كيفية علاج مرض السكر
مرض السُكريّ
هو مرض مُزمن مُنتشر بشكل كبير، يُعاني منه المريض طوال حياته، ويُؤثّر على قدرة الجسم على استخلاص الطّاقة المُتمثّلة بسُكّر الجلوكوز من الطعام. في جسم الإنسان السّليم يتمّ تحطيم الكربوهيدرات والسُكريّات المَوجودة في الطّعام إلى جُزَيء الجلوكوز، حيث يمدّ هذا الجُزَيء خلايا الجسم بالطّاقة اللازمة لأداء وظائفها الحيويّة، لكنّه يحتاج إلى وجود هرمون الإنسولين ليُساعده على الدّخول إلى الخلايا. أمّا في مرض السُكريّ فإمّا أن تنخفض قدرة الجسم على إفراز كميّات كافية من الإنسولين، أو ألّا يتمّ الاستفادة من الإنسولين الذي يتمّ إنتاجه، أو كلاهما معاً. وبما أنّ الخلايا لا تستطيع إدخال الجلوكوز فإنّه يتجمّع في الدم ويلحق الضّرر بالأوعية الدمويّة الصّغيرة الموجودة في الكِلى أو القلب أو العيون أو الجهاز العصبيّ. لذلك ينتج عن عدم علاج السُكريّ بشكل صحيح تدمير تلك الأعضاء الحيويّة، ممّا يُشكّل خطراً على حياة المريض.[١]
لمرض السُكريّ ثلاثة أنواع رئيسة؛ النّوع الأول، والنّوع الثّاني، وسُكريّ الحمل. يُعتبر النّوع الأول أحد أمراض المناعة الذّاتية التي تُهاجم فيها الأجسام المُضادّة الخلايا المَسؤولة عن إفراز الإنسولين، وبذلك يتوقّف البنكرياس عن إفراز الإنسولين أو يبدأ بإفراز كميّات قليلة غير كافية لتنظيم مُستوى الجلوكوز في الدّم. يُعاني من هذا النّوع قرابة 10% من مَرضى السُكريّ في الولايات المُتّحدة الأمريكيّة. يتمّ تشخيص النّوع الأول من مرض السُكريّ عادةً في الطّفولة أو في مَرحلة المُراهقة المُبكّرة، ويعتمد هؤلاء المَرضى على حُقَن الإنسولين بشكل يوميّ للسّيطرة على المرض. أمّا النّوع الثّاني فهو الأكثر شيوعاً، إذ يُعاني منه حوالي 90% من مرضى السُكريّ، ويحدث فيه عدم استجابة الجسم لهرمون الإنسولين، على الرّغم من استمرار البنكرياس في إفرازه، ويتمّ تشخيصه عادةً ما بعد عمر 45 عاماً. وقد وُجِدَ ارتباط العديد من الجينات بالإصابة بهذا النّوع، لذلك فهو مرض وراثيّ، بالإضافة إلى وجود عوامل أُخرى قد تزيد من فرصة الإصابة به، كالمُعاناة مثلاً من مَرض ارتفاع ضغط الدّم، أو ارتفاع مُستوى الدّهون الثُلاثيّة في الدّم، أو تناول المَشروبات الكحوليّة بكثرة، أو المُعاناة من السُّمنة المُفرِطة. أمّا سُكريّ الحمل فيُصيب الحوامل عادةً في النّصف الثّاني من فترة حملهنّ. وعلى الرّغم من اختفاء هذا المرض بعد الولادة، إلّا أنّ النّساء اللّواتي عانين منه قد يُصَبن بالنّوع الثّاني من مرض السُكريّ أكثر من غيرهنّ. وكذلك قد يَلِدن أطفالاً كبيري الحجم.[٢]
أعراض الإصابة بمرض السكري
يشعر مريض السُكريّ بأعراض عدّة، بغض النّظر عن النّوع الذي يعاني منه. أمّا أبرز تلك الأعراض والعلامات فهي على النّحو الآتي:[٢]
- الإعياء العام، والشّعور بالتّعب باستمرار: وذلك ناتج عن عدم مَقدرة الجسم على الاستفادة من الجلوكوز كوقود له. ويتحوّل بعدها إلى استخدام مَصادر أُخرى للطّاقة، كالدّهون مثلاً، وذلك يستزف طاقة الجسم بشكل أكبر، فيشعر المريض بالتّعب المُستمرّ.
- فقدان الوزن غير المُبرّر: وذلك على الرّغم من عدم انخفاض شهيّة المريض للطّعام. ويعود إلى عدم مَقدرة الجسم على الاستفادة من السّعرات الحراريّة التي يتناولها. كما يُساهم فقدان السكّر والماء مع البول وحالة الجفاف التي تُصاحبها في فقدان الوزن.
