قصيدة أنا الذي تعرف البطحاء وطأته
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
قال أبو الفرج الأصبهاني: ” حدثني بن محمد بن الجعد ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا محمد بن زكريا العلاني قال: حدثنا ابن عائشة قال: حج هشام بن عبد الملك في خلافة الوليد أخيه ومعه أهل الشام فجهد أن يستلم الحجر فلم يقدر من ازدحام الناس، فنصب له منبر فجلس عليه ينظر إلى الناس، فأقبل زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما، وهو أحسن الناس وجهاً، وأنظفهم ثوباً؛ وأطيبهم رائحة، فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر تنحى الناس كلهم له وأخلوا الجحر ليستلمه، هيبة له وإجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً وبلغ منه، فقال رجل لهشام: من هذا أصلح الله الأمير؟ قال: لا أعرفه، وكان به عارفاً، ولكنه خاف أن يرغب فيه أهل الشام ويسمعوا منه. فقال الفرزدق، وكان لذلك كله حاضراً: أنا أعرفه فسلني يا شامي من هو، قال: ومن هو؟ قال:
يا سائلي اين حل الجـود والكـرم … عنـدي بيـان اذا طلابـه قدمـوا
هذا الذي تعرف البطحـاء وطأتـه ... والبيت يعرفـه والحـل والحـرم
هذا ابـن خيـر عبـاد الله كلهـم ... هذا التقي النقـي الطاهـر العلـم
هذا الذي احمـد المختـار والـده ... صلى عليه الإله ثم جـرى القلـم
هذا ابن فاطمه ان كنـت جاهلـه ... بجـده انبيـاء الله قــد خـتـم
هـذا علـي رسـول الله والــده ... امست بنور هداه تهتـدي الامـم
هذا الذي عمه جعفـر الطيـار والـ ... مقتول حمزه ليث حبـه قسـم
هذا ابن سيـده النسـوان فاطمـه ... وابن الوصي الذي في سيفه سقـم
من جده دان فضـل الانبيـاء لـه ... وفضـل امتـه دانـت لـه الامـم
لو يعلم الركن مـن جـاء يلثمـه ... لخر يلثم منـه مـا وطـئ القـدم
فليش قولك مـن هـذا بضائـره ... العرب تعرف من انكـرت والعجـم
الله شـرفـه قـدمـا وفضـلـه ... جرى بذاك له فـي لوحـه القلـم
مشتقـه مـن رسـول الله نبعتـه ... طابت عناصـره والخيـم والشيـم
ينشق ثوب الدجى عن نور غرتـه ... كالشمس ينجاب عن اشراقها القتم
اذا راتـه قريـش قـال قائلـهـا ... الى مكـارم هـذا ينتهـي الكـرم
يغضي حياء ويغضى من مهابتـه ... فمـا يكلـم الا حـيـن يبتـسـم
يكـاد يمسكـه عرفـان راحتـه ... ركن الحطيم اذا ما جـاء يستلـم
كلتا يديـه غيـاث عـم نفعهمـا ... يستو كفان ولا يعروهمـا العـدم
سهل الخليقـه لا تخشـى بـوادره ... يزينه اثنان حسن الخلـق والكـرم
حمّـال اثقـال اقـوام اذا فدحـوا ... حلو الشمائل تحلـو عنـده نعـم
لا يخلف الوعـد ميمـون نقيبتـه ... رحب الفناء اريـب حيـن يعتـزم
عم البريه بالاحسـان فانقشعـت ... عنها الغيابـه والامـلاق والعـدم
ينمي الى ذروه العز التي قصـرت ... عن نيلها عرب الاسـلام والعجـم
من معشر حبهم ديـن وبغضهـم ... كفـر وقربهـم منجـى ومعتصـم
ان عد اهل التقـى كانـوا ائمتهـم ... او قيل من خير اهل الارض قيل هم
لا يستطيـع جـواد بُعـد غايتهـم ... ولا يدانيهـم قـوم وان كـرمـوا
هم الغيوث اذا مـا ازمـه ازمـت ... والاسد اسد الشرى والبأس محتدم
لا يقبض العسر بسطا من اكفهـم ... سيان ذلك ان اثروا وان عدمـوا
يستدفع السوء والبلـوى بحبهـم ... ويسترب بـه الاحسـان والنعـم
مقـدم بعـد ذكـر الله ذكـرهـم ... في كل بدء ومختـوم بـه الكلـم
يأبى لهم ان يحل الـذد ساحتهـم ... خيم كريـم وايـد بالنـدى هضـم
اي الخلائق ليسـت فـي رقابهـم ... لاوّليّـه هــذا اولــه نـعـم
من يعـرف الله يعـرف اولويّـة ذا ... فالدين من بيت هـذا نالـهالامـم