صومعة حسان
صومعة حسّان
تركتِ الحضاراتُ الإنسانيّة القديمة بصمةً واضحةً في العديد من المواقع والأماكن الأثريّة الموجودة في الوطن العربي، والدّالة على الفن الرائع، والإبداع في قدراتهم ببناء تلك المواقع العظيمة، ومن أشهر المواقع الأثريّة: مدينة البتراء في الأردن والتّي بناها الأنباط، والأهرامات التي بناها الفرعونيّون في مصر، وحدائق بابل المعلّقة في مدينة بابل العراقيّة والتّي بناها البابليّون، وهناك العديد من المواقع التّي تمّ تشييدها في العصر الإسلاميّ، والتّي تعدّ من أهم المعالم الإسلاميّة في الوقت الحالي، ومن هذه المواقع الأثرية الإسلامية صومعة حسّان.
تعتبرُ صومعة حسّان من أهمّ وأبرز المعالم الإسلاميّة في الوطن العربي، والتّي تعكس مدى الفنّ والإبداع العربيّ الإسلامي الأصيل، وتمّ تشييدُها في المغربِ العربيّ، وفي مدينة الرّباط على وجه التّحديد، فهي تعدّ من المعالم السياحيّة الجذّابة، لجمالها وملامحمها التاريخيّة والحضاريّة المهمّة، وقد بنيت صومعة حسّان في عصر دولة الموحدّين، وتحديداً في عهد السّلطان يعقوب المنصور الموحدّي المغربي، وقد تمّ البدء في تأسيسها عام 594 هجريّة، أي مابين (1197-1198) ميلاديّة، وكان يُطلق آنذاك على عهده بالعهد الذّهبي، وذلك لإنجازاته الكبيرة في الدّولة الموحدّية، وأيضاً لإمبراطوريته الواسعة الانتشار، حيث امتدّت حدودها من الأراضي التونسيّة، إلى إسبانيا، في القرن الثّاني عشر الميلاديّ.
سبب تسمية صومعة حسان
يعودُ تسمية صومعة حسّان إلى مسجد حسّان، والذي يعدّ من أكبر المساجد في العالم العربيّ والإسلاميّ، وسُميّ المسجد باسم حسّان نسبةً إلى قبيلة بني حسّان، الذين كانوا يقنطون في الرّباط آنذاك، أمّا الصومعة فهي التّابعة لكلٍّ من صومعة الكتيبة بمراكش، وصومعة الخيرالدا في إشبيليّة، وهي من أعظم الصومعات الدّالة على فخامة المسجد وعظمة تصميمه، وقد شيّدت الصومعة بأمرٍ من السلطان يعقوب الموحديّ، رغبةً منه في جعل مدينة الرّباط مدينةً ذات أهميّةٍ دينيّةٍ كبيرة، لتنافس مدينتيْ فاس ومراكش، وتصبح أكثر شهرةً منهم، وتقع صومعة حسان على أراضي منحدرة ترتفع ما يقارب الثلاثين متراً عن البحر، في شمال شرق الرباط.
ملامح صومعة مسجد حسّان
تتميّز صومعة حسّان بشكلها المربّع، حيث يصل ارتفاعها إلى ما يقارب الأربعة وأربعين متراً، ويبلغ عرض جدار الصومعة مترين ونصف، مما يساعدها في الحفاظ على توازنِها فهي محاطةً بسورٍ يبلغ ارتفاعه تسعة أمتار، وعرضه متراً ونصف المتر، ومن الموادّ المستخدمة في تشييدها: الحجر الرّملي، والآجر، والحجر المنحوت، والجّص، وتم استخدام هذه المواد شديدة المتانة لكيْ تتحمل مياه البحار، بالإضافة إلى أنّه ساعدها في الحفاظ على معالمها من الاندثار، على أثر الزّلزال الذي هزّ المنطقة في عام 1755م.