كلمات اللهم انك تعلم سري وعلانيتي
اللهم انك تعلم سري وعلانيتي
في زمن من الأزمان ، زمن لا يعلمه إلا الله تعالى ، خلق الله تبارك و تعالى السموات والأرض ، وجمع ملائكته وأخبرهم بالخبر العظيم ، وهو خبر خلق أول خليفة على الأرض ليخلف بعضه بعضاً ، فتعجبت الملائكة وتسائلت باستفهام لا باعتراض على أمر الله تعالى…. فقال تعالى في كتبه المحكم :
"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ... وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ". صدق الله العظيم
و كرّم الله تعالى سيدنا آدم بأن سواه ثم نفخ فيه روحاً من روحه ، عولّمه الأسماء كلها ، وقد قيل عن العلماء أن منهم من قالوا : أن الله تعالى علم سيدنا آدم أسماء الدواب والأشجار والبحار و السهل وغيرها ، كما قال آخرون أنه علمه أسماء ذريته من بعده ، وبعد ذلك عرض هذه الأشياء على الملائكة وسألهم عنها فلم يعرفوا ما هي أسماءها ، وعندما عرضها على سيدنا آدم عليه السلام فعرفها كلها ، فأدركت الملائكة في هذا الحين أن تساؤلها لم يكن في مكانه ، وذلك لأن علم الله تعالى واسع كبير.
وقال الله تعالى : “وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ،قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ،قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ” صدق الله العظيم
وبعدها جمع الله تعالى ملائكته وإبليس وأمرهم بالسجود لآدم تكريماً وتعظيماً لخلقه تعالى ، فسجدو الملائكة جميعاً امتثالاً لأمر الله تعالى عليهم ، فهم لا يعرفون العصيان لله تعالى مهما أمرهم و يفعلون كل ما يؤمرون به ، أم إبليس أبى واستكبر على الله تعالى وعلى خلقه (وهو آدم عليه السلام) فقال (كيف لي أن أسجد لمن خلق من طين وأنا خلقت من نار فأنا خير منه) ، و بهذا عصى أمر الله تعالى فطرده الله من رحمته ولعنه إلى يوم الدين. قال تعالى : “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ “.
وذلك الأمر أغاظ إبليس ، رأى أن الله لعنه بسبب آدم عليه السلام ،ولذلك قرر إبليس أن يغوي آدم في الجنة ليطرده الله عز وجل من رحمته كما طرد إبليس ، فعندما أمر الله تعالى سيدنا آدم وزوجته حواء أن يعيشا في الجنة ، وأن ينتعما في نعيمها ، ككما أح لهما أن يأكلا من كل شيء فيها إلا شجرة واحدة منعهما من الإقتراب منها وحذرهما ، قال تبارك وتعالى : “وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ” ، وفي هذا وجد إبيس الرجيم فرصة له بأن يغوي آدم من أن يأكل من هذه الشجرة ، فزين هذه لآدم وأقنعه بأنها شجدرة الخلد ، وقال له بأن الله أبعده عنها كي لا يعيش في هذا النعيم إلى الأبد ، إلى أن عصى سيدنا آدم أمر الله تعالى وأكل منها هو وزوجته ، وما أن لبثا أن أكلا منها إلا وبدأت عوراهما بالظهور ، فأخذا يغطيانها بأوراق الأشجار طلباً للستر ، وبذلك ندم سيدنا آدم أشد الندم على معصية رب الكون وهذا ما جعل الله تعالى أن يغفر له هذه المعصية ، لكن الله غفرها وأنزلهما إلى الأرض لعيشا فيها هو وأمنا حواء ، وشاء الله تعالى لهما بأن ينجبا ذرية يخلف بعضها بعضاً إلى أن تقوم القيامة ، فقال الله تعالى : “فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ”
مع ذلك لم يستسلم إبليس اللعين الذي فشل في طرد سيدنا آدم من رحمة الله ، فعزم بأن يغوي جميع ذرية آدم إلى يوم القيامة انتقاماً ، وذلك ليدخلهم في نار جهنم ، وليس لإبليس أي قوة إلا على من ابتعد عن طريق الهداية ، طريق عبادة الله وحده لا شريك له ، وعبادة الله لا تكتمل إلا بالإبتعاد عن خطوات الشيطان الرجيم … والله أعلم.
- الآيات في الأعلى من 30 إلى 36 على التوالي ، سورة البقرة.
إن من أعظم أدعية سيدنا آدم لله تعالى هو دعاءه: “اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فاعطني سؤالي، وتعلم ما في نفسي فأغفر لي ذنوبي، اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي، ويقينا صادقاً حتى أعلم أنه لايصيبني إلا ماكتبته عليّ، والرضا بما قسمته لي يا ذا الجلال والإكرام”