قصه إبراهيم عليه السلام
إن سيرة نبي الله إبراهيم عليه السلام من أجمل وأكثر القصص التي ذكرت في القرآن الكريم ذخراً بالعبر والعظات ، وإبراهيم هو أحد أولو العزم من الرسل الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في كتابه ، فقد تحمل المشاق من أجل الدعوة إلى دين الله الحنيف ولم يتوان عن الدعوة وتنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى حتى توفاه الله .
ولد إبراهيم عليه السلام في العراق ، في مدينة بابل ، وكانت العراق في تلك الأيام مركزاً حضاريا وثقافياً كبيراً ، وكانت تعرف المدن في العراق في ذلك الوقت بدولة المدينة ، حيث كانت كل مدينة مستقلة بذاتها وتشكل دولة لها ملك وآلهة خاصة بها ، ولد ابراهيم عليه السلام في تلك الفترة ، كان النمرود وقتها هو حاكم مدينة بابل ، أو دولة بابل بالأحرى .
وجدير بالذكر أنه لا توجد مصادر تاريخية من تلك الفترة تخبرنا عن حكام بابل وعن أياً من أسمائهم ، ولم يتم ذكر اسم النمرود سوى في الكتب الدينية ، وهذا كان أحد الأسباب التي جعلت من المؤرخين يقولون بأن إبراهيم عليه السلام كان شخصية أسطورية . وكانت مدينة بابل هي الأجمل في العالم القديم في تلك الفترة ، حيث وجد فيها إحدى عجائب الدنيا السبع ، وهي حدائق بابل المعلقة ، ما جعل الجمال والطبيعة الخلابة أكثر في من غيرها بمراحل في تلك الأراضي الخصبة الغنية ، في زمن كان فيه العيش يجوار مصدر للماء هو أقصى طموح العديد من المجموعات البشرية .
ويخبرنا القرآن الكريم عن قصة أبراهيم عليه السلام منذ أوقات الأزمة التي تعرض لها وهو مازال شاباً يريد أن يعرف من خلق وأبدع هذا الكون وكل هذا الجمال ، فأخذ يتساءل عن الخالق ، واحتار في أمره ، ما بين النجوم والكواكب ، ولم يصل إلى إجابة إلا عندما أوحى الله إليه وأمره أن يقطع الطير وأراه معجزته في إعادة إحيائهم .
وبعد ذلك دعوته لآزر ، أبوه أو عمه حسب إختلاف الآراء ، ثم تطور الأمر ودعوته لقومه الذين لم يستجيبوا إليه فدمر أصنامهم ليثبت لهم أنها مجرد حجارة وأنها لا تقدر حتى على حماية أنفسها فليست تقدر بالتالي على أن تضر أو تنفع أحداً . ومعجزة أخرى عندئذ تحدث لإبراهيم ، وهي أن يخرج حياً سالما من نار أوقدها له قومه وألقوه فيها عقابا له على ما فعله بأصنامهم . وعندما وصل خبره إلى النمرود حاكم البلاد أراد أن يناظره ، فناظره إبراهيم الحجة بالحجة وغلبه . ثم خرج إبراهيم من أرض العراق إلى الشام يدعو إلى الله ، ولم يذكر لنا القرآن شيئاً عن تلك الفترة ولا عن فترة هجرته إلى مصر و تملك زوجته سارة لجارية مصرية اسمها هاجر ، هي أم اسماعيل أبو العرب بعد ذلك ، التي ما إن ولدت إسماعيل حتى جاء أمر الله إلى ابراهيم بأن يرحتل بزوجته وولده ويتركهما في الصحراء ، وهناك نشأت مدينة مكة .
ويحكي القرآن بعد ذلك في مواضع أخرى عن قصة الذبح المشهورة ، عندما أمر الله سبحانه وتعالى نبيه إبراهيم أن يذبح ابنه اسماعيل ، ولما أطاعا فدى الله اسماعيل بكبش ، ويوافق يوم الذبح يوم عيد الأضحى الذي يحتفل به المسلمون على إختلاف طوائفهم ومذاهبهم من كل عام . ثم بشارة ملائكته بولادة إسحاق من زوجته سارة التي كانت عجوزا وكانت عاقراً لا تلد . وفي موضع آخر بناء بيت الله الحرام على يد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.