ما هي الذاكرة
الذاكرة وهي القابلية البشرية على استرجاع المعلومات والصور والأصوات والمواقف التي تمر على الإنسان يومياً، وهي قدرة تتفاوت من شخص إلى شخص، يتولى أمرها الدماغ، وتتفاوت هذه القدرة بتفاوت التجارب والقدرات من شخص إلى شخص، فالبعض قادرون على تذكر أدق التفاصيل كتفاصيل الوجوه والحوارات التي يسمعونها والأصوات والصور التي يشاهدونها وكل ما يمر بهم في حياتهم اليومية، أما البعض الآخر فيعانون من قصر في ذاكرتهم وعدم قدرة على تذكر التفاصيل التي تمر عليهم، فالنوع الأول من البشر يظهرون قدرات غير اعتيادية وتفوق عند تسلمهم لوظائف وتوليهم لمهام حساسة، فيستطيعون الاعتماد على ذاكرتهم بشكل جيد في أداء هذه المهام وهذه الوظائف، أما النوع الثاني فهم غير قادرين على الاعتماد على ذاكرتهم في المواقف الحساسة على الرغم من أنهم قد يفوقون بذكائهم أصحاب الذاكرة القوية والفذة بمرات عديدة. للنوم علاقة مباشرة في تقوية الذاكرة، فبالنوم يستطيع الدماغ تثبيت كافة المعلومات التي حفظت في هذا الدماع طوال النهار، لذلك فالنوم مهم جداً للإنسان.
هذا فيما يتعلق بالذاكرة الفردية والتي يستخدمها الفرد بحد ذاته لاسترجاع ذكرياته ومعلوماته التي خزنها في عقله، أما بالنسبة للجماعات فهناك مصطلح عام يطلق وهو مصطلح الذاكرة الجماعية، وهذا مصطلح معنوي أي أنه لا علاقة له بالنواحي البيولوجية أو العضوية كما في ذاكرة الأفراد.
ولنبدأ في تعريف هذا المصطلح الهام من الأفراد أنفسهم، فلم يستطع الإنسان العيش منفرداً، فاضطر إلى إقامة علاقات مع عدة إفراد آخرين مكونين المجتمع، بحيث تحكمهم القوانين والعادات والأعراف والتقاليد والأديان، فتصبح بينهم قواسم مشتركة كالأصل واللون واللغة والدين، فيتأقلمون معاً، ومع تطور أشكال هذه العلاقات عبر مرور الزمن، تطور مفهوم الدول إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن، وإلى أن ظهر مفهوم المواطنة، والذي يعطى بها الإنسان حق التوطن في بلد معين حمل جنسيته، فتلقى على عاتقه واجبات ويأخذ الحقوق في نفس الوقت.
من الأسس التي تربط الإنسان بأخيه الإنسان، هي وجود تاريخ مشترك ومتشابه إلى حد ما بين عرق الأول وعرق الثاني، فيصبح تفسيرهما لهذا التاريخ والماضي تفسيراً متشابها، مما يزيد من الارتباطات والعلاقات بينهم، فتنشأ الجماعات على أساس محاولة التفسير الموحدة للتاريخ ولأحداث الماضي، وهو ما يعرف بالذاكرة الجماعية، فقد يمر على الجماعة أحداث معينة كالحروب والتوسعات والكوارث الطبيعية والإحتلال ومقاومة الطغيان والظلم والنكبات والتدهورات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والأوبئة والأحداث العظيمة كظهور الدين ومرور الأشخاص الذين لم يستطيعوا أن يرحلوا عن هذه الدنيا إلا بعد تركهم لآثار وبصمات، كل هذا يشكل مخزوناً من الذاكرة الجماعية لدى الأفراد جميعاً فتتشكل هويتهم وتتحدد انتماءاتهم بذلك.