كيف نفهم المتغيرات ؟
كيف نفهم المتغيرات
تمثل مقاييس النزعة المركزية ومقاييس التشتت آلية لمعرفة طبيعة قيم المتغير، فنحن بتلك القياسات نتعرف على طبيعة القيم من تجانسها فيما بينها، تباينها، مستوى توزيع القيم، هل تغلب عليها القيم الكبيرة أم القيم الصغيرة. فالمتغير بقيمه المتعددة والمتنوعة تشكل غموضاً لدى من يتعامل معها. فعندما نتعامل مع متغير مثل متغير العمر أو الدخل كمتغيرات كمية، نحن سوف نتعامل مع قيم مجردة، وفي نفس الوقت نحن نجهل كيف تعمل تلك القيم على فهم مجتمع الدراسة، فالمفترض أنه من خلال تلك القيم أن نزيد من فهمنا لمجتمع الدراسة، غير أننا لا نستطيع تحقيق ذلك، لسبب بسيط أن تلك القيم مجردة، لا نستطيع أن نصل إلى تفسير منطقي لتلك القيم. إن هذا الأمر يشكل متطلباً أساسياً لفهم العمليات الإحصائية والتي تقوم على قاعدتين أساسيتين هما:
أولاً: فهم المتغير
ثانياً: فهم العلاقة بين المتغيرات.
لماذا يجب فهم المتغير؟
إن فهم المتغير عملية أساسية حيث يعد ذلك الفهم خطوة نحو فهم نتائج القياس، فنحن عندما نقوم بالقياس، ونحصل على النتائج، نعرضها بشكل قيم، أي مخرجات أو نتائج، لكنها تبقى أيضاً مجردة، فنحن غير قادرين على تفسير ما نصل إليه. لذا فإن تسليط الضوء على المتغير من خلال مقاييس النزعة المركزية ومقاييس التشتت سوف يجعل فهمنا للمتغير أكثر قوة وبالتالي سوف نقرر وقبل إجراء أي عملية قياس ما إذا كان المتغير الذي نتعامل معه صالح للقياس أم لا. وتجدر الإشارة هنا، إلى أن استعمال أكثر من مقياس من النزعة المركزية أو مقاييس التشتت سوف يزيد من فهمنا للمتغير، بعبارة أخرى أن استخدام مقياس واحد لن يفي بالغرض. ويجب الإشارة أيضاً إلى أن فهم المتغير ينطلق من :
• نوع المتغير (اسمي ، رتبي ، كمي)
• طبيعة قيم المتغير (قيم أحادية، أو عشرات، أو مئات،…الخ)
أولاً نوع المتغير:
يمثل نوع المتغير أهمية بالغة عند التعامل، فالمتغير الاسمي والرتبي لا يمكن التعامل معهما باستخدام قياسات النزعة المركزية وقياسات التشتت، ويبقى قياس التكرارات والنسب المئوية هما الأداتان التي يمنكنهم ايصالنا فهم ذلك النوع من المتغيرات.
