ما هي أعراض ارتفاع نسبة السكر في الدم
مقدمة
لوحِظَ في الآونةِ الأخيرة انتشار عددٍ كبيرٍ من الأمراض، إمّا بسبب المُلوِّثات المنتشرة، أو بسبب العادات الصحيّة الخاطئة التي أصبحتْ مُتبّعة من قِبَل الكثير من الناس. ومن أكثر الأمراض الدّارجة والمُتعارف عليها بين الناس في أيامنا هذه هو مرض السكّري، حيث يُقَدّرُ عدد المصابين به نحو 250 مليون شخصاً على مستوى العالم، ويُتَوَقَع أنْ يتضاعف هذا العدد خلال العشرين سنة القادمة.[١] وبسبب انتشار مرض السكري بين شريحةٍ كبيرةٍ بين الناس تمّ تخصيص يوم ١٤-تشرين الثاني سنوياً لمرضى السكري وسُمّيَ “اليوم العالمي للسكر”، بحيث يكون هو ذات اليوم الذي وُلِدَ فيه فريدريك بانتينغ مكتشف الأنسولين بمعاونة تشارلز بيست.[٢]
مرض السكري
هو مرضٌ مزمنٌ يُلازِم الإنسان طوال حياته بمجرد الإصابة به، ويُصاب الإنسان بهذا المرض نتيجةَ الزيادة الكبيرة لِمستوى السّكر الموجود في الدم النّاجمة عن نُقصانٍ في هرمون الأنسولين الذي يُفرِزُه عُضْو البنكرياس والذي تعمل على حرق السكر وتحويله إلى طاقةٍ لِيستفيدَ منها الجسم، ويَحدث هذا النقصان بسبب وجود خللٍ في البنكرياس.
ويوجد ثلاثةُ أنواعٍ لمرض السكري، ففي النّوع الأوَل يُهاجِم جهاز المناعة خلايا البنكرياس المسؤولة عن إنتاج هرمون الأنسولين مما يؤدي إلى انعدام أو نقصان الأنسولين في الجسم فيحدث ما يُسمّى النمط الأول من السكري، وهو شائعٌ لدى الأطفال وقد يحدث خلال فترة البلوغ. أما في حالة عدم قدرة الجسم على استهلاك الأنسولين لحرق السكر بالشكل الصحيح يحدث ما يُسمى النمط الثاني من السكري، وهو يُصيبُ الإنسان في أيّ سِنٍّ، إلاّ أنه شائعُ الحدوث بعد سنِّ الأربعين. والنوع الثالث هو ما يُعرَف بسكر الحمل حيث يُصيبُ النّساء الحوامل وهو حالةٌ مُؤقتةٌ قد تنتهي بانتهاء الحمل أو تستمر لبعد الولادة.[٣]
ولمْ يَتِمُّ التّوصُّل إلى أيِّ علاج بإمكانه أن يشفي من مرض السكر بشكلٍ نهائيٍّ، لكن كلما كان اكتشافُ هذا المرض مبكراً كان تشخيصُ أعراضِهِ أسْلَم وأَدَق، وبالتّالي يُمكن للإنسان وقاية نفسه من الأخطار التي قد تَنْجم من تَوَغُّل هذا المرض في الجسم والسيطرة عليه، لذا يحتاج المريض إلى خطةٍ علاجيةٍ شاملةٍ تَتَضمّن تعديل النظام الغذائيّ بالتّعاون مع أخصائي التغذية، وكذلك ممارسة التّمارين الرّياضية، والعلاج الدَوائي تحت إِشراف أخِصّائي السكري والغدد الصمّاء.[٤]
كما يَنْبغي رَفْعُ وَعْي المريض بمرض السكري، وكيْفية الاهتمام بنفسه وبصحته والابتعاد عن أنماط الحياة الخاطئة لما في ذلك أثرٌ عظيمٌ في وقايتِهِ من أخطار هذا المرض، لأنّ في حال إهمال مرض السكري فإنّ ذلك سيُؤدّي إلى إصابتِه بمُضاعفاتٍ خطيرةٍ أهمُّها الفَشَل الكَلَوي، فُقْدان البصر، أمراض القلب والأوعية الدموية، أمراض الجهاز العصبيّ، وبَتْر الأطراف السفلية.[٥]
أعراض مرض السكري
تَتَفاوت أعراض مرض السكري حسب الفئات العمرية، فكما ذُكِرَ سابقاً النمط الأول من السكري شائعٌ عند الأطفال ، أمّا النمط الثاني قد يحدث في أيّ مرحلةٍ عُمْريةٍ. وأيضاً قد تَتَفاوت حسب الجنس، بحيث تظهر بعض الأعراض لدى أحد الجنسين لكنّها لا تظهر في الآخر. ويختلف ظهور الأعراض باختلاف أنماط السكري، ففي النمط الأول تكون الأعراض مُباغِتةً وسريعةً وشديدةً . أمّا في النمط الثاني تكون خفيفةً إلى معتدلة في شِدّتِها، وقد لا يشعرُ المريض بأيّةِ أعراضٍ على الرّغم من ارتفاعِ نسبةِ السكر في الدم .[٦]
وبشكلٍ عام فإنّ أعراض ارتفاع نسبة السّكر في الدم تَتمثّلُ بالآتي:[٧]
- الشّعور الدّائِم بالعطش بشكلٍ كبير، بحيث يُصبح الماء الرّفيق الدائم للمصاب بالسكري.
- الشعور الدائم بالحاجة إلى التبول، وذلك بسبب كثرة شُرْب الماء. ويُلاحَظ عند الأطفال المصابين بالنمط الأول تَبلُّل الفِراش أثناء النوم.
