على العنان روايـــــة مازالت قيد الكتابة
جالسة دون حراك..كان يبدوا انها تفكر في شيئا ما..من خلال عينيها التي كانت تنظر الى اللاشيء..وهي اصلا تنظر الى طفلها النائم الذي يرقد قبالتها في السرير.أحسّت بنسمات باردة جدا تكتسح غرفتها..فنهضت واغلقت النافدة…ومدت اللحاف على الطفل..لتغطيه..ثم مالبتتث أن نامت بجانبه..وهي تربت على شعره ..وتنظر الى السكين الذي مازال مرميا أمام مدخل باب غرفة النوم…
تعرف أنها تصرفت معه بطريقة وحشية جدا..لم تكن تدرك ماذا كانت تفعل..ولكن الامور في كل الاحوال مرّت بخير..فماذا لو وجهت اليه طعنات بذلك السكين..؟؟أو وجهتته الى جسدها..وطعنت نفسها؟؟..حتى هو لم يكن لديه اختيار سوى أن يترك البيت تلك الليلة ..فما من وسيلة لامتصاص غضبها..اذا ثارت ثائرتها..أخرج ..أخرج…كانت تصرخ في وجهه بصوت باكي وقوي..هو يعرفها أنها عصبية…وتداهمها نوبات أعصاب بين الفنية والاخرى..لكن لم يصل بها الامر يوما الى التصرف بهذه الطريقة..
مازالت تحاول ان تعرف السبب الذي جعلها تصب جام غضبها على زوجها..وهي تعلم في قرار نفسها أنه لم يخطا في حقها…تذكر انه جاء من العمل..والتقاه ابنه امام الباب..فالتقطه من الارض بابتسامة كبيرة ..واخد يحتضنه ويقبله. ..فأخرج من جيبه علبة شوكلاته صغيرة..أعطاها اياه..وفرح بها الصبي حيث أخد يفتحها بلهفة..لكنها انتزعته من يده وهي تقول وموجهة كلامها الى زوجها وكأنها توبخه:اذا أردت ان تجلب شيئا لطفلك..أجلب له شيئا مفيدا.
اندهش لتصرف زوجته …..وسرعان ماردف قائلا بنبرة تساؤل وتعجب:
ـ لبنى ماذا جرى لك؟؟
لم تجبه..وحملت الطفل ذو ثلاثة سنوات ونصف..وقصدت المطبخ وهي تتمتم…لحق بها..وجدها تجلسه على المائدة الطعام..وقد وضعت امامه بسكويت..وكوبا من الحليب.. …نظر اليها وقال:
ـ سفيان هو ابني أنا أيضا….
رمقته بنظرة أقرب الى الازدراء..وقالت وقد رسمت على شفتيها ابتسامة مصطنعة:
ـ أبنك وأنت لاتراه الا مرتين أو مرة في الاسبوع ..
ثم مالبتث ان أخفت تلك الابتسامة المصطنعة واسـانفت كلامها بنبرة مختلفة:
ـ أتعلم أن هذه أو مرة تعود الى البيت في وقت مبكر…أكثر من اسبوع وأنت تأتي في وقت متأخر جدا من الليل……
ـ أنت تعرفين جيدا طبيعة عملي..وقبل أن نتزوج حتى…وهذا الموضوع انتهينا منه مند مدة..
هكدا أخدت الامور مجراها..قبل أن تتحول الى جدال حاد..وربما في قراراها تعرف سبب تصرفها ذلك…لان التصرف في الظاهر لم يكن له سبب وجيه…بل كان تصرفا غريبا…ينم عن احدى طباع شخصيتها الغريبة..الغامضة…لكن كل شيء تعوزه الى سمة التي تميز تصرفها ككل ..وهي العصبية..هي عصبية بتفويض من مختص في الامراض العصبية..لدرجة يمكن القول أن سلوكها فيها مسحة من الجنون..نعم تأتيها نوبات جنون..على الاقل هي تدرك هذا الامر…وحتى ولو اتبث الفحوصات الطبية غير ذلك…فهي ترى الامر كذلك..لانها عندما ترجع الى صوابها..وتستحضر ماوقع..تستغرب لتصرفها…وزوجها جلال ربما تغيب عليه هذه الحقيقة..ولولا حبه لها..لربما تركها من زمان…وهو ان زعم أنه يريد أن يطلقها..فانه لن يستطيع أن يتخد هذا القرار….ا
نهضت من سريرها..التقطت السكين من الارض…وعادات به الى المطبخ..حيث جاءت به من هناك…وسرعان مارجعت الى غرفة النوم..وهي تحمل معها كوبا من الماء..تناولت قرصين من دوائها.وأتبعته بجرعة كبيرة من الماء..وكأنها تريد ان تروي عطشها أيضا…تناولت الهاتف..وكلما ارادت أن تضغط على ازرار الهاتف..تعدل عن رأيها..وترجع السماعة الى مكانها.. لكن.في المرة الاخيرة ظلت يدها ممسكة بها..كانت لحظتها شاردة الذهن….كانت تريد ببساطة أن تهاتف زوجها جلال..وتعتدر له عن تصرفها…أو ربما تريد أن تعرف أين هو الآن…فالساعة قد تجاوزت الثانية صباحا..لكن هناك شيء في داخلها يمنعها من ذلك…فانصاعت لنداء أعماقها أخيرا.وتركت الهاتف..ورجعت الى سريرها.[/size]