شعر عتاب للحبيب
العتاب
العتاب هو لغة الأحباب والتي يعبرون بها عن مشاعرهم وفقدهم وشوقهم للمحبين، وهو يُعبّر عن ألم المحبّ وحزنه لدى جفاء الآخر.
أبيات شعرية في العتاب
- أما العِتابُ فَبِالأَحِبَّةِ أَخلَقُ
وَالحُبُّ يَصلُحُ بِالعِتابِ وَيَصدُقُ
يا مَن أُحِبُّ وَمَن أُجِلُّ وَحَسبُهُ
في الغيدِ مَنزِلَةً يُجَلُّ وَيُعشَقُ
البُعدُ أَدناني إِلَيكَ فَهَل تُرى
تَقسو وَتَنفُرُ أَم تَلينُ وَتَرفُقُ
في جاهِ حُسنِكَ ذِلَّتي وَضَراعَتي
فَاِعطِف فَذاكَ بِجاهِ حُسنِكَ أَليَقُ
خَلُقَ الشَبابُ وَلا أَزالُ أَصونُهُ
وَأَنا الوَفِيُّ مَوَدَّتي لا تَخلُقُ
صاحَبتُهُ عِشرينَ غَيرَ ذَميمَةٍ
حالي بِهِ حالٍ وَعَيشِيَ مونِقُ
قَلبي اِدَّكَرتَ اليَومَ غَيرُ مُوَفَّقٍ
أَيّامَ أَنتَ مَعَ الشَبابِ مُوَفَّقُ
فَخَفَقتَ مِن ذِكرى الشَبابِ وَعَهدِهِ
لَهفي عَلَيكَ لِكُلِّ ذِكرى تَخفُقُ
كَم ذُبتَ مِن حُرَقِ الجَوى وَاليَومَ مِن
أَسَفٍ عَلَيهِ وَحَسرَةٍ تَتَحَرَّقُ
كُنتَ الشِباكَ وَكانَ صَيداً في الصِبا
ما تَستَرِقُّ مِنَ الظِباءِ وَتُعتِقُ
خَدَعَت حَبائِلُك المِلاحَ هُنَيَّةً
وَاليَومَ كُلُّ حِبالَةٍ لا تَعلَقُ
هَل دونَ أَيّامِ الشَبيبَةِ لِلفَتى
صَفوٌ يُحيطُ بِهِ وَأُنسٌ يُحدِقُ
- إِنَّ الهَوى إِن كُنتَ عَنهُ تَسأَلُ
مَعنىً يَزيدُ بِما يَقولُ العُذَّلُ
تَجني العُيونُ ثِمارَهُ لَكِنَّها
تَجني بِهِنَّ عَلى القُلوبِ فَتَقتُلُ
فَحَذارِ مِنهُ حَذارِ مِنهُ فَإِنَّني
مِنهُ عَلى قَلبي الجَريحِ لأَوجَلُ
لأُعَذِّبَن عَينَيَّ إِن جَنَتا الهَوى
بِسُهادِ لَيلِهِما وَدَمعٍ يَهمُلُ
صَحائفُ عِندي للعِتابِ طَوَيتُها
ستُنشرُ يوماً والعتابُ يطـولُ
عتابٌ لعمري لا بنانٌ تخطُّـهُ
ولَيسَ يُؤدّيـهِ إليـكِ رَسُـولُ
سأسكتُ ما لم يجمع اللهُ بيننـا
إن نلتقي يوماً فسوف أقـولُ
- إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
فلا خيـر فـي ود يجـيء تكلُّفـا
ولا خير في خلٍّ يخـون خليلـه
ويلقاه من بعد المـودة بالجفـا.
4) ما كلّ ما يتمنى المرء يدركه
رُبّ امرىء حتفه فيما تمنّاهُ
والناس في رقدةٍ عما يُراد بهم
وللحوادث تحريكٌ وإنباهُ
أنصفْ هديت إذا ماكنت منتصفاً
لا ترضَ للناس شيئاً لستَ ترضاهُ
يا رُبّ يوم اتت بشراه مقبلةً
ثم استحالت بصوت النّعي بشراهُ
لا تحقرنّ من المعروف أصغره
احسنْ فعاقبة الاحسان حُسناهُ
وكلّ امرٍ له لا بدّ عاقبةٌ
وخير أمرك ما احمدتَ عُقباهُ
- وكأن قلبي فالضلوع جنازة ٌ
أمشي بها وحدي وكلّي مأتم ِ
قصائد في العتاب
الآتي بعض القصائد في العتاب:
على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ
أحمد شوقي
على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ
ومَنْ عاتبتُ يَفْديِه الصِّحابُ
ألوم معذِّبي، فألومُ نفسي
فأُغضِبها ويرضيها العذاب
ولو أنَي استطعتُ لتبتُ عنه
ولكنْ كيف عن روحي المتاب؟
ولي قلب بأَن يهْوَى يُجَازَى
ومالِكُه بأن يَجْنِي يُثاب
ولو وُجد العِقابُ فعلتُ، لكن
نفارُ الظَّبي ليس له عِقاب
يلوم اللائمون وما رأَوْه
وقِدْماً ضاع في الناس الصُّواب
صَحَوْتُ، فأَنكر السُّلْوان قلبي
عليّ، وراجع الطَّرَب الشباب
كأن يد الغرامَِ زمامُ قلبي
فليس عليه دون هَوىً حِجاب
كأَنَّ رواية َ الأَشواقِ عَوْدٌ
على بدءٍ وما كمل الكتاب
كأني والهوى أَخَوا مُدامٍ
لنا عهدٌ بها، ولنا اصطحاب
إذا ما اغتَضْتُ عن عشقٍ يعشق
أُعيدَ العهدُ، وامتد الشَّراب.
