ليل الأشواق , ايليا أبو ماضي
ليل الأشواق , ايليا أبو ماضي
ربّ ليل نجومه ضاحكات ** مثل أحلام غادة في صباحها
لمست إصبع السكينه أشوا ** قي فهبّت مذعورة من كراها
كطيور في الأسر تبغي انعتاقا ** قبل أن يفسد الإسار لغاها
أبق النوم ، فانطلقت إلى النّهر** بنفس كادت تسيل دماها
و معي صاحب رقيق الحواشي ** تجد النّفس في رؤاه رؤاها
إن دجت ليلة أراك ضحاها أو ** ذوت زهرة أراك شذاها
…
قال : ما أجمل الكواكب ! ما ** أحلى سناها ! فقلت : ما أحلاها !
قال : لا شوق ، لا صبابة لولا ** ها ! فتمتمت قائلا : لولاها !
قال : هل تشتهي الوصول إليها ؟ ** قلت : إنّي لا أشتهي إلاّها !
…
كان طرفي يجول في العالم الأ ** على وروحي تجول في مغناها
و جليسي يظنّ في الشهب قصدي** و أنا أحسب الجليس عناها
قال : و النهر كم طوى من صبابا ** ت ! فأطرقت أستشفّ المياها
فإذا النهر فيه رعشة روحي ** حين يدوّي فيها صدى ذكراها
قال : و اللّيل … قلت : حسبك إعنا** ت لنفسي ، و حسب نفسي دجاها
فانقطعنا عن الكلام و بتنا ** كلّ نفس لذاتها نجواها
…
خلت أنّي إذا بعدت سأنسا ** ها و يطوي الزّمان سفر هواها
و توهّمت أنّني سوف ألقى** ألف ليلى و ألف هند سواها
فإذا الحبّ كالفضاء ، و قلبي** طائر في الفضاء ضلّ وتاها
قد نشقت الأزهار في كلّ أرض** يا شذاهنّ لست مثل شذاها !
كيف أنسى و أينما سرت في ** الد نيا أراني أسير في دنياها
و إذا ما لمحت في الأرض حسنا** فكأنّي لمحتها إيّاها
و إذا داعب النسيم ردائي** قلت : قد علّمته هذا يداها !
هي أدنى من الأماني إلى قل** بي ، و قلبي يصيح : ما أقصاها !
لست أشكو النّوى ملالا و لكن ** طرب الرّوح أن تذيع جواها
قال قوم : إنّ المحبّة إثم ! ** ويح بعض النفوس ما أغباها
إنّ نفسا لم يشرق الحبّ فيها ** هي نفس لم تدر ما معناها
خوّفوني جهنّما و لظاها ** أيّ شيء جهنّم و لظاها ؟
ليس عند الإله نار لذي حبّ ** ، و نار الإنسان لا أخشاها !
أنا بالحبّ قد وصلت إلى نفسي** ، و بالحبّ قد عرفت الله !