ضيف ثابت على الصحف .. النائب العام .. (دعوه يتحرك، دعوه يمر)
في المثل السوداني ذائع الصيت، فإن (مع كل حركة .. بركة) فكيف لو كانت هذه التحركات للنائب العام للجمهورية، عمر أحمد محمد، الذي تحول بفضل ملاحقته لعدد كبير من القضايا إلى ضيف ثابت على الصحف، هذا وإن كان في الأصل، شحيح الحديث، وقليل التصريحات.
وقد علمت (الصيحة) من مصادرها بتعرض النائب لوعكة خفيفة، قبيل فترة قصيرة، ألزمته السرير الأبيض، وانبرى الأطباء ليمحضوه النصح بضرورة الخلود إلى الراحة، ولكنه رغم ذلك، التزم قضاياه، وأطل بشكل كبير يوم أمس (الخميس) عبر وسائل الإعلام المختلفة، بارساله مطالبات لشهود العيان في حادثة مقتل د. سامر الجعلي على يد قوة شرطية في شارع النيل، للإدلاء بإفاداتهم في القضية، متعهداً بكشف الحقائق، وإحقاق العدالة.
لكن كيف ينظر أهل القانون لتحركات النائب العام، وفاعليتها بعد قرار الفصل بين وزارة العدل والنيابة العامة، أهي حركة غير قابلة لـ (الكسر) أم حركة يتبعها (سكون).
بلا كلل
خلافاً لقضية نجل القيادية بحزب الأمة، نهى النقر، فإن النائب العام تولى قضايا شهيرة في فترته الحالية، ووصل فيها إلى سدرة منتهى القانون، وكامل مستويات التحاكم.
أبرز هذه القضايا كانت قضية تسريب امتحانات الكيمياء لطلاب الشهادة السودانية، فقد لاحق الجناة إلى أن تمكن من استصدار أحكام بحقهم.
وتنبع أهمية قضية الامتحان المكشوف من كونها كلفت الدولة خسائر بالمليارات بعد اضطرار الوزارة لاخضاع الطالب لامتحان بديل، بكامل طاقم المراقبة والتأمين.
كذلك، أمسك عمر بقضيتين هزتا الشارع السوداني كون الضحايا فيها أطفالًا قصرًا تعرضوا لأبشع أنواع الانتهاكات (الاغتصاب) ولذا حضر بنفسه محاكمات المدانين وأحدهما بكل أسف شيخ خلوة بولاية القضارف.
كما أن النائب كان حاضراً في قضية امتد صداها لخارج البلاد، وهي قضية المتهمة بقتل زوجها جراء معاشرتها عنوة، نورا حسين، وبعد تحريات مستفيضة تحول الحكم ضدها من القتل العمد إلى القتل شبه العمد، وليتحول الحكم من الإعدام إلى السجن والغرامة.
هذا علاوة على قضايا يومية تحال للنيابة العامة بواسطة نيابة أمن الدولة، وأجهزة الأمن، بشأن قضايا تجاوزات وفساد.
وفوق ذلك كله، ينشط النائب العام في لجنة مكافحة الاتجار بالبشر، وعدد من اللجان كحاله في اللجنة التي كونها الرئيس عمر البشير، لمحاربة المضاربين في الدولار بالسوق الموازية.
وأخيراً فإن النائب العام شهد عددًا من المؤتمرات وشارك في عدد من اللجان في محافل دولية، ولجان ثنائية أهمهما ما يلي إصلاحات قانونية تعود بالنفع على السودان.
تحركات مهمة
تحركات النائب العام الكثيرة، يراها المحامي محمد عباس، المتخصص في القضايا المدنية، بأنها مهمة، وذات عوائد جمة على كامل العملية القانونية.
وأثنى عباس في حديثه مع (الصيحة) الصادرة يوم الجمعة بمقدم عمر ابتداءً باعتباره أول نائب عام بعد قرار فصل النيابة العامة عن وزارة العدل، وقال إن المبدأ يؤسس لاستقلال القضاء وضمانة تكوين آليات مراقبة قانونية فاعلة.
منبهاً إلى أن تعاطي النائب العام الحالي يعطي رسائل واضحات لتصديه لكافة القضايا، بل والوصول بها إلى نهاياتها في زمن وجيز، وهو ما يشكل عنصر ردع لمخالفي القانون بأن هناك من يقف لهم بالمرصاد.
مشيداً في الصدد بموقفه الأخير من قضية د. سامر الجعلي، بحسبانه متضامناً مع الأسرة المكلومة التي باتت تملك إشارات ولو في آخر النفق بأن القانون سيأخذ مجراه.
مخاوف
إن كانت كل تلك الفرص قدام النائب العام الذي يريد أن يؤسس للقادمين بعده الطريق، فإن المعوقات حاضرة في طريقه كذلك.
أولى هذه المعضلات تتعلق بتراكم المسؤوليات إزاءه بما يتطلب زيادة الجهد الذي يخشى أن يرفض الأطباء معه مزاولته لأعماله، خاصة وأنه شريك في كثير من اللجان الحكومية.
كذلك فإن الخشية الكبرى في فتور حماس الرجل مع الوقت، لا سيما وأن عمله يتقاطع مع كثير من المراكز في الدولة، ما يؤثر على مضيه قدماً في جهوده الإصلاحية.
بدوره عبّر محامٍ، طالب (الصيحة) بحجب اسمه، عن بالغ قلقه من تعرض النائب العام لمخاشنات من دوائر نفوذ تستهدف إبعاده جراء تضررها من حراكه الدؤوب. مضيفاً بأنه كلما أمسك عمر بقضية اكتسب عداءات جديدة.
وأردف المحامي، بأن حراك النائب العام في ملفات القضايا لا سيما قضايا الفساد، لا يتماشى مع ملف الإصلاح القانوني الخاص بعدد من القوانين وعلى رأسها القانون الجنائي، داعياً لأن يتحرك عمر بحيويته المعهودة في هذه الملفات كونه جديرًا بهذه المهمة.
مسيرة حافلة
يستند عمر أحمد محمد، على الدوام إلى مسيرة مهنية كبيرة، حيث التحق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم (النيلين حاليًا) في العام 1981م ونال منها درجة البكالريوس، ثم تحصل على الدبلوم العالي من جامعة الخرطوم، فالماجستير من ذات الجامعة، ثم الماجستير في العلوم السياسية من جامعة أم درمان الإسلامية.
التحق بالعمل بوزارة العدل في العام 1988م وكيلًا للنيابة، ثم وكيل أول لنيابة الخرطوم شمال، ثم تدرج وصولاً لمحطة رئيس النيابة العامة بولاية الخرطوم.
وظل عمر يقفز من نجاح إلى نجاح بوزارة العدل التي ظل يعمل بها أكثر من (28) عامًا، حيث عمل مديراً لإدارة الثراء الحرام والمشبوه، وترأس إدارة التفتيش بوزارة العدل، ثم نائباً للمدعي العام، ثم مدعياً عاماً لجمهورية السودان. وتلقي عدة دورات تدريبية في مجال التحقيق الجنائي، وشارك في عدد من المؤتمرات الدولية القانونية.
الخرطوم (كوش نيوز)