هذا عتاب الحب للأحباب
فاروق جويدة
«تساءلوا: كيف تقول:
هذي بلاد لم تعد كبلادي؟!
فأجبتُ:
هذا عتاب الحب للأحباب»
لا تغْضَبي من ثوْرَتِي.. وعتابي
مازالَ حُّبكِ محنتي وعذابي
مازالتِ في العين الحزينةِ قبلة ً
للعاشقين بسحْركِ الخَلاَّبِ
أحببتُ فيكِ العمرَ طفلاً باسماً
جاءَ الحياة َ بأطهر الأثوابِ
أحببتُ فيكِ الليلَ حين يضمّنا
دفءُ القلوبِ ورفقةُ الأصحابِ
أحببتُ فيكِ الأم تسْكنُ طفلهَا
مهما نأى تلقاهُ بالترْحَابِ
أحببتُ فيكِ الشمسَ تغسلُ شَعْرها
عندَ الغروبِ بدمعها المُنسَابِ
أحببتُ فيكِ النيلَ يجرى صَاخباً
فيَهيمُ رَوْضٌ..فى عناق ِ رَوَابِ
أحببتُ فيكِ شموخَ نهر جامحٍ
كم كان يُسكرنى بغير شَرَابِ
أحببتُ فيكِ النيلَ يسْجُد خاشعِاً
لله ربا دون أى حسابِ
أحببتُ فيكِ صلاةَ شعبٍ مُؤْمن
رسمَ الوجودَ على هُدَى مِحْرَابِ
أحببتُ فيكِ زمانَ مجدٍ غَابرٍ
ضيَّعتهِ سفها على الأذنابِ
أحببتُ فِى الشرفاء عهداً باقيا
وكرهتُ كلَّ مُقامرٍ كذابِ
إِنى أحبكِ رغم أَني عاشقٌ
سَئِم الطوافَ وضاق بالأعْتابِ
كم طاف قلبي فى رحابكِ خاشعاً
لم تعرفي الأنقى من النصابِ
أسرفتُ في حبّي وأنت بخيلة ٌ
ضيّعتِ عمري واسْتبَحْتِ شَبَابي
شاخت على عينيكِ أحلامُ الصبا
وتناثرت دمعاً على الأهدابِ
من كان أولى بالوفاء؟ عصابة َُ
نهبتكِ بالتدليس والإرهابِ ؟
أم قلبُ طفل ذاب فيك صبابةً
ورميتهِ لحماً على الأبوابِ؟
عمر من الأحزان يمرح بيننا
شبحُ يطوف بوجههِ المُرْتابِ
لا النيلُ نيلكِ لا الضفافُ ضفافهُ
حتى نخيلك تاهَ فى الأعشابِ!
باعُوكِ في صخبِ المزادِ.. ولم أجد
في صدركِ المهجور غيرَ عذابي
قد روَّضُوا النهرَ المكابرَ فانحنى
للغاصبين وَلاذ بالأغْرَابِ
كم جئتُ يحملني حَنِينٌ جارفٌ
فأراكِ.. والجلادُ خلفَ البَابِ
تترَاقصين على الموائد فرحةً
ودَمِي المراقُ يسيل في الأنخابِ
وأراكِ فى صخب المزاد وليمةً
يلهو بها الأفاقُ والمُتصابي
قد كنتُ أولى بالحنانِ ولم أجدْ
فى ليلِ صدرك غيرَ ضوءٍ خابِ
في قِمة الهَرَمِ الحزينِ عصابة ٌ
ما بين سيفٍ عاجزٍ ومُرَابِ
يتعَبَّدُون لكل نجمٍ سَاطِعٍ
فإذا هَوَى صاحُوا: «نذيرَ خَرَابِ»
هرمُ بلونِ الموتِ، نيلٌ ساكنٌ
أسْدٌ محنطةٌ بلا أنيَابِ
سافرتُ عنكِ وفى الجوانح وحشة ٌ
فالحزنُ كأسِي.. والحَنِينُ شَرَابي
صوتُ البلابلِ غابَ عن أوكاره
لم تعبئي بتشرّدي وغيابي
كلُّ الرفاق رأيتهم في غربتي
أطلالَ حُلم في تلالِ ترَابِ
قد هاجروا حُزْناً وماتوا لوعةً
بين الحنينِ وفرقةِ الأصحابِ
بيني وبينك ألفُ ميلٍ، بينما
أحضانك الخضراءُ للأغْرَابِ!
