فسر ابن سيرين حلم رؤيا البحر , حلم رؤيا البحر
فسر ابن سيرين حلم رؤيا البحر : أما البحر فدال على كل من له سلطان على الخلق كالملوك والسلاطين والجباة والحكام والعلماء والسادات والأرواح لقوته وعظيم خطره وأخذه وعطائه وماله وعلمه ماؤه وموجه رجاله أو صولاته أو حججه أوامره وسمكه رعيته ورجاله أرزاقه وأمواله أو مسائله وحكمه ودوابه قواده وأعوانه وتلاميذه وسفنه عساكره ومساكنه ونساؤه وأمناؤه وتجارته وحوانيته أو كتبه ومصاحفه وفقهه ، وربما دل البحر على الدنيا وأهوالها تعز واحداً وتموله وتفقر آخر وتقتله وتملكه اليوم وتقتله غداً وتمهد له اليوم وتصرعه بعده ، وسفنه أسواقها ومواسمها وأسفارها الجارية تغني أقواماً وتفقر آخرين ، ورياحه أرزاقها وإقبالها وحوادثها وطوارقها وأسقامها وسمكه رزقها وحيوانه ، وربما دل البحر على الفتنة الهائجة المضطربة الفائضة وسفنه عصمة الله تعالى لمن عصم فيها وأمواجه ترادفها وسمكه أهلها الخاطئون فيها الذين لا يرحم صغيرهم كبيرهم بل يأكله ويستأكله ويهلكه إن قدر عليه ودوابه رؤساؤها وقادتها وأهل البأس والسر فيها ، وربما دل على جهنم وسفنه كالصراط المنصوب عليها فناج ومخدوش مسلم ومكدوس وغريق في النار وأمواجه زفيرها ، فمن رأى نفسه في بحر أو رؤى له ذلك فإن كان ميتأ فهو في النار لقوله تعالى { أغرقوا فادخلوا ناراً } فكيف بالميت إن كان غريقاً ، وإن كان مريضاً اشتدت به علته وعظم بحرانه ، فإن غرق فيه مات من علته ، وإن لم يكن مريضاً داخل سلطاناً إن كان ذلك في الصيف وفي هذه البحر أو يسبح في العلم ويخالط العلماء أو يتسع في الأموال والتجارة على قدر سبحه في البحر واقتداره على الماء ، فإن غرق في حاله ولم يمت في غرقه ولا أصابه وجل ولا غم تبحر فيما هو فيه ومنه قولهم غرق فلان في الدنيا وغرق في النعيم والعلم ومع السلطان ، فإن مات شي غرقه فسد دينه وساء قصده في مطلوبه لاجتماع المولد والغرق ومن رأى إن دخله أو سبح فيه في الشتاء والبرد أو في حين ارتجاجه نزل به بلاء من السلطان إما سجن أو عذاب أو يناله مرض واستسقاء ورياح ضارة أو يحصل في فتنة مهلكة ، فإن غرق في حينه قتل في محلته أو فسد دينه في فتنة ، ومن أخذ من مائه فشربه أو اقتناه جمع مالاً من سلطان مثله أو كسب من الدنيا نحوه ومن رأى أنه دخل البحر فأصابه من قعره وحل أو طين أصابه هم من الملك الأعظم أو من سلطان ذلك المكان ، ومن قطع بحراً أو نهراً إلى الجانب الآخر قطع همساً وهولاً أو خوفاً وسلم منه ، وقيل من رأى البحر أصاب شيئاً كان يرجوه ومن رأى أنه خاض البحر ، فإنه يدخل في عمل الملك ويكون منه على غرر ، فإن شرب ماءه كله فإنه يملك الدنيا ويطول عمره ويصيب مثل مال الملك أو مثل سلطانه أو يكون نظيره في ملكه ، فإن شربه حتى روي منه فإنه ينال من الملك مالاً يتمول به مع طول حياته وقوته ، فإن استقى منه فإنه يلتمس من الملك عملاً ويناله بقدر ما استقى منه ، فإن صبه في إناء فإنه يجني مالاً كثيراً من ملك أو يعطيه