كيفية حساب جرعة الانسولين لمرضى السكر
مُنذُ الأزمّنة القديمة والأمراض تحتّل نِسبة عاليّة من مُسبِبات الموت، ولكنْ لشَغَف الإنسان وفُضولُه ظلّ يبحث ويستكشِف ليعرِف ما هو المرض وما أنواعه وما هي أعراضُه وطُرق العلاج منه، إنّ الأمراض كثيرة ومُتنوعة وتتفاوت قُوتّها، فمنها أمراض يُمكن الشّفاء منها وهناك أنواع أخرى لا يُمكن الشّفاء منها ويكون منْ الصُعوبة إيجاد عِلاج تام له، ولكنْ لا يجِب أنْ ننسى قول رسول الله (عنْ أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّ الله عليه وسلّم: ما أنزلَ الله داءٍ إلّا أنزل له شفاء) رواه البُخاري-ابن ماجة.
إنّ الإنسان على مرْ العُصور اكتشفَ العديد منْ الأدويّة للكثير منْ الأمراض، وتُعِين هذه الأدوية على الشّفاء التّام من الأمراض الغير مُستعصِية، وما زال العِلم يبحث لاستكشَاف أدويّة للأمراض المُستعصِيّة، وهناك مُحاولات كثيرة لمعرفة مُسبباتِه ومُحاولة تفادِيها كما تقول الحكمة: (دِرْهم وقاية خيرٌ من قِنطار علاج)، ولا يقف العِلْم عند هذا الحدْ فقط، ولكنْ يبحث في اكتِشاف طريق لجعل المُصابين بالأمراض المُزمِنة أنْ يتعايشوا مع مَرضِهم بتوفير عِلاجات مُؤقتّة وتُوقِف انتشار المرض.
هناك الكثير من الأمراض المُنتشرة والتي لا يُوجد لها علاج جذْري منها مرض السُكّر، هذا المرض الذي يُعاني منه كِبار السّن وصِغارُهم، وهو منْ الأمراض التي تُسبِب خللاً كبيراً في جِسم الإنسان وتوان حياته، ولكنْ بفضل الله يُمكن التعايُش مع هذا المرض والتّعود عليه في حالْ تمّ الالتزام بالإرشادات والتّعليمات الخاصّة بالمُصابين به.
ما هو مرض السُكّر
مرض السُكّر هو المرض الذي تكون فيه نِسبة السُكّر في الدّم عالية جداً، ويُخفّض عن طريق هِرمون يُفرزُه البنكرياس وهو هُرمون الأنسولين.
الأنسولين هو عِبارة عنْ هُرمون يُفرز من خلايا مُعيّنَة مُتواجِدة في البنكرياس تُسمى بخلايا بيتا، والأنسولين وظيفتُه المُحافظة على نِسبة السُكّر في الدّم، فعندما ترتفع نِسبة السُكّر في الدّم يقوم البنكرياس بإفراز هِرمون الأنسولين الذي يقوم بتحويل السُكّر الزّائد في الدّم إلى جُلكوز ويحتفظ به داخل الخلايا لإنتاج الطّاقة وأيضاً يقوم الأنسولين بوظيفة أخرى وهي إعطَاء إشارة للكبِد بتخزين السُكّر على شكل كربوهيدرات لوقت يحتاج فيه جِسم الإنسان المزيد منْ الطّاقة أثناء بَذِلْ مجهود أو في أوقات الصّيام على سبيل المثال.
كيف يُقاس الأنسولين
لمعرِفة كيف يُقاس الأنسولين يجب أنْ نعرِف المِقياس الخاصْ بهذا الهرمون، فالأنسولين يُقاس بالوحِدات، حيث أنّ بنكرياس الشّخص الطبيعي البالِغ يحتوي على 200 وحدة، يقوم البنكرياس بإفراز وحدات من 30-50 وحدة يومياً، حسب حاجة الجِسم، أو حسب نِسبة الجُلوكوز في الدّم فإنْ كانت مُرتفِعة يزيد إفراز عدد الوحدات.
عند تناول الطّعام يبدأ البنكرياس بإفراز هرمون الأنسولين بعد حوالي 8-10 دقائق ليُعادِل نسبة السُكّر في الدّم، لأنّ السُكّريّات هي المُحفّز الرئيسي لإفراز هرمون الأنسولين، لذلك يكون قياس نِسبة الأنسولين في الدّم عن طريق معرِفة نِسبة السُكّر، فعندما تكون نسبة السُكّر عالية ستكون نِسبة الأنسولين مُنخفِضة، وعلى العكس من ذلك لو كانت نِسبة السُكّر مُنخفِضة ستكون نسبة الأنسولين مُرتفِعة، وإنْ كان مُعدّل السُكّر في الدّم طبيعي أيْ يتراوح ما بين 70-80 مم لكل 100 لتر دَمْ، فهذا يعني أنّ نِسبة الأنسولين مُناسِبة في الجِسم، وحِساب جُرعة الأنسولين لمرضى السُكّر تتّم بالطّريقة التالية، حيثُ أنّ هذه الطّريقة هي الأكثر شيوعاً والتي يعتمدَها الأطباء في حِساب نِسبة الأنسولين اعتماداً على وزن الشّخص المُصاب بالمرض، حيث يتّم ضربْ وزن الشّخص بالرّقم 0.55 والنّاتج يكون كِميّة الأنسولين اليّومية التي يجب على المريض أخذِها، ومنْ المُهم معرفة أنّ مدى السُكّر يختلف منْ شخص لآخر ولكنْ يكون الحدْ الأعلى المقبُول لمرضى السُكّر هو 130 ملغم/ديسيلتر قبل تناول وجبة الإفطَار والغداء والعَشَاء ويصل إلى 120ملغم/ديسيلتر بعد ساعتين من الأكل، ويصِلْ إلى 150ملغم/ديسيلتر قبل النّوم، وهذه كُلها مُعدّلات طبيعيّة أيْ تغيير فيها يثبت أنّ هناك خللاً في نِسبة الأنسولين في الدّم.
