صحف إبراهيم عليه السلام
مقدمة
أيد الله تعالى رسله الكرام – عليهم السلام، بالمعجزات البينات الواضحات، كما وأيدهم بكتي سماوية منزلة من عندهم، تحتوي على التشريعات وتكون بمثابة كتابهم المقدس الذي يعودون إليه إلى أن يأتي الرسول التالي فينزل الله تعالى تشريعاً جديداً معدلاً عن التشريع القديم.
إبراهيم عليه السلام
رسول الله إبراهيم الخليل – عليه السلام – هو واحد من أكرم وأفضل رسل الله – عليهم السلام – جميعاً، جمع من الخصال الحميدة ما لم يتسن لأحد أن يجمعه، وكان مؤيداً برجاحة العقل وقوة المنطق، حتى قبل أن يستدل على الله – عز وجل – ، ولعل عقله هو الذي أرشده إلى أن للكون رباً واحداً، فقد استقل الرسول الكريم ما كان يعبد واستسخف الطريقة التي كان يفكر بها المجموع في ذلك الحين، فلقب ” أمة ” لم يكن يطلق عليه اعتباطاُ أو عبثاُ، بل كان له دلالاته ومغازيه والعميقة، حيث تجاوز هذ الوصف المعنى المادي الحسي إلى المعنى الإيماني، فمادياً، مر وقت على إبراهيم الخليل – عليه السلام – كان فيه أمة بحالها، فلم يكن هناك مؤمن موحد على الأرض غيره، أما المعنى الإيماني، فحتى بعد إيمان الناس معه، كان هو بإيمانه وميزاته وصفاته يعادلهم جميعاً، فهو كيفما نظرنا إليه لم يكن شخصية بسيطة يستهان بها، بسيطة تتبع طرق الدروشة، غير عقلاني، فحتى بعد أن آمن بالله رباً، طلب منه أن يريه آية من آياته، فجمع الله تعالى أمامه طيراً ميتاً وزعت أعضاؤه في أماكن متفرقة، فازداد اطمئنان قلبه الكريم وازداد اطمئنان عقله الشريف إلى أنه يسير على الخطة الصحيحة والطريق القويم.
لما تميز به إبراهيم، ولما مر به من أحداث جسيمة صعبة لو مر بربعها إنسان عادي لما تحمل ولو جزءاً بسيطاً كما تحمل هذا الرجل العظيم والرسول الكريم، فقد حباه الله تعالى بميزات ميزته عن غيره، فبعد وفاته وانقضاء أجله ولحاقه بالرفيق الأعلى، كانت كل الرسالات السماوية اللاحقة من نسله الطاهر، فكل من أتى بعده من الأنبياء هم من سلالته، لهذا السبب تسمى الديانات اللاحقة لفترة إبراهيم كاليهودية والمسيحية والإسلامية بالديانات الإبراهيمية التوحيدية، لأنها توحد الله تعالى وتجله وتعظمه كما كان الجد الأعظم خليل الرحمن يوحده ويجله، فقد تقاطعت جميع الديانات والتقت على حب وتبجيل هذه الشخصية الكريمة.
صحف إبراهيم
الصحف الإبراهيمية هي التي تلقاها إبراهيم – عليه السلام – عن ربه – عز وجل -، حيث أورد اسمها كتاب الله تعالى ” القرآن الكريم “، حيث إنّ الله تعالى كان قد أمره بها أن يبلغ ويدعو إلى توحيد الله تعالى وعبادته وتبجيله وحده من دون أن يشرك معه في العبادة أحد، فتنقل الرسول الكريم بين أصقاع الأرض في ذلك الزمن داعياً إلى الله تعالى ومبلغاً ما جاء في هذه الرسائل السماوية التي أنزلت عليه من لدن عليم خبير.