تبنين للسفهاء عُشّاً هادئاً
وأنا أموتُ على صقيع شبابي!
في عتمةِ الليلِ الطويلِ يشدّني
قلبي إليكِ، أحِنُّ رغم عذابى
أهفو إليك وفي عُيُونِكِ أحتمي
من سجن طاغيةٍ وقصفِ رقابِ.
هل كان عدلاً أن حبَّكِ قاتلي
كيف استبحتِ القتلَ للأحبابِ؟!
ما بين جلادٍ وذئب حاقدٍ
وعصابةٍ نهبتْ بغيرِ حسابِ
وقوافلٍ للبُؤسِ ترتعُ حولنا
وأنينِ طفلٍ غاص في أعصابي
وحكايةٍ عن قلبِ شيخ عاجز
قد مات مصلوباً على المحرابِ
قد كان يصرخ: «لي إلهٌ واحدٌ
هو خالق الدنيا وأعلمُ ما بي»
يا ربِّ سطرت الخلائقَ كلهَّا
وبكل سطرٍ أمة ٌ بكتابِ
الجالسونَ على العروش توحَّشُوا
ولكل طاغيةٍ قطيعُ ذئابِ
قد قلتُ: إن الله ربٌّ واحدٌ
صاحوا: ونحن، كفرتَ بالأرْبَابِ؟
قد مزَّقوا جسدي وداسُوا أعظمى
ورأيتُ أشلائي على الأبوابِ
ماعدتُ أعرفُ أيْنَ تهدأ رحلتي
وبأي أرضٍ تستريح ركابي
غابت وجوهٌ كيفَ أخفتْ سرَّها؟
هرَبَ السؤالُ وعزّ فيه جوابي
لو أن طيفاً عاد بعد غيابه
لأرى حقيقة رحلتي ومآبي
لكنه طيفٌ بعيدٌ غامضٌ
يأتي إلينا من وراء حجابِ
رحل الربيعُ وسافرت أطيارُه
ما عاد يُجدي في الخريفِ عتابي
في آخر المشوار تبدُو صورتي
وسْط َ الذئاب بمحنتي وعذابي
ويطل وجهُك خلفَ أمواجِ الأسى
شمساً تلوِّحُ في وداعِ سحابِ
هذا زمانٌ خانني في غفلةٍ
مني وأدْمى بالجحودِ شبابي
شيَّعتُ أوهامي وقلتُ لعَلني
يوماً أعودُ لحكمتي وصوابي
كيف ارْتضيتُ ضلالَ عَهْدٍ فاجر
وفسادَ طاغيةٍ وغدرَ كِلابِ؟!
ما بين أحلامٍ توارى سحْرُها
وبريقِ عُمر صارَ طيفَ سَرَابِ
شاختْ ليالي العُمر مني فجأة ً
فى زيف حلمٍ خادع كذابِ
لم يبق غيرُ الفقر يسْتر عَوْرَتي
والفقرُ ملعونٌ بكل كِتابِ
سِربُ النخيلِ على الشواطئ ينحَني
وتسيلُ في فزعٍ دِماءُ رقابِ
ما كان ظنّي أن تكونَ نهايتي
في آخر المشوارِ دَمْعَ عتابِ!
ويضيعُ عمري فى دروبَ مدينتي
ما بين نار القهر ِ.. والإرْهابِ
ويكون آخرَ ما يُطلُّ على المدى
شعبٌ يُهرْولُ في سوادِ نقابِ
وطنٌ بعَرضِ الكونِ يبدو لعبة ً
للوارثين العرشَ بالأنسابِ
قتلاكِ يا أمَّ البلادِ تفرقوا
وتشردُوا شِيَعاً على الأبْوَابِ
رَسَمُوكِ حُلماً ثم ماتوا وَحشة ً
ما بين ظلمِ الأهلِ والأصْحَابِ
لا تخجلي إن جئتُ بابَكِ عارياً
ورأيتِني شَبَحاً بغير ثيابِ
يَخْبُو ضياءُ الشمسِ يَصغُر بيننا
ويصيرُ في عَيْني كعُودِ ثقابِ
والريحُ تزأرُ والنجومُ شحيحةٌ
وأنا وراءَ الأفقِ ضوءُ شهابِ
غضبٌ بلون العشقِ سخط ٌ يائسٌ
ونزيفُ عمرٍ فى سُطور كتابِ
رغْمَ انطفاءِ الحُلِم بين عيوننا
سيعودُ فجرُكِ بعدَ طول غيابِ
فلترحمي ضعْفِي وقلةَ حِيلتي
هذا عِتابُ الحُبِّ للأَحْبابِ.