كلام حزين جداً عن الحب والفراق
من فضلك ارقني
أدركت أنّ صوتك كتراتيل ترقيني كلّ مساء!
ها أنا ذا اُبلِغُ عبد الحليم وأمّ كلثوم.. أبلَغَ اعتذاراتي!
بل اعتذر للشموس والأقمار والكواكب
فلم يحترف فؤادي الرقص إلّا على أوتار دويك!
يقودني صوتك نحو سلّمٍ موسيقي لا درج له، بل كلّما طرحته على مسمعي كنوتة موسيقية!
أخاله أغنية، فأجد نفسي أدندن كصدى يحمل المواويل عابراً الوديان إلى الجبال الأخرى.
يا صاحب الأورج؟
أهذا ما أنت عليه؟!
رجلٌ يتباهى بحنجرته لا بما يملك
إن قلت لك إنّ المياه فقدت قدرتها على الإرواء، وفقدت النجوم قدرتها على السهر وشهقت السماوات!
بعد أن صدح صوتك إمبراطرية كوني
وتسلّل وتنامى إلى مسمعي!
فبدأ قلبي بالصلاة للشهب والأقمار والنيازك وأرواح الغابرين
ودعوت الله أن يحوطك برعايته ويجنّبك دسائس القدر
ها أنا أنصهر في وجداني كلّما شرعت في الغناء، وغازلت أناملك بالعزف بعضها!
وأعلن لسمفونية العمر زوال عقلي!
يدور رأسي بك كفالس محموم، على ايقاعه يبدأ يومي وينتهي.
وكما قال نيتشه ( من أيّ نجوم أتينا لنلتقي اخيراً ) .
أيّها الغريب
أما زلت تشتاقني عند سماع اسمي؟
أم أنّ وقعه لم يعد مألوفاً بالنسبة إليك!
يَا بعيدي، يَا أميري، يَا اسيري؟ هل من مجيب ؟!
سهرت الليالي أفتش عنك من بين طيات أيامي الناعسة
أابحث عنك كأم أضاعت طفلها !
استجمع كلّ ما أوتيت من ذاكرة كي أنساك
فأراني وبكل ما أوتيت من نسيان أتذكرك!
يَا غريبي!
أدركت ما أصابني
قد سئمت الحياة كفقير سئم من ترقيع ثوبه الوحيد!
فلم أجد للموت وسيلةً إلّا بك؟
وكأني أصفك كانتحار استثنائي .
أتناساك ولا أدرك أني أنساني!
وهل هذا منطقي؟!، وهل يمكنني أن أنساني؟
ولكن ألم أقل لك إنّك سيّدي ومليكي ونفسي؟
فمن المنطقي أنّ محاولتي نسيانك كفيلة بنسياني!
أوليس من حقّي أن أنجو بما تبقّى منّي؟
أن أجذف حتى الضفة الأخرى فيقذفني البحر كما قسوتك إلى هاوية الزمان !
وحدّها الورود تنام عاريةً ملتحفة السماء، مستندةً إلى غصنها
ولكن إلى متى؟ ها أنت قد غدرت بي، وسلّمتني إلى شيخوختي مكبّلة الأيادي، غير آبه بما أصاب أوراق عمري من خذلان
بعيداً عن ملحمة أفكاري، سلاماً على من أبعد نفسه بنفسه!
انتظار
تُركت للوحدة كالبئر البئور!
أناجي خيبتي وأخلع عني بهجتي!
أهذا هو شعور الخذلان؟!
وكأني مفترشة النسيان اُحقن بمورفين التأجيل والتسويف
كعجوز ملحوب ملأ الثغام رأسهُ
ونهش المرض جسدهُ
يتخبّط كل ليلةٍ في وحدتهِ
فيشتاق أجله كمحبوبتهِ
وأيم الله ! ليكاد أن يرشي الموت فيواعدهُ..
ليغادر دنياه محنطٍ في كفنه مبتسمُ!
أحتار
ما الذي اضعفكَ يَا قلبي؟
لماذا هذا الوهنُ المريب؟
ألهذا نَقمت عليكَ الحياة وبدأَ اليأسُ بالتهام بقايا الأملِ فيك.
ألهذا اخترتَ الصمت لغةً تحترفها؟
ضاجعتَ الحزن فكُتِبت عليك خطيئة الزنا!
اقترنت بكَ وأبت فراقك
أقفلْتَ أبوابك حتى نَسجَ عليها الزمن خيوطاً من النسيان
فضّلتَ أن تُقاسم اللّيلَ أوجاعك فيئس اللّيلُ منك وتركك في وحدتك تغرق!
أصبحتَ شاحب اللّون كريه الرائحة كوجوه الموتى .
هل تملكَكَ الحزنُ بعد؟!
أراكَ أصبحتَ كسمكةٍ تغرقُ في مائها، وهل هذا معقول ؟!
أن تموتَ في حياتك، أن تُقبِلَ عليك الوحدة على هيئة وجع يطعن في خاصرتك وأنت لا حول لك ولا قوّة إلّا أن تسلّم نفسك!
كعروس تزف رغماً عنها مرتديةً ثوباً أبيض، وعليها طرحة شفّافة أخفت شحوب وجهها الّذي أفقدَهُ الحزن بهجته.
هكذا أنت يَا قلبي!
تعيش حزناً باذخ يليق بكبريائك، تعزف الحان الموت في زفافك
تدسُ السّم في قدحِ نبيذك الفاخر تتجرعهُ إلى آخر قطرة منه، فتتنفّس الصعداء غير مكترث بمن حولك
ها قد أقبل الموت يُزف إليك كانبلاج صبحٍ بعد مقاسات ليل طويل حالك السواد
فتودّع آخر رمقة من الدنيا تعزف روحك ألحان السعادة
ها قد سكبت السماء دموعها بعد أن حبستها وقتاً ليسَ بقليل وتجمّدت الأنفاس في عروق الرياح
سلامٌ عليك يَا قلبي!
لم يعد لك مكانُ في الأرض فجمعت أشلاءك وغادرت مع أسبال اليمام
غادرت كبجعةٍ سوداء تتقلّب بين مياه الأنهار تبحث عن مناخٍ يناسبها
غادرت بعد أن كشفت عُريك ووهنك لبني الإنسان محاولاً جمع ما تبقّى من شظايا عذريتك
سلام عليك يَا قلبي.. سلامٌ عليك مني!