طريقة كتابة خاطرة مميزة
الخاطرة
الخاطرة هي شلاّل الشعور الدافئ، ليست نظماً بارداً، بل هي ساخنة، صادقة، مجرّدة من التكلّف، وهي نثرٌ في الشكل، وشعر في الجوهر، غير محدّدة بوزنٍ موسيقي أو قافية، وهي فنّ أدبي متشابهة في مضمونها وأسلوب كتابتها مع القصّة القصيرة، والقصيدة النثريّة، والرسالة.
الخاطرة المميّزة تحتاج في كتابتها إلى موهبةٍ عالية التركيز تترجم فيها الأحاسيس بإبداع حسّي، ومعانٍ عاطفية عميقة تعبّر عمّا يجول في خاطرنا، ليبقى الإبداع أمنيةً يسعى إليها الجميع. فيقول الدكتور عزّ الدين إسماعيل في كتابه (الأدب وفنونه) عن فن الخاطرة: “وهذا النوع الأدبي يحتاج في الكاتب إلى الذكاء، وقوة الملاحظة، ويقظة الوجدان”.
خطوات كتابة الخاطرة
- العنوان: إنّ ارتباط عنوان الخاطرة بموضوعها يعتبر من أساسيات نجاحها، فلا بدّ بأن يوحي العنوان بصلب الخاطرة.
- البداية: إنّ إثارة القارئ منذ اللحظة الأولى لقراءة الخاطرة تضمن لها النجاح في متابعته لها؛ فالإبهار في الخاطرة هو الأساس.
- التعمّق في صلب الموضوع: إنّ الاقتصار على كتابة الواقع كما هو في الخاطرة يجعلها ضعيفةً، فلا بدّ من إخضاعها للخيال الخصب الذي يزيدها رونقاً وسحراً.
- التنويه إلى بداية نهاية الخاطرة: إنّ عنصر التشويق الذي نغلّف الخاطرة فيه هو سرّ الإبداع؛ بحيث نجعلها تغني مخيّلة القارئ ليجد الإجابة عن تساؤلاته في النهاية بعيداً عن الغموض.
- النهاية: إنّ النصّ لا يكتمل، إلاّ بربط النهاية في البداية، لنلمس وحدة الإيقاع فيها وتماسك النصّ.
نصائح في كتابة الخاطرة المميّزة
بعد انتقاء العنوان المناسب للخاطرة الذي يكون من صلب موضوعها، علينا اتباع ما يلي:
- تقسيم الخاطرة: بحيث تأخذ شكل فقرات متسلسلة تبدأ بالمقدّمة، ثمّ العرض، ثمّ العقدة، وأخيراً تكون الخاتمة.
- الهدف المحدّد: أن يكون للخاطرة هدفها المحدّد المرجو، فيكون واضحاً لا يشذّ عن أحداثها أو عن مفرداتها وحتى عن لغتها.
- ضمير الخطاب: يجب مراعاة لغة الخاطرة؛ بحيث تكون بضمير المتكلم إن أتت على لسان الكاتب، وتكون بضمير الغائب، إن أتت على لسان الغير.
- تنوّع المواضيع: يجب التنويع في مواضيع كتابة الخاطرة، من اجتماعيّة، إلى رومانسية، إلى إنسانيّة، إلى وجدانية.
- عدم خلط الأجناس الأدبية: توخّي الخلط بين الخاطرة والشعر الحر، وتجنّب الجنوح نحو القصيدة النثرية في الخاطرة.
- استخدام الصور والتشبيهات المجازية: تجعل للخاطرة نكهةً محبّبة ورونقاً يزيدها جمالاً.
أخطاء يجب تجنّبها عند كتابة الخاطرة
- التكرار: فخير الكلام ما قلّ ودلّ، وكثرة التكرار واللف والدوران باستخدام الكلمات ذاتها والمشاعر ذاتها، يضعف المعنى ويفقده متعة الإدهاش.
- المماطلة: البلاغة تأتي من الإيجاز، والملل يأتي من الإطالة.
- لبس الكلمات والمعاني: الابتعاد عن الركاكة في الأسلوب، والكلمات الجزلة، واعتماد البساطة في التراكيب، والسلاسة في المعاني.
- الكذب: فكن نفسك أنت، فالكذب ليس جميلاً لا تتجمّل به بغية استمالة المشاعر.
- السرقة: لا بدّ من التنويه للاقتباس أو الجملة المأخوذة عن الغير، وإلاّ تعدّ سرقة أدبية، والسرقة جرم، وإن كانت أدبيّة، تضعف النصّ وتشوّه مصداقية الكاتب.
- تشتيت التركيز: فإنّ جمع مواضيع عدّة في خاطرة واحدة، تشتّت تركيز القارئ وتفقد الخاطرة وحدتها وثباتها.
- الخفر والحياء: إنّ حريّة الأدب لا تكون بقلّته، فلا تحمّل النصّ ألفاظاً مبتذلة سوقية، وإيحاءات دونيّة، بحجّة حريّة التعبير والأدب.
- عدم سلامة اللّغة. عليك إخضاع الخاطرة لقراءاتٍ عدّة قبل نشرها، لتصويبها لغوياً وتدقيقها بشكل كامل خشية سقوط بعد الأخطاء سهواً، سواءً قواعدية أو إملائية وحتى مطبعية.
- عدم التوغّل والإغراق في الخيال: فيجد القارئ أنّ الكاتب لا يلمس أرض الواقع، بل يعيش في خيالٍ غريب عنه.
وأخيراً، من شروط نجاح كتابة الخاطرة، هو التميّز، ولا يكون التميّز موجوداً إلاّ بالوضوح والإثارة والدهشة، فكم من خواطرَ كُتبت بأقلامٍ عدّة، إلاّ أنّها سقطت من الذاكرة لأنها لم تبلغ التميّز.