فالمتغير الاسمي يتضمن عدداً من المستويات لا تقل عن مستويين، وكل مستوى مستقل عن المستوى الآخر، أن كل مستوى يضم عدداً من مفردات الدراسة تشترك في تلك السمة. وبالتالي فنحن تعرفنا على خصائص ذلك المتغير من خلال معرفة عدد مستوياته وعدد التكرارات في كل مستوى ونسبة تكرار كل مستوى لباقي مستويات المتغير، ولمزيد من التوضيح نعرض الجدول التالي:
المتغير الاسمي
المتغير المستويات التكرار النسبة
الحالة الاجتماعية متزوج 80 40%
لم يسبق له الزواج 70 35%
مطلق 30 15%
أرمل 20 10%
المجموع أربع مستويات 200 مفردة 100%
المتغير الرتبي
المتغير المستويات التكرار النسبة
الحالة الاقتصادية مرتفعة ً 80 40%
متوسطة 70 35%
منخفضة 30 15%
منخفضة جداً 20 10%
المجموع أربع مستويات 200 مفردة 100%
نلاحظ أنه بالنسبة لكلا المتغيرين الاسمي والرتبي ومن خلال الجدولين أعلاه تمكنا من التعرف على خصائص المتغير وعدد تكرارات كل مستوى والنسب العامة لكل مستوى، أي أننا أصبحنا مدركين لكلا المتغيرين، ويمكننا إصدار بعض الحقائق، كأن نقول أن مجتمع الدراسة من ناحية الحالة الاجتماعية يتصف بأنه مجتمع مستقر نوعاً ما حيث أن نسبة المتزوجين تشكل 40% في حين أن نسبة المطلقين والأرامل تشكل نسبة 25% من مجتمع الدراسة، كما يمكن استنتاج مشكلة اجتماعية مفترضة مثل مشكلة العزوف عن الزواج حيث أن نسبة من لم يسبق له الزواج تشكل 35%، غير أن تلك الاستنتاجات يمكن أن تتأكد في حالة معرفتنا لمتغيرات أخرى مثل متغير العمر مثلاً، ومن هنا يمكن القول أن ليس فقط نستخدم قياسات لمعرفة خصائص متغير ما بل يمكننا القول أن استخدام متغيرات أخرى يمكن أن تزيد من فهمنا للمتغير الأصلي الذي نتعامل معه. فلو كان متغير العمر متوسطه كبير مثلاً 40 سنة لأقررنا أن هناك مشكلة، غير أننا أيضاً لا نجزم بشكل نهائي حتى تتضح خصائص متغير العمر، فالمسلة هنا أن هناك كثير من المعلومات والقياسات تتجمع في بوتقة واحدة تقدم في النهاية تفسيراً قوياً للمتغير. أما حالة المتغير الرتبي فنحن نستطيع القول أن 60% من مجتمع الدراسة يتصف بدخل متوسط أو منخفض، أي أن المجتمع من الطبيعي سوف يواجه كثير من العقبات الخاصة بعمليات تنميته، بل يمكننا أن نفسر سبب تأخر الزواج إلى انخفاض مستوى الدخل لدى مفردات الدراسة. العينة
قاعدة 1
تناولنا في السابق أن فهم المتغير سوف يساعدنا على التعرف السليم لمفردات العينة، وأيضاً على فهم القياسات التي سوف يكون ذلك المتغير طرفاً فيها. غير أن ذلك الفهم يجب أن يحظى بشرط يضمن تحقيق الفهم الجيد، ذلك الشرط يتمثل في أن المتغير الذي سوف نتعامل معه هو متغير لعينة عشوائية، هذا الأمر سوف يزيد من دقة ما نصل إيه من معرفة، بل أن حدود تلك المعرفة لا تتوقف عن عينة الدراسة بل تشمل مجتمع الدراسة، أي القدرة على التعميم. فكون الباحث يتعامل مع عينة عشوائية يعني أنه يقف على أرض صلبة تمنحه ثقة فيما يصل إليه من تفسير للمتغير وعلاقته مع باقي المتغيرات. غير أنه تجدر الإشارة إلى أن كون التعامل مع عينات غير احتمالية لا يعني أننا لا نصل إلى تفسير جيد للمتغير، فنحن نحقق ذلك الفهم إذا تم إتباع منهجية سليمة، لكن ذلك الفهم السليم يتوقف عند عينة الدراسة.