واليوم في ظِلْ وجود تطّور تُكنولوجي كبير، أصبح قِياس نِسبة الأنسولين في الدّم تتّم بشكل سريع ودقيق أيضاً، وذلك عن طريق أخذْ عيّنات منْ الدّم، وتُوضع في مكان مُخصَص في تلك الأجهزة وننتظِر بعض الوقت وستظهرْ لنا البيانات الخاصّة بنسبة السُكّر بالدّم ونسبة الأنسولين وكل ما قد يهِم المريض معرفتُه، ليُحافِظ على التّوازُن في جسمه وأن ْيكون حريصاُ على نفسِه خوفاً من أنْ تذهب الأمور إلى مَسار صعْب تُؤدِي بالمريض إلى عواقِبْ وخيمَة، لذلك لا بُدّ وأنْ نُعطي بعض النّصائح والإرشادات.
نصائح وإرشادَات
يجب على مريض السُكّر ومنْ يُحقَن بالأنسولين أنْ يكون مُنتبِهاً لنفسِه، وحريصاً كل الحِرْص على نفسِه، وعليه أنْ يقوم بشكل دوري بِقياس نِسبة السُكّر في الدم، ليُحافظ على مُعدّله الطبيعي في كل الأوقات، وهذا سيجعل مريض السُكّر مُتعايشاً مع المرض دون أنْ يُؤثر على حياتِه بالسّلْب كما يحصل مع الكثيرين منْ مرضى السُكّر الغير مُهتمّين بأنفسهم فهم يُعانون من مشاكِل كثيرة تتطلّب نقلِهم إلى المُستشفى أحياناً لذلك يجب على مريض السُكّر أنْ يُنظّم وجباته، وأنْ تكون ذو كِمية ونوعيّة معروفة ومنْ المُستحسن أنْ تكون تحت إشراف خبير تغذيّة أو الدّكتور المُشرِف على الحالة، فالعامِل الأساسي في رفع أو خفِض نِسبة السُكّر بالدّم هي نوعية الوجبَات التي يتناولها المريض، فلا يجب أنْ تحتوي على الكثير من السُكّريات، حتى تتناسب مع نسبة الأنسولين التي سيُحقن نفسه بها.
ومنْ الأمور الهامة التي يجب أن ينتبه لها مريض السُكّر أنْ يأخُذ العلاج في الوقت المُناسِب له، لا بد وأنْ يكون حريصاً على نفسِه منْ هذه النّاحية، إنّ التزام المريض بأخذْ العلِاج بالوقت المُحدّد سيجعل نِسبة السُكّر في الدّم في مستواه الطّبيعي على مدار السّاعة، ولا بُدّ لكل مريض سُكّر أنْ يحمل معه جهاز فحص السُكّر، حتى يتسّنَى له الفَحْص في كل مكان وفي أيْ وقت من الأوقات.
من الأمُور الهامّة التي يجب على مريض السُكّر اتّباعِها بشكِل مُنتظَم هي مُمارسة الرّياضة، وهذا يُنصح به كل الأطّباء المُشرفون على مرضى السُكّر، لأنّ هُناك العديد من الفوائد لمُمارسِة الرّياضة منها تحسين قُدرة الجسم على استخدام الأنسولين، وأيضاً ينقُص السُكّر من الجِسم ويُخفّض الضّغط ويُنقِص من نسبة الكولسترول في الجِسم ويُساعد في إنقَاصْ الوزِن.
على المريض أنْ يكون حريصاً على زيارة الطّبيب بشكِل دورِي لمُتابعِة حالته ومُستجدّاتِها، ويُعرف هل طرَأ تغيير كبير على نِسبة الأنسولين أم أنّها لا تخرُج مع مُعدّلاتها المُعتادة، ولكي يعرف هل يبقي على نفس النّسبة منْ الأنسولين التي يأخذُها أم يُقلِل منها أو يزيدَها.
في نهاية الأمر إذا كُنت مُمكِن ابتلاهم الله بذلك المَرض، فعليك أنْ ترضى بما كتبهُ الله لك، فالمرَض هو ابتِلاء من ربْ العالمِين ليختبِر صبرَنا، عليك الرّضا ومحاولة التّعايُش مع هذا المرض، باتّباع كافّة التّعليمات التي منْ شأنِها أنْ تجعل كل شيء على طبيعتِه وكأنّ شيئاً لمْ يكُن، لا يجب أنْ تُفكّر كثيراً بهذا المرض ولا تيْأس، لأنّ هناك الكثير منْ النّاس لديهم هذا المرض مُنذُ الطُفولة وعاشوا حياة طبيعية وكأنّهم لم يكونوا في يوماً يحمِلون أيْ مرَض، فاحرص على نفسِك وكنْ مُهتّماً بكل شيء كي تبقى على قيْدِ حياة سليمة وصحيحة.