عبارات اتق شر الحليم إذا غضب
الأخلاق هي ما يكون الشخصية ويعطيها الطابع العام، ففي كثير من الأحيان نجد أنّ الشكل مكوّن ثانوي للشخصية، فالأخلاق والصفات الحميدة قد تغطّي على الكثير من السلبيات الشكلية، أو حتى المادّية فنجد شخصاً ربما ذميم الخلقة وفقير المال ولكنّه محبوب مألوف مطلوب في جميع المجالس وبين الفئات المختلفة، فما السبب من وراء ذلك، بالتأكيد أخلاقه وتصرفاته، ومن أعظم تلك الصفات الحميدة والتي تظهر في ظروف كثير الحلم، فالحليم سيد مواقف الغضب فنطلق على الحليم: من يملك نفسه عند الغضب.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” ليس الشديد بالصرعة – القوة – ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب “، وبذلك تم توضيح المعنى الرئيسي لخلق الحلم، خلق الأتقياء والخلق الذي اتصف به الانبياء، فمن أعظم من نبينا -صلى الله عليه وسلم – حينما كان يقابل بالإساءة من قومه فيرد بالهدوء والنصيحة، ويجب في هذا السياق ذكر فضل الحليم الذي وضّحه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه قال: ((من كظَم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيِّره من أي الحور العين شاء)).
فالحليم يوصل من قطعه يسامح من أذاه يعفو عن من ظلمه، وممّا يذكر في الأثر أنّ رجلاً سب ّالأحنف بن قيس وأكثر في ذلك، فلمّا وصل الأحنف إلى الحي الذي يسكن فيه قال للرجل: يا هذا إن بقي لديك شيء فقله فأخاف أن يسمعك فتيه الحي فيؤذوك .
وقد قيل في المثل إتّق شر الحليم إذا غضب ففي ذلك قول واضح بأن الحليم قد يستيطع التحمل وكتم غضبه ولكن لكل إنسان طاقة وإحتمال، وليس هنالك من هو معصوم محفوظ إلا الأنبياء والرسل – عليهم الصلاة والسلام – فإن رأيت من هو حليم خلوق فلا تكثر عليه، فتصرفه بالسكوت والمسامحة يدل على قدرته على التحكم في نفسه وفي غضبه إلى حد معين ولكن إن إزداد عن ذلك فمن الطبيعي أن يغضب .</p>
ونستذكر هنا موقف لأفضل من وطئت قدمه الأرض بعد الأنبياء وصاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقد كان يجلس في مجلس في حضور نبينا الأعظم – صلى الله عليه وسلم – فإذا برجل يدخل عليه ويبدأ في سبّه ويكثر الرجل في ذلك والصديق صامت هادىء يكظم غيظه والنبي – صلى اللهعليه وسلم – يصمت ولا يدافع عن أبي بكر، فلما أكثر الرجل وزاد قام أبو بكر ودافع عن نفسه فخرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من المجلس مسرعا فلحق به أبا بكر وقال له أما تراه يسبني يا رسول الله فيقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ” والله يا أبا بكر كان هناك ملكا يدافع عنك فلما تكلمت صمت ودخل الشيطان وماكنت إجلس في مجلس والشيطان يكون فيه.
ولذلك أخي القارىء يجب الحذر من الإكثار على من كان هادئاً حليماً فقد تكون غضبته واسعة تعم وقد يكون كلامه جارحاً، فلجميع البشر طاقات محدودة .