- الشعور بالتعب والدّوار بشكل مستمر، والخمول والإِعْياء، بسبب نَقْصٍ الطّاقة الناتجة من احتراقِ السكر.
- الشعور بالصّداع بشكلٍ كبير.
- الإحساس بجفاف الفمّ والحَلق.
- الإصابة بالإسهال أو الإمساك المُزْمن.
- تصبح الرُّؤْية لدى المريض غير واضحة ومُشوّشة، بحيث يَشعر وكأنّ ضباباً يُعيقُ رُؤيته.
- حدوث بُطْئ في الْتِئام الجروح وشفائِها، كما قد يصل الأمر إلى زيادة التهابِها، خاصّةً في النّمط الثاني من السكري.
- فقدان الوزن بشكلٍ كبير، فَعَلى الرغم من تَناوُل المريض كمّياتٍ أكبر من المُعْتادة من الطّعام، إلاّ أنّه بسبب عدم احتراق السكر ووُصولهِ إلى الخلايا، يُؤَدي إلى ضعْفٍ في العضلات وأعضاء تخزين الدّهون وبالتّالي ضُمورها، وانخفاض الوزن بشكلٍ كبير. وغالباً فقدان الوزن هو أوّل ما يُلاحَظ عند الأطفال المُصابين بالنّمط الأول من السكري.
- تصبح شهيّة الشخص المُصاب مفتوحة لِتَناوُل الطعام في أيّ وقتٍ وخاصةً لدى الأطفال، وذلك بسببِ انخفاض الطّاقة في الجسم فَيشعر المريض بالإِعْياء والتعب ممّا يُوَلّد الشعور بالجوع.
- التوتّر والقلق الدّائمين وسرعة الغضب لأتْفه الأمور، خاصة لدى الأطفال الّذين لم يتم تَشْخيصهم بعدُ بالنمط الأول من السكري.
- نُشوء التهابات في اللثة والأسنان، وفي حال أَهْمل المريض الاهتمام بصحّةِ الفم فإنّ ذلك سيُؤدي إلى تدَهْورِها.
- الْتهابات فِطْريّة في المهبل لدى النّساء المُصابات بالنمط الثاني من السكري أو سكري الحمل. وقد تَحدث لدى الفتيات الصّغار المُصابات بالنمط الأول من السكري، وأيضاً يُلاحَظُ عند الأطفال الرُّضّع المُصابين بالنمَط الأول وجود طَفَحٍ جلديٍّ في منطقة الحِفاض بسبب الالتهابات الفِطريّة.
- الشعور بتَنْميلٍ ووَخْزٍ في اليدين والقدمين.
- ضَعْفُ الانْتصاب وتَراجُع القدرة الجنسيّة لدى الرجال.[٨]
في حال استمر ارتفاع السكر في الدم بشكل كبير وترك دون علاج، فإن ذلك سيسبب تراكم الحمض الكيتوني السام في الدم والبول، مسببا ما يعرف بحالة الحماض الكيتوني السكري (بالانجليزية: ketoacidosis). حيث ستظهر في هذه الحالة الأعراض التالية لدى المريض: [٩]
- تصبح رائحة الفم مثل رائحة الفواكه.
- الشعور بالغثيان والتقيؤ.
- قصور في التنفس.
- جفاف الفم.
- الضعف والإعياء.
- الاضطرابات النفسية.
- الغيبوبة.
- ألم في البطن.
علاج مرض السكري
يعتمد علاج مرض السكري على عدّة عوامل منها، رَفْع وَعْي المريض حول كيفيّة السّيطرة على مستوى السكر المناسب في الدّم، وكيفية التخلّص من أو تخفيف الأعراض التي لديه. كما يَتَطلّب الأمر تغييراً في نمط الحياة السائد بما يحافظ على استقرار حالة المريض، ويُجنّبه حدوت مضاعفات خطيرة للمرض. لذا، على المريض أن يَتّبع خطّةً علاجيّةً شاملةً لما يلي:[١٠]
- مراقبة وفحص سكر الدم بانْتظام باسْتخدام أجهزة الفحص المنزلي، وكذلك فحص ضغط الدم من فترة إلى أخرى للاطْمئنان على سلامة القلب والشرايين.
- تعديل النظام الغذائي بحيث يكون غنيّاً بالألياف، ومنخفضاً بالسعرات الحرارية، الدهون المُشبَعة، الأملاح، والسكر المُضاف. لذا يَجدُر بالمريض أن يتناول غذاء متوازناً يشتمل على الخضار، الفواكه، اللحوم البيضاء، الحبوب والبقوليات المُجفّفة. وكلُّ ذلك يتمُّ تحت إشراف طبيب السكري وأخصائي التغذية.
- ممارسة التمارين الرياضية لِما في ذلك من أهمّية في ضبط مستوى السكر في الدم، وزيادة قدرة الجسم على استهلاك الإنسولين بالشّكل الصّحيح. بالإضافة إلى حماية المريض من أمراض القلب والشرايين والجلطات الدماغيّة.
- تَناوُل الأدوية الّتي تَضبط مستوى السكر في الدم مثل الإنسولين وغيرها من الأدوية المساعدة بجرعة مناسبة، وذلك حسب تعليمات الطبيب.
- الابتعاد عن التدخين وكافة مُنتجات التّبغ.
- العناية الجيدة بصحّة القدم، ومعالجة أيّة جروح سطحية، وإزالة مسامير الجلد. وذلك لِتَجنُّب حدوث مضاعفات خطيرة تؤدي إلى بَتْر الطرف السفلي أحيانا.
- مراجعة طبيب العيون مرّة واحدة في السنة على الأقل، للتأكُّد من سلامة أجزاء العين والشبكية.
- التَّأكد دائماً من سلامة كلٍّ من، وظائف الكلى، الجهاز العصبي، وصحّة القلب والشرايين.