قصيدة عن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ,عبارات مدح وفخر بالزعيم جمال عبدالناصر
لا.. لم يمت
وتظل أشتات الحديث ممزّقات فى الضمائر
غافيات فى السكينة
حتى تصير لها من الأحزان أجنحة
تطير بها كلامًا مرهقًا
يمضى ليلقفه الهواءُ
يرُدّه لترن فى جدرانه دور مدينة الموت الحزينةْ
أصوات أهليها الذين بنت بهم سرر البكاء
يتجمّعون على موائد السهر الفقير
معذبين ومطرقين
الدمع سقياهم وخبزهم التأوُّه والأنين
يلقون ـ بين الدمعتين ـ زفير أسئلة
تُخشخش مثل أوراق الخريف الذابلات
هل مات من وهب الحياة حياته
حقًّا أمات؟
تتجمع الكلمات حول اسمٍ سرى كالنبض فى شريانهم
عشرين عامًا
كان الملاذ لهم من الليل البهيم
وكان تعويذ السقيم
وكان حلم مضاجع المرضى
وأغنية المسافر فى الظلام
وكان مفتاح المدينة للفقير يذوده حرس المدينة عن حِماها
وكان موسم نيلها
يأتى فينثر ألف خيط من خيوط الخصب تورق فى رباها
وكان من يحلو بذكر فعاله فى كل ليلة
للمرهقين النائمين بنصف ثوب.. نصف بطن
سمر المودّة والتغنِّى والتمنِّى والكلام
والآن أصبح كل لفظ خنجرًا
ولكل أمنية عذاب
هل مات.. واحزناه!!
عشرين عامًا
نلقاك شابًّا فى رداء الحرب تنفخ فى النفير
كى توقظ الأشلاء
تجمع شمل مصر المسترَقَّة
كانت على مجرى الزمان تمزّقت قِطَعًا
فطُفتَ على مسار النيل تجمع مزقة فى إثر مزقةْ
حتى نهضت – نهضتما – ألقيتما التابوت فى لهب السعير
وعدتما فى خير رفقةْ
نلقاك كهلا أشيب الفودين فى عمر النبوةْ.
هذه آخر الأرض
لم يبق إلا الفراقْ
سأسوّى هنالك قبرًا
وأجعل شاهده مزقة من لوائك
ثم أقول سلامًا
زمن الغزوات مضى والرفاقْ
ذهبوا
ورجعنا يتامى
هل سوى زهرتين أضمُّهما فوق قبرك
ثم أمزِّق عن قدمى الوثاق؟!
إنّنى قد تبعتك من أول الحلم
من أول اليأس حتى نهايته
ووَفَيْتَ الذماما
ورحلت وراءك من مستحيل إلى مستحيل
لم أكن أشتهى أن أرى لون عينيك
أو أن أميط اللثاما
كنت أمشى وراء دمى
فأرى مدناً تتلألأ مثل البراعم
حيث يغيم المدى ويضيع الصهيل
والحصون تساقط حولى
وأصرخ فى الناس
– يومًا بيوم –
وقرطبة الملتقى والعناقْ
آه.. هل يخدع الدم صاحبه
هل تكون الدماء التى عشقتك حراما؟ !
كنتُ فى قلعةٍ من قلاع المدينة ملقى سجينا
كنت أكتب مظلمة
وأراقب موكبك الذهبى
فتأخذنى نشوة وأمزِّق مَظلمتى
ثم أكتب فيك قصيدةْ
آه يا سيّدى !
كم عطشنا إلى زمن يأخذ القلب
قلنا لك اصنع كما تشتهى
وأعد للمدينة لؤلؤة العدل
لؤلؤة المستحيل الفريدةْ
لم أكن شاهدًا أبدًا
إننى قاتل أو قتيل!
مت عشرين موتًا
وأهلكت عشرين عمرًا
وآخيت روح الفصول
تتوارى عصوركم وأظل أغنّى لمن سوف يأتى
فترجع قرطبة وتجوز الشفاعةْ
إننى أحلم الآن
لم تأت
بل جاء جيش الفرنجة
فاحتملونا إلى البحر نبكى على الملك
لا.. لست أبكى على الملك
لكن على عمرٍ ضائعٍ لم يكن غير وهمٍ جميل !
فوداعًا هنا يا أميرى
آن لى أن أعود لقيثارتى
وأواصل ملحمتى وعبورى
تلك غرناطة تختفى
ويلف الضباب مآذنها
وتغطّى المياه سفائنها
وتعود إلى قبرك الملكى بها
وأعود إلى قدرى ومصيرى
من ترى يعلم الآن فى أى أرضٍ أموت؟.