ما هي أسباب فقر الدم
فقر الدَّم
فقر الدَّم (بالإنجليزية: Anemia) هو عبارة عن حالة مَرَضيّة تحدث بسبب انخفاض عدد خلايا الدّم الحمراء السّليمة في الجسم أو الهيموغلوبين، وهو المُكوّن الرّئيس لخلايا الدّم الحمراء والمسؤول عن نقل الأُكسجين إلى خلايا الجسم، ممّا يُؤدّي إلى عدم حصول الجسم على احتياجاته الكافية من الأُكسجين.[١]
تدلّ إحصائيّات مُنظّمة الصحّة العالميّة التي أُجريت بين عاميّ 1993-2005، أنّ نسبة المُصابين بفقر الدّم عالميّاً تعُادل 8‚24٪ من السُكّان، ويصل الانتشار إلى أعلى مُعدّلاته في صفوف الأطفال قبل سنّ التّعليم المدرسيّ 4‚47٪، وإلى أدنى مُعدّلاته بين الرّجال 7‚12٪.[٢][٣]
من أعراض فقر الدّم المُصاحِبة لهذا المرض التّعب، وشحوب البشرة، وضيق التنفّس، وأوجاع في الصّدر، والدّوخة، وبرودة اليدين والقدمين، والصّداع، وعدم انتظام ضربات القلب.[٤]
أسباب فقر الدم
يوجد العديد من أنواع فقر الدم، وتختلف من حيث الأسباب وطرق العلاج، أكثرها شيوعاً فقر الدّم النّاتج من نقص الحديد، وهو سهل العلاج، ويكون من خلال تعديل النّظام الغذائيّ وتناول مُكمّلات الحديد. بعض أشكال فقر الدم، مثل فقر الدّم أثناء الحمل، يُعتبر أمراً طبيعيّاً ولا يحتاج للقلق. ومع ذلك، هنالك أنواع من فقر الدّم قد تُسبّب مشاكل صحيّة مدى الحياة. من الأنواع الشّائعة من فقر الدّم ومُسبّباتها ما يأتي:
- فقر الدّم النّاجم عن نقص الحديد: (بالإنجليزية: Iron deficiency anemia) الحديد هو جزء أساسيّ في تركيب هيموغلوبين خلايا الدّم الحمراء، دون الحديد لا يتمكّن الدّم من نقل الأُكسجين في الجسم بشكلٍ فعّال. يحصل الجسم على الحديد من خلال النّظام الغذائيّ اليوميّ، وكميّة الحديد لدى الإنسان الطبيعيّ البالغ تتراوح بين 2000-3000 ملغ تقريباً. يتواجد المَخزن الأساسيّ للحديد في كُريات الدّم الحمراء على شكل هيموغلوبين، ويُخزِّن الجسم فائض كميّة الحديد في الكبد والطّحال ونخاع العظم، والتي تُشكّل مَخزناً للحديد عند الحاجة.[٥] يحدث فقر الدّم النّاجم عن نقص الحديد عندما يقلّ مخزون الجسم من الحديد، وقد يحدث ذلك لأسباب عدة منها: فقدان الجسم لخلايا الدّم الحمراء والحديد بنسبة تفوق إنتاج كلّاً منهما، أو عدم قدرة الجسم على امتصاص الحديد، أو عدم تناول أغذية غنيّة بالحديد، أو النّزيف الغزير النّاتج عن فترات الطّمث الطّويلة ، أو النّزيف النّاتج عن أمراض أُخرى. يتمّ علاج مرض فقر الدّم النّاتج عن نقص الحديد بتناول مُكمّلات الحديد والأغذية الغنيّة بالحديد، مثل: الدّجاج، واللّحوم، والكبد، والأسماك، والدّيك الروميّ، والعدس، والبازلاء، والفاصولياء، والخبز والحبوب الكاملة، والزّبيب والخوخ والمشمش، والسّبانخ وغيرها من الخضراوات.[٦]
- فقر الدّم النّاجم عن نقص الفيتامينات: (بالإنجليزية: Vitamin Deficiency Anemia) ينتج هذا النّوع من فقر الدّم بسبب نقص عدد كُريات الدّم الحمراء بسبب نقص بعض الفيتاميناتفي الجسم، وتشمل حمض الفوليك المعروف أيضاً باسم فيتامين ب9، وفيتامين ب12، وفيتامين ج. ويحدث هذا النّقص عند عدم تناول الأغذية الغنيّة بهذه الفيتامينات، مثل الفاكهة، والخضار الورقيّة الخضراء، واللحوم، والبيض، والحليب، والحِمضيّات، والفلفل الحلو، والطّماطم. قد يحدث المرض أيضاً رغم تناول نظام غذائيّ غنيّ بهذه الفيتامينات عندما لا يتمكّن الجسم من امتصاصها بسبب وجود أمراض مُزمنة في الأمعاء ناتجةً عن تناول الكحول، أو التّدخين، أو إزالة جزء كبير من المعاء الدّقيقة جراحيّاً.[٧]
