كيف احسن حظي
قبل أن نخوض في غمار هذا الحديث يجب أن نكون مسلّمين أن لا شيء في الدنيا تحت مسمى (حظ) بمجرد الحظ، إنما هي أقدارٌ موضوعة باتزان، وحتى الذي لا يؤمنون بالله -عز وجل- يؤمنون بهذا الشيء بطريقة غير مباشرة، فمن كانت الحياة ضيقة عليه يقول بأنه سيأتي يوماً ما سأكون فيه فرِحاً، وهي هذه الأقدار أن الفرح والحزن مقسمٌ على كل البشرية، ولا يوجد إنسانٌ هو أكثر حزنًا من غيره، إلا أذا أراد هو لنفسه ذلك، ويريد لنفسه ذلك من خلال أنه يكبّر حجم المصبية، وإذا جاءه الفرح تذكر المصائب فلا يحزن بشكل معقول إذا جاءه الحزن، ولا يفرح كما يجب إذا جاءه الفرح، فتغدو حياته كلها أحزان، ويقول بأن حظي تعيس!
ولكن سيكون هناك عدة طرق لتحسين النظرة العامة للحياة، وكيف نحكم على الأمور التي تجعل هاجسنا بما يخص الحظ يتغير بعض الشيء أو يتغير كلياً.
هناك قانون في هذه الحياة يسمى بقانون الجذب، وهذا القانون يعني أن الأشياء التي تريدها بإمكانك أن تجذبها إليك، ولكن يجب عليك التركيز بها وبالتفكير بالأمر حولها حتى تكون من نصيبك، وللعلم أن هذا القانون وإن عارضه الكثير فهو موجود أصلاً في ديننا الإسلامي، حين يقول الله -عز وجل- في الحديث القدسي، يقولُ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- : “أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، إن ظنَّ خيرًا فلهُ، وإن ظنَّ شرًّا فله” .
ويقول ابن القيم الجوزية -رحمه الله- : “لو أن رجلاً وقف أمام جبل، وعزم على إزالته لأزاله” .
وهذه الأدلة القوية تؤكد أن الإنسان إذا فكّر بشيء بجدية تامة، فإنه سوف يحققه، فالإنسان الذي يردد دائماً أنه سيء الحظ سيكون سيء الحظ، بل سيصبح سيء الحظ وإن لم يكن كذلك، والإنسان الذي يردد دائماً أريد أن أكون متميزاً متفوقًا فسيكون كذلك، طالما هو يفكر في هذا السياق؛ لأن هذه الكلمات ليست مجرد كلمات وحسب، بل هي تؤثر على العقل الباطن، وهذا العقل الباطن يؤثر على العمل النفسي، وحتى العضوي للإنسان، فيمحور كل أعماله حسب الكلام الذي وصل إليه، فالذي يظن أنه دائماً منحوس، وأنه صاحب حظ سيء، ستتجه أعضاءه للكسل والخمول والتعب، وكذلك قلبه وعقله ونفسيّته، وهذا ما سيحدث بالضبط، وإذا قيس الأمر بالعكس فهو سيكون بنتائج عكسية تماماً .
فالذي يريد أن يحسن حظه كما يقول، فإن عليه أن يغير تفكيره لكل الأشياء من حوله، لطريقة تعامله مع المشكلات، ولطريقة نظرته للأمور، ولصعاب التي يواجهها، للمعيقات التي يلاقيها في حياته، يجب أن يفكر أن كل هذه الأمور هي خير له مهما زادت، ومهما تعقدت، وبأن في كل مصيبة هي قوة له وتقوية من ذاته وقدراته، وزيادة من وعيه وفكره، وأن المعيقات التي يلقاها تكسب شخصيته جاذبية، بعد أن يتعدّى عنها بنجاح، إذا استمر الإنسان على هذه الأفكار ستتغير حياته كليًا وسيلاحظ أن الأشياء حوله تغيرت، وكأنها أشياء جديدة دخلت إلى حياته، وعندها سيقول أنا أملك حظاً جميلاً .