مع فحوصات البول لمعرفة أي خلل فى الكلى. فمثلاً ارتفاع البوريا أو الكريتنين فى الدّم يعطي مؤشر أنّ الكلية لاتعمل بالشّكل المناسب وبالتالي يجب معرفة السبب. فإن كانت المؤشّرات الأخرى تدل على وجود التهاب فيجب معالجة الإلتهاب لترجع الوظائف الى طبعيتها.
خامساً: فحوصات الدهنيات : فهى تكشف إن كان المريض يعاني من ارتفاع في الكليسترول أو الدّهنيات الثلاثيّة أو ارتفاع فى الدّهنيات القليلة الكثافة والتي تصبب أضراراً بالغة لشرايين القلب. فبعض هذه الإرتفاعات تكون نتيجة خلل وراثي فهنا ينصح للمريض بعمل فحوصات الجينات الوراثية المسبّبة لهذه الزيادة أمّا إن كان الخل نتيجة أكل معيّن أو سمنة أو مرض مصاحب له (كمرض السكرى) فينصح للمريض باتّباع تعليمات خاصّة تخلّصه من زيادة الدهنيات.
سادسا: فحوصات أملاح الجسم: وتشعمل الصوديوم وبالبوتاسيوم والكلورايد والكالسيوم. أمّا الصوديوم فإنّ زيادته قد تؤدي إلى الإغماء وقد تكون مؤشر على وجود جقاف أو مرض او ورم فى الغدّة النّخامية عند المريض. أمّا نقصان الصوديوم فقد يكون نتيجة وجود زيادة فى هرمون ADH إمّا نتيجة ورم أو اختلال فى الغدّة النخامية. أمّا البوتاسيوم فهو ملح مهم جداً أن يكون تركيزه فى معدّلات ضيّقة وحرجة حيث أنّ زيادته قد تؤدّي إلى اضطراب فى عضلة القلب ومن ثم التوقّف التام . هذه الزيادة قد تكون نتيجة أمراض الكلى أو فى حالة زيادة السّكر فى الدم عند مرضى السكري فى حالة الإغماء السكري. أما نفصان البوتاسيوم فقد تكون مؤشر على وجود ورم فى الغدة الكظرية أو وجود خلل ما في الكلى أو نتيجة لأدوية معينة مثل أدوية الضغط وتؤدي الى ضعف شديد فى العضلات والجسم. أمّا الكالسيوم فزيادته قد تعني أنّ المريض يعاني من مشاكل فى الغدّة الجار درقية وبالتّالي تجد أنّ المريض يعانى من الآلام فى المعدة وتعب فى الجسم واضطراب فى النفسيّة . أمّا نقصان الكالسيوم فقد يكون نتيجة وجود سوء امتصاص أو قلّة فى التغذية ويسبّب ضعف عام للجسم مع اكتئاب وهشاشة فى العظام. أمّا زيادة ونقص الكلورايد فتكون عادةً مرتبطة بالصوديوم وهي مع الصوديوم تعطي دلالات على وظائف الكلى والجفاف وأمور أخرى.
سابعاً: الفحوصات السرطانيّة المتخصّصة وإن كانت هذه لا تدخل ضمن الفحوصات الروتينة للكشف العام ولكنّها ممكن أن تعمل على الدّم حسب الفحص السريري للشخص طالب هذه الفحوصات. ، يقوم الطبيب بطلب الهرمونات الدلالاية الملازمة للسرطانات المختلفة.. فالأورام التى يمكن كشف دلالاتها فى الدّم هى كالتالي: سرطان الدم ، سرطان الكبد، سرطان القولون ، سرطان المعدة ، سرطانات الغدد الليمفاوية، سرطان البروستاتا، سرطان البنكرياس ، سرطان عنق الرحم ، سرطان المبيض، سرطان الثدى، سرطان الخصية، وسرطان الغدة الدرقية.
يجب أن يصاحب الفحوصات المخبرية الرويتنية فحوصات إكلينيكية أو إشعاعيّة فى بعض الحالات والذى بدوره قد يساهم فى فهم أي خلل فى الفخوصات المخبرية.
اعداد الكتور حسام أبوفرسخ