لتصبح جذابا
يعتبر سحر الشخصية وجاذبيتها العالية من مقومات النجاح العالية جدا في عصرنا المتسارع اليوم، فالرجل الذي يملك سحرا خاصا جميلا لشخصيته يمكنه أن يتحصل على مراكز مرموقة في أماكن عمله، ويكون محبوبا في كل مكان وجد فيه، ويقوم له الجميع احتراما حال حضوه، ويراه الجميع عظيما متألقا دائما يشار له بالبنان دوما في حال وجوده، ويفتقد حضوره في الجلسات بشكل دائم.
إن جاذبية الشخصية أمر مكتسب ولا يعتبر أمرا فطريا البتة، فالإنسان الذي يريد أن يكون له سحر شخصيته وجاذبيته الخاص يحتاج فقط ودائما إلى أن يرى بمنظور جديد للأشياء من حوله باستخدام مواهبه التي فطره الله عليها، وأن يتمتع بالخلق القويم والسليم بين الناس، كما أن جاذبية الشخصية تعتمد على وسائل القبول في المظهر والشكل وحسنه، فلو أخذنا مثالا قويما من سير التاريخ وهو نبي الرحمة -محمد صلى الله عليه وآله وسلم- نجد أن في شخصيته الكثير من المعاني والعبر التي يجب على الإنسان التعلم والأخذ منها بجدية وحزم، فكان من معالم شخصيته أنه صدوق أمين، صاحب عزم في الشدائد، كان الخلق وهو كما الرفيقان لا يتفارقان لا في سر ولا ضر، وكان رحيما بالناس، رحيما بالضعيف، كريما بالفقير، له من المعالم ما إن سألت أحدا من العرب قبل الإسلام أو بعده لشهدوا له بالسيادة والوفادة.
مما يدفع إلى ذكر مناقب النبي أنها هي أسرار الجاذبية للشخصية، فإن الشخصية التي لا تتمتع بالأخلاق والرحمة والمودة فهي لا تستطيع أن تكون جذابة لا بالقليل ولا الكثير مهما قالوا عنها، فبالنهاية سيكون حديث الناس عنه كثير ومشتهر ولكنه بالذم واللعن، وما فائدة الشهرة إن كنت الملعون فيهم والمطرود من مجالسهم، ولا بد أن يأتي اليوم الذي لا يلتفت فيه أحد إليك بدون خلقك طالما انتهوا من نبش عيوبك واظهارها، ولم يبقى لك شيء بعدها، فالأخلاق تحصن الإنسان، وتبقي سحر وجاذبية شخصيته إلى الأبد، التي حتى لو وقع في خطأ ومصيبة عظيمة غفر الناس له ذلك وعفوا عنه بما قدم آنفا، ولكن لا يكون جاذبية المرء بأخلاقه فقط كاملة، بل يحتاج أن يضع بها نجاحا مؤازرا لأعماله، فترى الحاجة إلى الرجل الناجح الخلوق أكثر من حاجة الناس إلى الحديث عن الرجل صاحب الخلق الذي لا يستطيع إنجاز أمر في حياته، ويكون النجاح في الأعمال نابعا من إتقان المرء لمواهبه وأعماله، فنرى في ذلك الشخص القدرة على تجاوز العوائق التي تخطر على تخصصه، إذا ما ذكر عيب في تخصصه كان أول من يشار له بالبنان لحلها، فهو الخبير في ذلك الجاذب الأول على الجميع في قهر تلكم المشاكل، وهو الخلوق الذي لا يسرق ولا يؤذي الناس ببصره ولا يتطفل، فهو الشخصية المتزنة الحكيمة التي يرى الناس كلهم فيها القدوة ليكونوا مثلها، ويعلموا أبنائهم طريقة أن يكونوا مثل تلك الشخصيات العظيمة.