- فقر الدَّم اللاتنسُّجي: (بالإنجليزية: Aplastic anemia) يُسمّى هذا المرض أيضاً فشل نخاع العظام، وينتج عندما يفشل نخاع العظم- نسيج اسفنجيّ داخل العظم- بإنتاج كميّات كافية منخلايا الدّم البيضاء والحمراء والصّفائح الدمويّة. هذا المرض قد يكون وراثيّاً ينتقل من الآباء إلى الأبناء، وقد يكون مُكتَسَباً.[٨] من أسباب حدوث مرض فقر الدَّم اللاتنسُّجي العلاج الكيميائيّ، أو العلاج بالأشعّة خاصة في الجرعات مُرتفعة التّركيز، أو التعرّض لمواد كيميائيّة مُعيّنة مثل البنزين، أو عدوى من فيروسات مُعيّنة خاصة فيروس اليرقان، أو أمراض المناعة الذاتيّة (بالإنجليزية:Autoimmune diseases) مثل الذّئبة. مرض فقر الدّم اللاتنسّجُي هو اضطراب نادر ولكنّه خطير، وتشمل العلاجات نقل الدّم، وزرع الدّم، وخلايا نخاع العظم، والأدوية.[٩]
- فقر الدّم النّاجم عن انحلال الدّم: (بالإنجليزية: Hemolysis) هذه المجموعة من أنواع فقر الدّم تتطوّر عندما يتمّ إتلاف خلايا الدّم الحمراء بسرعة تفوق قُدرة نخاع العظم على إنتاج خلايا دم جديدة، وقد تحدث بسبب التعرّض لعدوى، أو استخدام بعض الأدوية، أو التعرّض للسّموم، وبعض التّفاعلات المناعيّة.[١٠]
- من أكثر أنواع فقر الدّم النّاجم عن انحلال الدّم هو المرض النّاتج عن تلقّي دم من فصيلة الدّم الخطأ، حيث يبدأ الجسم بإنتاج أجسام مُضادّة تعمل على تدمير خلايا الدّم الحمراء. وتُعدّ الخيارات المُتاحة لعلاج فقر الدّم الانحلاليّ تختلف اعتماداً على شدّة الحالة، والعمر، ومدى تقبّل الجسم للأدوية. وتشمل الخيارات المُتاحة لعلاج فقر الدّم الانحلاليّ نقل الدم، وغلوبولين المناعيّ الوريديّ، والعمليات الجراحيّة.[١١]
- فقر الدّم المنجليّ: (بالإنجليزية: Sickle cell anemia) هذا النّوع من فقر الدّم يكون أحياناً حادّاً وينتقل بالوراثة، ويحدث نتيجةً لخلل في تركيب الهيموجلوبين الذي يجعل خلايا الدّم الحمراء ذات شكل يُشبه المنجل، ممّا يُسبّب ضمور هذه الخلايا وموتها قبل الأوان، إذ لا تعيش أكثر من أسبوع واحد بينما تعيش خلايا الدّم الطبيعيّة 120 يوماً، وهكذا، يُسبّب نقصاً مُزمناً في خلايا الدّم الحمراء، كما أنّها تفقد مُرونتها، ممّا يُؤدّي إلى انسداد الشُّعيرات الدمويّة الصّغيرة عند مرورها من خلالها، فيُعيق تزويد أنسجة الجسم بالدم. يولد الطّفل مُصاباً بمرض فقر الدّم المنجليّ؛ إذا يرث جينَيّ الإصابة من كِلا الأبوين، ويتمّ تشخيص هذا المرض بسهولة عند إجراء الاختبارات الروتينيّة بعد الولادة مُباشرة. ويُعدّ العلاج الوحيد المُتاح لهذا المرض هو زراعة نُخاع العظم أو زراعة الخلايا الجذعيّة.[١٢]
- فقر الدّم النّاجم عن مرضٍ في نخاع العظم: يُسبّب مرض ابيضاض الدّم (بالإنجليزية:Leukemia)، ومرض خلل التنسُّج النُخاعيّ (بالإنجليزية: Myelodysplasia) وأمراض أُخرى إلى تأثُّر قدرة النّخاع الشوكيّ على إنتاج خلايا الدّم والإصابة بفقر الدم.[١٣]
