صفات الرسل عليهم السلام
كان النّاس في ابتداء الأمر كلّهم على دين الله موحّدين حتّى جاءتهم الشّياطين فحرفتهم عن المنهج وعن دين التّوحيد ، فعبدوا من دون الله أوثاناً واتخذوها آلهةً ، فبعث الله النّبيّين مبشرّين ومنذرين ، وقد اصطفى الله سبحانه الرّسل من بين البشر بصفاتٍ أهّلتهم لذلك ، فما بعث الله إلا رجالاً وهذا من تمام الرّسالة وكمالها ، فالرّجل أقدر من المرأة بطبعه وأكمل عقلاً وأحسن خطاباً وتبليغاً ، كما ناسب أن يكون الرّسل رجالاً لأنّ الرّسول يكون مبلغاً عن ربه سبحانه ويحتاج لمخالطة النّاس ومجالستهم وهذا ممّا لا يناسب طبيعة المرأة المجبولة على حبِّ الزّينة والحليّ ، وكذلك فقد ميّز الله سبحانه رسله بصفات الفطنة والذّكاء والحكمة والنّباهة ، وأعطاهم العصمة فهم منزّهون عن الأخطاء صغيرها وكبيرها بعيدون عن الآثام وما تستكرهه النّفوس وتأباه الطّبائع السّليمة ، فهم صفوة البشر وقدوتهم ، يتأسّى بهم النّاس في أحوالهم جميعها كما كان صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقتدون به في كل شأنه ، فإذا وجدوه عمل شيئاً عملوه وإذا ترك شيئاً تركوه ، فالأنبياء منارةٌ للأمم يهدي بهم الله الضّال ويغيث بهم اللهفان .
و قد كان الأنبياء صلوات الله عليهم يمتازون بالشّجاعة الفائقة ، وإنّ رسول الله محمّد عليه الصّلاة والسّلام كان إذا حزب النّاس أمراً ركب فرسه ليطمئن قومه وهو يردد قول لن تراعوا لن تراعوا ، كما كان يتقدّمهم في المعارك ليثاً هصوراً لا يخاف الموت ولا يخشاه بل يتمّنى الشّهادة بقوله وددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثمّ أقتل ثلاث مراتٍ ، وإلى جانب شجاعته صلّى الله عليه وسلّم فإنّه كان متواضعاً رؤوفاً بالنّاس رحيماً ، يعطف على الصّغير بل يمازحه وقصّة الغلام مشهورةٌ حين واساه النّبيّ حين فقد طيره بقوله ياعمير ماذا فعل النّغير ، وكان إذا رأى سبطيه الحسن والحسين لم يصبر عنهما وتراه ينزل عن المنبر ليحتضنهما ويضمّهما إليه ، فالأنبياء هم صفوة الله من خلقه ، أعطاهم صفات الكمال وميّزهم عن البشر وإن كانت عندهم أفعال البشر كالأكل والشّرب والمشي في الأسواق .