- الشّعور بالعطش الشّديد: وذلك بسبب ازدياد نِسَب السكّر في الدم، فيحاول الجسم تخفيض تلك النّسب عبر زيادة مستوى الماء، فيرسل الدّماغ إشارات على شكل إحساس بالعطش حتى يُكثر المريض من شرب الماء.
*التبوّل بكثرة: وتلك طريقة أُخرى يحاول فيها الجسم مُقاومة النِّسَب العالية من السكّر في الدّم، وذلك عبر طرحه بكثرة في البول.
- الإفراط في تناول الطّعام: ويرجع ذلك إلى دور الإنسولين في تحفيز الشّعور بالجوع، ومع ازدياد نِسَبِه في النّوع الثّاني من مرض السُكريّ يزداد الشّعور بالجوع.
- كثرة الإصابة بالالتهابات: وذلك بسبب ضعف المناعة التي يُعاني منها مَرضى السُكريّ، بالإضافة إلى وجود السُكّر وبكثرة في الجسم؛ إذ يُحفّز ذلك نمو البكتيريا.
- اختلال الحالة العقليّة: وذلك ينشأ من المُضاعفات العديدة لمرض السُكريّ النّاتجة غالباً عن الارتفاع الكبير في مستوى الجلوكوز في الدّم.
- ضعف التآم الجروح: إذ تمنع المستويات المُرتفعة من الجلوكوز كريات الدّم البيضاء من أداء وظائفها بشكل سليم، وذلك ما يُعرّض الجروح للالتهاب ولتأخير الالتآم.
علاج مرض السكري
يهدف علاج مرض السُكريّ بشتّى طُرُقِه إلى تقليل مُستويات السكّر في الدّم بشكل رئيس. أمّا أهمّ طُرق علاج مرض السُكريّ فهي على النّحو الآتي:[٣][٤]
- طرق علاج جميع أنواع مرض السُكّري: وهذه الطّرق لا تقلّ أهميّة عن الأدوية، إذ تهدف إلى المُحافظة على وزن الجسم المثاليّ. وتشمل اتّباع الحِمية الغذائيّة الصحيّة من خلال التّركيز على تناول الفواكه والخضراوات والحبوب؛ لقيمتها الغذائيّة العالية، واحتوائها على كميّات كبيرة من الألياف، وهي أيضاً قليلة الدّهون. والتّقليل من تناول المَنتوجات الحيوانيّة، والكربوهيدرات المُكرّرة، والحلويّات. ومن الضروريّ أيضاً مُمارسة التّمارين الرياضيّة باستمرار، إذ يعمل ذلك على المُساهمة في إدخال جُزيئات الجلوكوز إلى الخلايا، بالإضافة إلى دورها في زيادة استجابة الخلايا لهرمون الإنسولين. ويجب على جميع مرضى السُكّري قياس مُستوى السُكّر في الدّم باستمرار للتأكّد من استجابة الجسم للعلاج، وللحيلولة دون الدّخول في مُضاعفاتٍ ناتجةٍ عن الارتفاع الكبير في مُستوى السكّر.
- العلاج بالإنسولين: ويُستخدم عادةً لعلاج النّوع الأول من مرض السُكريّ، وفي حال عدم استجابة مريض النّوع الثّاني للأدوية الأخرى. وللإنسولين أشكال مُتعدّدة؛ فمنها ما يبدأ تأثيره فوراً، ومنها ما يستمرّ تأثيره لفترات طويلة. ولا يتمّ إعطاؤه عن طريق الفم عادةً، بل على شكل حقن، وكذلك عبر ما يُسمّى بمضخّات الإنسولين.
- الأدوية غير المُحتوية على الإنسولين: وتُعطَى إمّا على شكل حبوب فمويّة أو بالحقن، ولها أنواع عديدة؛ فمنها ما يعمل على تحفيز إفراز الإنسولين من البنكرياس، ومنها ما يُثبّط إنتاج الجلوكوز من الكبد، وهنالك أنواع تعمل على زيادة استجابة خلايا الجسم للإنسولين. أمّا أشهر هذه الأدوية وأولّها استخداماً لعلاج مرض السكري دواء ميتفورمين. ومن هذه الأدوية روزيقليتازون، وكلوربروبامايد، وريباغلانايد، وأكاربوز وغيرها.
- إجراء عمليّة زراعة للبنكرياس: ويستفيد من هذه العمليّة مرضى النّوع الأول على وجه الخصوص. وعند نجاح هذه العمليّة لا يحتاج المريض إلى حقن الإنسولين مرّة أُخرى، ولكنّها تحمل أيضاً مخاطرَ عدّة تتمثّل برفض الجسم للعضو الجديد. ولذلك تُجرى هذه العمليّة عادةً للمرضى الذين لا يستجيبون للإنسولين، أو للذين سيجرون عمليّة زراعة للكِلية.