- فقر الدَّم كَعَرض لمرض مزمن: تُؤدّي الإصابة بأمراض مُزمنة مثل السّرطان، ومُتلازمة العوز المناعيّ المُكتَسب (AIDS)، ومرض النّقرس، والفشل الكلويّ، وأمراض التهابيّة مُزمنة أُخرى إلى نقص إنتاج خلايا الدّم الحمراء، والتَسبُّب بالتّالي بفقر دم مُزمن.[١٣]
- أنواع أُخرى من فقر الدّم: هنالك أنواع إضافيّة أُخرى من فقر الدم، وهي أنواع أكثر نُدرة مثل، مرض الثّلاسيميا، وهو اضطراب وراثيّ في الدّم ينتج عن طفرة في تركيب الحمض النوويّ الرايبوزيّ منقوص الأُكسجين (DNA)، تتسبّب الطّفرة بنقصٍ في إنتاج هيموغلوبين الدّم وخلايا الدّم الحمراء في الجسم ممّا يُؤدّي إلى فقر الدّم. هناك عدّة أنواع من مرض الثّلاسيميا بما في ذلك ألفا ثلاسيميا، وإنترميديا بيتا الثّلاسيميا، وفقر دم البحر الأبيض المُتوسّط. ويعتمد علاج مرض الثّلاسيما على نوعه. ويُتضمّن العلاج نقل دم مُتكرّر، وزرع نخاع العظم، وزرع الخلايا الجذعيّة.[١٤]
مضاعفات فقر الدَّم
من المُضاعفات والتّأثيرات الجانبيّة لمرض فقر الدَّم فرط التّعبلدرجة عدم القُدرة على القيام بأيّ مجهود، ومشاكل في القلب، وتضرّر الأعصاب، وتغيّر في الحالة الإدراكيّة، وأخيراً الموت.[١٣]
عوامل الخطر لظهور مرض فقر الدَّم
العوامل الآتية تزيد من خطر الإصابة بمرض فقر الدَّم، وتشمل:[١٥]
- سوء التّغذية: تناول أطعمة فقيرة بالحديد والفيتامينات، على الأخصّ حمض الفوليك، تُؤدّي إلى الإصابة بفقر الدّم، فالجسم بحاجة الى الحديد، والبروتين، والفيتامينات لكي ينتج كميّة كافية من خلايا الدّم الحمراء.
- الإصابة بأمراض واضطرابات في الأمعاء: ممّا يُؤثّر على قُدرة الجسم على امتصاص الفيتامينات والحديد.
- الحيض: النّساء في سنّ الخصوبة يكنّ أكثر عرضة للإصابة بفقر الدّم نتيجة فَقدِ كميّات من الدّم، والحديد أثناء فترة الحيض.
- الحمل: يُسبّب الحمل نقصاً في مخزون الحديد في الجسم؛ لأن أغلب مخزون الحديد يحتاج إليه الجنين للنموّ.
- الإصابة بأمراض مُزمنة: مثل السّرطان، والفشل كلوي، أو أي مرض مُزمن آخر.
- عوامل وراثيّة: وجود تاريخ مَرَضيّ في العائلة لحالات فقر الدَّم التي تنتقل بالوراثة، كفقر الدَّم المنجليّ، وهذا يُشكّل عامل خطرٍ للإصابة بفقر الدّم على أساس وراثيّ.
تشخيص فقر الدم
يتم تشخيص فقر الدَّم عن طريق دراسة التّاريخ الطبيّ للمريض، وإجراء فحص شامل واختبارات دم، بما في ذلك العدّ الدَمويّ الشّامل (بالإنجليزية: CBC – Complete blood count)، وهو الاختبار الذي يفحص تركيز خلايا الدَّم الحمراء ومستوى الهيموجلوبين في الدم. تتراوح القِيَم الطبيعيّة لخلايا الدّم الحمراء للإنسان البالغ بين 40-52 % لدى الذّكور، وبين 35 – 47 % لدى الإناث، بينما تتراوح قِيَم الهيموجلوبين الطبيعيّة لدى الإنسان البالغ بين 14-18 غرام لكل ديسيلتر لدى الذّكور، وبين 12-16 غراماً لكل ديسيلتر لدى الإناث. كما يتمّ فحص الخلايا تحت المِجهر ودراستها من حيث، والحجم، والشّكل، واللّون.[١٥]
الوقاية من مرض فقر الدم
أغلب حالات فقر الدّم غير قابلة للمنع، ولكن بالإمكان منع ظهور فقر الدّم النّاجم عن نقص الحديد، أو فقر الدّم النّاجم عن نقص الفيتامينات بواسطة التّغذية المُتوازنة والمُتنوّعة، وإجراء فحوصات الدّم بانتظام، والامتناع عن التّدخين وتناول الكحول.[٧]