( قصة ) قتلتني تلك المليحة ؟.
نمشي الخطوات فوق جسور الحزن .. وقد مشيناها فرحاً من قبل في بساتين عدن .. وللنفس أن لا تشتكي وقد نالت الجنة وما قالت بحمد وشكر .. والنفس كانت تعلم أنها غير دائمة لأحد .. ولكنها استمرأت فصول فيحاء ونالت من كل زهرة وشجـر .. ونالت ثماراً في غير موسمه ونالت ما لمن تكن تنتظر .. وعاشت في غفلة من زوال عهد كحال جدب بعد غيث ومطر .. ما كانت تعلم أن الدنيا أحياناَ تقلب فيها ظهر المجن .. وتلك حكمة عقلتها مليحة ذات عقــل وفـن .
……………….. قالت المليحة ذات يوم إنها قادمة من أعقاب نهر .. هناك أهلها وقد علموا أن للمواسم شروط ومحـن .. لا يكثرون القول والحجة لديهم مختصر .. قد يهل هلال وقد يموت بدر وقمر .. هناك مرح وهناك فرح ولكن هناك حزن دائماً وترح .. خذ العطاء إذا بذل السحاب بمطر .. ولا تسكب ماء الكؤوس على الأرض بعد مطر وكن دائماً على حذر .. وتلك علل تعقب المحاسن ولكن كم من نفوس تشتكي من الأمر .. تنساق في عمق المحاسن حتى إذا ولت بكت ولا تقر بجولات القدر .. قالت المليحة وكانت تعني بقولها حكمةً بالشعر والنثر .. فأخذنا منها محاسن قولها ثم نسينا مواقع الحذر .. وتلك علة قلب تاه يوماً في غفلة مخمور أصيب عقله بخمـر .. وحتى إذا أفاق من الخمر فلا خل هناك ولا نفـر .. أين المليحة ؟؟ .. وقد ذابت وغابت في مجاهـل أفلاك دون تلميحه بعذر .. تركت لنا ذكرياتها في كل ركن تنتشر .. وهناك عطرها يعبق في الساحة بكل كبرياء وفخـر .. ما كان في ظننا يوماً أن يغيب من آفاقنا البـدر .. تبحث العيون عنها في الظلام وعن علامات القمـر .. فنسأل الناس عنها فيقال أوصفوها لنا بمختصر .. فكيف نوصف بدراً لا يحتاج لألوان من الجدل .. هو بدر إذا قـدم ولى الظلام بخذلان وقهـر .. تشير الأنامل إليه هناك هناك في الآفاق كمنارة تضيء وتشتعل .. قتلتنا تلك المليحة فقد سرقت قلباً ثم لاذت بصمت تكتم في جوفها السر .. عملت بقدوة أهلها تحصد موسم الخير قبل موسم الشـر .. فيا حسرةً على نجمة آثرت الأفـول وارتدت لأهلها في النهر .. تركتنا نحدث النفس وحيداً في ساحة حزن بغير صبـر .. نشتكي الغفلة بمرارة ونلوم النفس بحسرة وندم .. نصحتنا مراراً فكنا لنصحها لا نبالي دوماً ولا نعتبر .. حتى إذا غابت علمنا بنصحها فهيهات هيهات بليلة بغيـر فجــر .