قاعدة 2
إن فهم المتغير يعني فهم التجانس أو التباين (للمتغير الكمي فقط) لقيم المتغير، بعبارة أخرى هل مفردات الدراسة قريبة من بعضها البعض أو متباعدة فيما بينها. إن تحديد التجانس أو التباين وفهم آلية حدوثه هو فهم لعملية القياس. فالإحصاء يقوم على مبدأ التجانس أو التباين. ويتضح ذلك عند التعامل مع متغيرات اسمية أو رتبية، هنا يجب أن تتصف مستويات المتغير الاسمي والرتبي بالتجانس فيما يتعلق بقيم المتغير التابع الذي ترتبط به، فكل مستوى يمثل مفردات متجانسة فيما بينها، لكنها في نفس الوقت تختلف عن المستوى الآخر, هنا فقط نقول إن هده القياس تحقق والمتمثل في التعرف على الاختلاف، لأنه في عدم وجود اختلاف ما قمنا بأي عملية قياسية. ونخلص أيضاً إلى أن فهم المتغير هو نهاية المطاف بل يجب أن يكون ذلك الفهم من واقع المجتمع، فكون مستويات متغير التعليم تنقسم إلى تعليم عال وتعليم متوسط وتعليم منخفض أو عندما نتكلم عن الدخل ونقسمه إلى دخل مرتفع ودخل متوسط ودخل منخفض فإننا في الوقع لا نعرف تلك المضامين إلى إذا عرفنا الواقع الاجتماعي للدراسة، فما مرتع في مجتمع قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر
قاعدة 3
تتمركز القاعدة الثالثة في فهم العلاقة بين المتغيرات، والتي يمكن تحديد أنواعها إلى :
أولاً: الاختلاف
ثانياً : الترابط
ثالثاً : التأثير
• أولاً : الاختلاف
عند فهمنا للمتغير فإن المرحلة التالية تتمثل في فهم العلاقة بين ذلك المتغير ومتغير آخر (التابع)، فإذا كان المتغير المستقل الذي تعاملنا معه ذو مستويات فإننا نريد أن نعرف كيف تختلف مستوياته فيما بينها،
مثال عند قياس علاقة بين الجنس والتحصيل
في الواقع نحن نريد أن نعرف هل يختلف الذكور عن الإناث، هنا لم نقل ارتباط بين الذكور والإناث والتحصيل بل اختلاف، فالاختلاف غير الارتباط، لأن الاختلاف يحدث في قيم المتغير التابع ولا علاقة لقيم المتغير المستقل بذلك.
• ثانياً : الترابط
الترابط بمفهومه اللفظي يعني أن هناك لحمة بين قيمتين، تلك اللحمة هي ترابط، فعندما نقول أن هناك ارتباط بين الذكاء والتحصيل، فإننا نعني أن أي قيمة من قيم المتغير المستقل (الذكاء) سوف ترتبط بقيمة من قيم المتغير التابع وهو التحصيل، فإن وصلنا إلى علاقة بينهما أي كلما زاد الذكاء زاد التحصيل، فإننا نعني أن الزيادة في قيم المتغير المستقل قابلها زيادة في قيم المتغير التابع. وبعبارة أخرى أننا قمنا بتفسير قيم المتغير التابع من خلال قيم المتغير المستقل.والعلاقة الارتباطية يمكن أن تكون طردية أو عكسية (كما زادت القيم في المتغير المستقل قلت القيم في المتغير التابع أو العكس).
• ثالثاً : التأثير
يمثل التأثير نمط مختلف عن العلاقة الارتباطية، فالتأثير يعني وجود سبب لتكوين قيم جديدة أو زيادة في قيم عند إجراء القياس البعدي، فالذي أحدث الزيادة في القيم هو مؤثر لا علاقة له بطبيعة المتغير (تجاوزاً نسميه المتغير المستقل)، لكنه أساسي لإحداث التغير أو حتى إيجاده، بل أن فهم السبب لا يتم من خلال متغير مستقل وتابع بل هو متغير واحد يتم قياسه مرتين المرة الأولى قبل إحداث المؤثر ونسمي ذلك بالقياس القبلي، ثم ندخل المؤثر ثم نقيس مرة أخرى نفس المتغير ويسمى ذلك بالقياس البعدي. والاختلاف بين القياسين يعني أن المؤثر سبب تغيراً في القياس البعدي.