قصائد العصر الاموى
من أبرز السمات التي عرفت في العصر الأموي هو إزدهار وإنتشار الشعر المبني على الغزل، ففيه يتغنى الشاعر بمفاتن وجمال محبوبته، ويصف كل ما يراه جميل فيها، لهذا أردنا هنا أن نسلط الضوء على أجمل قصائد الغزل في هذا العصر:
أجمل قصيدة غزل في العصر الاموي
غرتني بجيش من محاسن وجهها (أبي إسحاق بن موسى)
غرتني بجيش من محاسن وجهها
فعبى لها طرفي ليدفع عن قلبي
فلما التقى الجيشان أقبل طرفها
يريد إغتصاب القلب قسراً على الحرب
ولما تجارحنا بأسياف لحظنا
جعلت فؤادي في يديها على العضب
وناديت من وقع الأسنة والقنا
على كبدي يا صاح مالي وللحب
فصرت صريعا للهوى وسط عسكر
قتيل عيون الغانيات بلا ذنب
يقولون مسحور يجن بذكرها (جميل بثينة)
يقولـون مسحـور يجنّ بذكرها
فأقسم ما بي من جنون ولا سحر
تجـود علينـا بالحديـث وتـارة
تجود علينا بالرضاب من الثّغـر
فلو سألـت مني حيـاتي بذلتهـا
وجدت بها إن كان ذلك من أمري
هي البـدر حسنا والنساء كواكب
وشتّان ما بين الكواكـب والبـدر
بقد فضّلت حسنا على الناس مثلما
على ألف شهر فضّلت ليلة القدر
غصن يهتز في دعص نقا (مروان بن عبدالرحمن الناصر)
غصن يهتز في دعص نقا
يجتني منه فؤادي حرفا
طلع الحسن لنا من وجهه
قمرا ليس يرى ممحقا
ورنا عن طرف ريم أحور
لحظه سهم لقلبى فوقا
باسم عن عقد در خلته
سلبته لثتاه العنقا
سال لأم الصدغ في صفحته
سيلان التبر وافي الوراقا
فتناهى الحسن فيه إنما
يحسن الغصن إذا ما أورقا
رق منه الخصر حتى خلته
من نحول شفة قد عشقا
وكأن الردف قد تيمه
فغدا فيه معنى قلقاناحلا
جاور منه ناعما
كحبيبي ظل لي معتنقا
عجبا إذ أشبهانا كيف لم
يحدثا هجرا ولم يفترقا
أقول غداة استقلّ الجميع (العرجي)
أقول غداة استقلّ الجميع
والعين من بينهم تسفح
كدفع دوالج من أكرة
مواهب جمّ لها المنضح
أكفكفها جاهداً عنهم
وتغلب صبري فما تنشح
إذا نقص الحزن من مائها
غطا مدّ جيّاشه يطفح
أتصبر للبين أم تنتحي
لسلمى فذاك إذن أروح
فللصّبر عند انفتال الزّمان
بالمرء فيما رجا أنجح
أطاعوا بهجرانك الكاشحين
وقدماً أطيع بك الكشّح
فسوف إذا فكّروا يعلمون
أجيبك أم جيبه أنصح
ومن هو في قوله صادق
ومن أمره مبرم موجح
فكاد لموعظتي يرعوي عن
الجهل والمرعوي المفلح
فأدركه من هوى تكتم
عقابيل أهونها يجرح
لقلب به قرحة منهم (العرجي)
لقلب به قرحة منهم
ألاّ إنّهم ربّما أقرحوا
عليك فإن يصبحوا أفسدوا
من امرك ما قبله أصلحوا
من الآن فاترك طلاب الّذي
تولّى من الأمر إذ أصبحوا
ولا تبتئس بهم أن جرى
عدوّ بأمر فلم يسجحوا
يا سليمى يا سليمى (الوليد بن يزيد)
يا سليمى يا سليمى
كنت للقلب عذابا
يا سليمى ابنة عمّي
برد اللّيل وطابا
أيّما واش وشى بي
فاملأي فاه ترابا
ريقها في الصّبح مسك
باشر العذب الرّضابا
أضحى فؤادك يا وليد عميدا (الوليد بن يزيد)
أضحى فؤادك يا وليد عميدا
صبّاً كليماً للحسان صيودا
من حبّ واضحة العوارض طفلة
برزت لنا نحو الكنيسة عيدا
ما زلت أرمقها بعيني وامق
حتّى بصرت بها تقبّل عودا
عود الصليب فويح نفسي من
رأى منكم صليباً مثله معبودا
فسألت ربّي أن أكون مكانه