الله تعالى دولة يجمع فيها مالاً والدولة أقوى وأوسع وأدوم من البحر لأنها عطية الله ومن رأى أنه اغتسل من البحر فإنه يكفر عنه ذنوبه ويذهب همه بالملك ، ومن بال في البحر فإنه يقيم على الخطايا ومن رأى البحر من بعيد فإنه يرى هولاً ، وقيل يقرب إليه شيء يرجوه ورؤيا البحر هادئاً خير من أن تكون أمواجه مضطربة والموج شدة وعذاب لقوله تعالى { غشيهم موج كالظلل } وقال تعالى { وحال بينهما الموج } وحكي أن تاجراً رأى كأنه يمشي في البحر ففزع فزعاً شديداً لهيبة البحر فقص رؤياه على معبر ، فقال : إن كنت تريد السفر فإنك تصيب خيراً ، وذلك أن رؤياه تدل على ثبات أموره ورأى رجل كأن ماء البحر غاض حتى ظهرت حافتاه ، فقصها على إبن مسعدة ، فقال: بلاء ينزل على الأرض من قبل الخليفة أو قحط في البلدان أو سلب مال الخليفة ، فما كان إلا يسيراً حتى قتل الخليفة ونهب ماله وقحطت البلدان ومن رأى كأنه أخرج من البحر لؤلؤة استفاد من الملك مالاً أو جارية أو علماً ومن رأى أن ماء البحر أو غيره من المياه زاد حتى جاوز الحد وهو معنى المد حتى دخل الدور والمنازل والبيوت فأشرف أهلها على الغرق ، فإنه يقع هناك فتنة عظيمة ، والأصل في الماء الغالب هم وفتنة لأن الله تعالى سمى غلبته وكثرته طغياناً وقال إن الغرق يدل على ارتكاب مصيبة كبيرة وإظهار بدعة والموت في الغرق موت على الكفر وإن رأى الكافر إذا رأى أنه غرق في الماء ، فإنه يؤمن لقوله تعالى { حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت } الآية ومن رأى كأنه غرق وغاص في البحر فإن السلطان يهلكه وإن رأى كأنه غرق وجعل يغوص مرة ويطفو مرة ويحرك يديه ورجليه فإنه ينال ثروة ودولة وإن رأى كأنه خرج منه ولم يغرق فإنه يرجع إلى أمر الدين ، خصوصاً إذا رأى على نفسه ثياباً خضراً ، وقيل من رأى أنه مات غريقاً في الماء كاده عدوه والغرق في الماء الصافي غرق في مال كثيرة والمشي فوق الماء في بحر أو نهر يدل على حسن دينه وصحة يقينه ، وقيل بل يتيقن أمراً هو منه في شك ، وقيل يسافر سفراً في خطر على توكل ومن رأى كأن الماء يجري على سطحه أصابته بلية من السلطان دالة على رجل المسلط الذي لا يقدر عليه إلا بملاطفة لجريانه وسلطانه ، والراكد منه أهون مراماً وألطف أمراً ويدل على المحارب القاطع للطريق ، فإن كان مسافراً قطع عليه الطريق لص أو أسد أو عقله عن سفره مطر أو سلطان أو صاحب مكس ، وإن كان حاضراً نالته غمة وبلية لقوله تعالى { مبتليكم بنهر } وأما سلطان يقدم إليه سيما إن دخل فيه ، فإما أن يسجنه أو يأمر بضربه أو يناله حزن إذا كان قد ناله منه وجل أو منعه من الخلاص منه تياره فإما مرض يقع فيه من برد أو استسقاء فكيف إن كان ذلك في الشتاء وكان ماؤه كدراً فهو أشد في جميع ما يدل عليه ، فإن قطعه وجاوزه أو خرج منه نجا من كل ما هو فيه من الغم والأسقام ، ومن كل ما يدل عليه من البلايا والأحزان وكل بحر أو نهر أو واد جف فإنه ذهاب دولة من ينسب إليه ، فإن عاد الماء عادت الدولة .