ما هو الوفاء بالعهد
أخلاق الإنسان هي ما تحدد وضعه في المجتمع الذي يعيش فيه، وهي التي تضع الضوابط له التي لا يستطيع تجاوزها، وهي التي تنظم العلاقات بين الأفراد، وهي التي إضافة إلى استشعار رقابة الله تعالى، هي التي تلزم الإنسان بمحدداته وخطوطه الحمراء في ظل غياب القوانين والتعليمات الرادعة والصارمة، كل هذا مرده إلى الأخلاق، فالأخلاق شيء مهم بالنسبة إلى الإنسان لا يستطيع العيش بدونها مهما كان وضعه. وتتنوع الأخلاق الحميدة التي يتحلى بها الإنسان، وكلها تتقاطع في كونها تعمل معاً ضمن منظومة واحدة فريدة من نوعها من شأنها أن ترفعه من قيم الإنسان، وأن تسعد الناس في حياتهم وتزيد المودة والحب والوئام والمودة بينهم.
من أهم الأخلاق التي يتحلى بها الإنسان رفيع الخلق، هو خلق الوفاء بالعهد، هذا الخلق يظهر مدى التزام الإنسان بكل كلمة ينطقها، إضافة إلى أنه يلزم الإنسان بتحمل مسؤولية أفعاله ومدى جديته ومدى احترامه لذاته أولاً قبل أن يكون محترماً للآخرين.
يرتبط خلق الوفاء بالعهد بأخلاق أخرى كالصدق والابتعاد عن الكذب بالدرجة الأولى، فالموفي بعهده إذا عاهد هو قطعاً إنسان صادق لا يعرف لسانه للكذب سبيلاً، وهو إنسان أيضاً أمين على ما يقوله إذاً هو بالتالي يتحلى بالأمانة، ومن هنا فهذا الشخص هو شخص مريح في التعامل، وهو شخص لا يتغلب معه أي شخص آخر عندما يتعامل معه، ويكون هو محل ثقة الآخرين.
ليكون الإنسان صادق الوعد، موفياً بالعهد، عليه أولاً أن يدرس ويعي كل كلمة تخرج من فمه وينطقها، وأن لا يعد بما لا يستطيع الوفاء به، فعندما تعد إنساناً بأنك ستعطيه مبلغاً معيناً من المال، وأنت لا تملك إلا قوت يومك فأنت بالقطع لن تفي بالعهد، ومن هنا يندرج أيضاً الوعد بأي شي ليس تحت اليد أو تحت رهن التصرف به في أية لحظة. إضافة إلى ذلك، فإن تعلم خلق الوفاء بالعهد يكون منذ الصغر، حيث يجب أن يتعلم الأطفال منذ الصغر هذا الخلق، عن طريق تنبيههم إذا وعدوا وأخلفوا وعن طريق القدوة، فعندما تعد طفلك بأنك ستفعل له شيئاً معيناً يجب عليك أن تفي بعهدك، لأنك إن أخلفت فإن هذا الطفل سيتعلم النكث بالعهود وعدم احترام كلمته منذ الصغر وبالتالي سيصبح كذاباً عندما يكبر، فالأطفال قابلون لأن يتعلموا أي شي من محيطهم، سواء كان سيئاً أو كان جيداً، وعندما يكبر هذا الطفل ستظل عاداته التي تعلمها في الصغر ملتصقة به.