وأكون في لهب الجحيم وقودا
وجارية خلقت وحدها (بشار بن برد)
وجارية خلقت وحدها
كأن النساء لديها خدم
دوار العذارى إذا زرنها
أظفن بحوراء مثل الصنم
يظللن يمسحن أركانها
كما يمسح الحجر المستلم
وبيضاء يضحك ماء الشباب
في وجهها لك أو تبتسم
ظمئت إليها فلم تسقني
برى ولم تشفني من سقم
درة بحرية مكنونة (بشار بن برد)
درة بحرية مكنونة
مازها التاجر من بين الدرر
عجبت فطمة من نعتي لها
هل يجيد النعت مكفوف البصر
أمتا بدد هذا لاعبي
ووشاحي حلة حتى انتشر
فدعيني معه يا أمتا
علنا في خلوة نقضي وطر
أقبلت مغضبة تضربها
واعتراها كجنون مستعر
بأبي والله ما أحسنه
دمع عين يغسل الكحل قصر
أيها النوام هبوا ويحكم
واسألوني اليوم ما طعم السهر
أبيت أرمد ما لم أكتحل بكم (بشار بن برد)
أبيت أرمد ما لم أكتحل بكم
وفي اكتحالي بكم شاف من الرمد
رقت لكم كبدي حتى لو أنكم
تهوون ألا أريد العيش لم أرد
كأن قلبي إذا ذكراكم عرضت
من سحر هاروت أو ماروت في عقد
ما هبت الريح من تلقاء أرضكم
إلا وجدت لها بردا على كبدي
وذات دل كأن البدر صورتها (بشار بن برد)
وذات دل كأن البدر صورتها
باتت تغني عميد القلب سكرانا
إن العيون التي في طرفها حور
قتلنا ثم لم يحيين قتلانا
فقلت أحسنت يا سؤلي ويا أملي
فأسمعيني جزاك الله إحسانا
يا حبذا جبل الريان من جبل
وحبذا ساكن الريان من كانا
قالت فهلا فدتك النفس أحسن من
هذا لمن كان صب القلب حيرانا
يا قوم أدنى لبعض الحي عاشقة
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
فقلت أحسنت أنت الشمس طالعة
أضرمت في القلب والأحشاء نيرانا
أما أنت عن ذكراك ميّة مقصر (ذو الرمة)
أما أنت عن ذكراك ميّة مقصر
ولا أنت ناسي العهد منها فتذكر
تهيم بها ما تستفيق ودونها
حجاب وأبواب وستر مستّر
علقتك ناشئاً (عروة بن أذينة)
علقتك ناشئاً حتّى
رأيت الرّأس مبيضّا
على يسر وإعسار
وفيض نوالكم فيضا
ألا أحبب بأرض كنت
تحتلّينها أرضا
وأهلك حبّذا ما هم
وإن أبدوا لي البغضا
سألتها الوصل قالت لا تغر بنا (يزيد بن معاوية)
سألتها الوصل قالت لا تغر بنا
من رام منا وصالا مات بالكمد
كم قتيل لنا مات جوى
من الغرام ولم يبدئ ولم يعد
فقلت استغفر الرحمن من زلل
إن المحب قليل الصبر والجلد
خلفتني طريحا وهي قائلة
تأملوا كيف فعل الظبي بالأسد
نالت على يدها ما لم تنله يدي (يزيد بن معاوية)
نالت على يدها ما لـم تنلـه يـدي
نقشاً على معصم أوهت به جلـدي
خافت على يدها من نبـل مقلتهـا
فألبست زندها درعـاً مـن الـزرد
سألتها الوصل قالت لا تغـرّ بنـا
من رام منّا وصالاً مـات بالكمـد
فكم قتيل لنا بالحـب مـات جـوىً
من الغرام ولم يبـديء ولـم يعـد
وخلّفتنـي طريحـاً وهـي قائلـة
تأمّلوا كيف فعل الظبـي بالأسـد
قالت لطيف خيال زارني ومضـى
بالله صدق ولا تنقـص ولا تـزد
فقال:خلّفته لـو مـات مـن ظمـأ
وقلت: قف عن ورود الماء؛ لم يرد
قالت: صدقت الوفا في الحب شيمته
يا برد ذاك الذي قالت على كبـدي
وأمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقـت
ورداً وعضّت على العنّاب بالبـرد
هم يحسدوني على موتي فوا أسفـي
حتى على الموت لا أخلو من الحسد