همس القوافي
شعر العصر العباسي
الشعر
اتسم العصر العباسي باتساع مجالات الحياة فيه وتعدّد الأنشطة وتميزها، وفي هذا العصر انفتح العرب على ثقافاتٍ وحضارات جديدة ومتنوعة، الأمر الذي أدى إلى انتقالهم من مرحلة الانغلاق والبداوة والفقر، وتحوّلهم باتجاه تأسيس حضارة جديدة بعد أن فتحوا أبوابهم للحضارات الأخرى ونهلوا الكثير من فكر وثقافة تلك الحضارات، وبتوفر عنصر الرخاء الاقتصادي في ذلك الوقت أدّى ذلك إلى بروز إبداعاتهم الأدبيّة، وغزارة إنتاجهم الشعري الذي تميز بروحه العصريّة، وتناوله لخصائص الحضارة، مع مراعاة الاحتفاظ بسمات وخصائص الشعر القديم.
ملامح وخصائص شعر العصر العباسي
تجديد الفنون الشعريّة
- شعر المدح: بقي شعراء العصر العباسي يطرقون مواضيع المثل الخلقيّة في المدح، ويستخدمونها في مدح القادة والخلفاء والوزراء، وكل من كان يلعب دوراً في تسيير شؤون الدولة في ذلك الوقت، وقد أدّى هذا الأمر إلى تشكيل صور حيّة في أعماق الممدوحين، وذلك من خلال استنباطهم المعاني الدقيقة للمروءة والكرم وشرف النفس والشجاعة وعلو الهمة، وقد ساهمت عقولهم الخصبة في إسعافهم إضافةً إلى خيالهم الشاسع، وعمل شعراء ذلك العصر إلى إضافة مثلٍ جديدة كتقوى الله وإطلاق الحكم وفق الشريعة، وهذا ما يظهر في المَقطع الشعري الذي قاله مروان ابن أبي حفصة في قصيدة مدح بها المهدي، حيث قال:
- أحيا أمير المؤمنين محمّد
- سنن النبي حرامها وحلالها
- وقد تميزت قصائد المدح في ذلك الوقت بتجسيدها للأحداث والوقائع والفتن والصراعات الداخليّة في الدولة، إضافةً لصراعات الدولة مع الروم، وهذا ما جاء في قصيدة أبي تمّام (فتح عموريّة)، حيث قال في مقطع منها:
- لقد تركت أمير المؤمنين بها
- للنار يوماً ذليل الصخر والخشب
- شعر الذم (الهجاء): اتّسم الشّعر في العصر العباسي باهتمام الشاعر في هجائه سلب المهجو مثاليته الخلقيّة وإيجابيته، فيأتي على شكل تحقير وطعن للمهجو، إضافةً إلى إلصاق القذارة والبخل والدنس والظلم به، فشعر الهجاء لم يعد يقتصر على العصبيّات خلال نظمه.
- شعر الحماسة والفخر: لم يستطع عدد من شعراء هذا العصر التخلّص من التعصّب والفخر القبلي كتعصب بشّار للقيسيين وتعصّب أبي نوّاس لمواليه بني سعد، ولكن الجديد في هذا النوع من الشعر في العصر العباسي أنّ بعض الشعراء قَد أخذوا يزيدون في فخرهم الإحساس بالمروءة والقيم المثلى والأخلاق، وذلك للحث على مواجهة الأعداء والجهاد، وإضافة فخر البطولة في المعارك لإثارة الحماسة في نفوس القادة والمجاهدين.
- شعر الرثاء: اتسم شعر الرثاء في ذلك العصر بنشاطه، وقد تمّ توجيه غالبيته لرثاء من يموت من الخلفاء والقادة والوزراء وكبار رجال الدولة في ذلك الوقت، بحيث كان تركيزهم في الرثاء على تمجيد قوة وبطولة المرثي، ومن أهم مرثيّات ذلك العصر رثاء ابن الرومي للبصرة، وقد نهج في رثائه هذا نهج شعراء الأندلس.
- شعر الوصف: تحوّل الوصف في الشعر العباسي إلى فنٍ مستقل بفعل الطبيعة الغنّاء، إضافةً لهذا بسبب العديد من المظاهر الحضاريّة التي اتسم بها هذا العصر، والتي عني الشعراء بوصفها بدقة كالسحب والمطر والقصور والحدائق.
- شعر الغزل: تميّز شعر الغزل في العصر العباسي بتولّده من عاطفة تتّسم بالصدق، ولهذا فإنّه وصف بالرقّة واللطف، وقد سار هذا النوع من الشعر في اتجاهين هما الغزل الصريح الذي تولّد نتيجةً لانتشار الجواري في ذلك الوقت، وقد وصلت شدة صراحته إلى وصوله لدرجة المجون لدى بشّار بن برد، أما الاتجاه الآخر فهو الغزل العفيف وهذا ما تميزت به قصائد العباس بن الأحنف التي وصفت بالغزل المحتشم.
- شعر الاعتذار والعتاب
- الشعر السياسي
ظهور فنون الشعر الجديدة
- شعر الحكمة والزهد
- الشعر التعليمي