سيرة أم المؤمنين ” أم سلمة المخزومية “
نسبها وسيرتها: هي أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب المخزومية، إحدى زوجات النبي عليه السلام، توفي زوجها أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي متأثرا ببعض جراحه التي أصيب بها في غزوة أحد وذلك عام 4 هجريا. تزوجها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته.
ولدت السيدة أم سلمة رضي الله عنها في مكة المكرمة في بيت من أشراف قريش، وهي ابنة عاتكة بنت عامر الكنانية وأبو أمية الذي كان سيدا من سادات بني مخزوم، وكان يلقب بـ”زاد الركب” لأنه كان يتكفل بمتاع وزاد ومؤن كل من يسافر معه.
كان للسيدة أم سلمة ثلاثة إخوة هما عامر بن أبي أمية الذي أسلم يوم الفتح، وعبد الله بن أبي أمية الذي أسلم قبل الفتح، والمهاجر بن أمية الذي أسلم قبل الفتح كذلك وتولى قيادة جيش المسلمين في حرب الردة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام. وكانت أخت الصحابي الكريم عمار بن ياسر في الرضاعة وابنة عم الصحابي المجاهد خالد بن الوليد.
حياتها قبل الإسلام: تزوجت أم سلمة رضي الله عنها قبل دخولها الإسلام من ابن عمها أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وقد أسلما هما الاثنان باكرا وهاجرا سويا إلى الحبشة بعد زيادة الأذى على المسلمين في مكة والتنكيل بهم وتعذيبهم على يد مشركي قريش.
وضعت هناك ابنها الأول “سلمة” وكانت فيمن تحركوا من الحبشة إلى مكة بعد سماعهم بإشاعة أن قريش دخلت الإسلام وأنه قد انتشر ودانت به القبائل هناك، فلما رجعوا وجدوا أن الأمر مازال كما كان. وبذلك لم يدخل أحد من المسلمين الذين أتوا من الحبشة إلى مكة المكرمة سوى بجوار أحد من أشراف قريش.
دخلت أم سلمة وزوجها وابنها في جوار أبي طالب الذي كان خال أبي سلمة، وبقيا فيها حتى تحرك النبي مهاجرا إلى يثرب. فلما كان ذلك، عزما على الخروج ولكن أهلها وقومها رفضوا خروجها، فخرج أبو سلمة وسلمة وحدهما.
ظلت أم سلمة بعدها في حزن شديد حتى رق أهلها لحالها، وتركوها ترحل فلحقت بهم ليثرب دون رفيق، ورآها هناك “عثمان بن طلحة” وكان مشركا حينها وسألها عن وجهتها، وأخذ بلجام دابتها وأوصلها حتى مشارف المدينة وعاد لمكة. وقد مدحت السيدة أم سلمة حينما تزوجت النبي عليه السلام قائلة: ” ما رأيت أكرم من عثمان بن طلحة”.
أنجبت في المدينة ثلاثة أبناء من زوجها أبو سلمة هما درة وعمر وزينب. استشهد زوجها متأثرا بجراحه بعد عام من إصابته في غزوة أحد.
سماتها الشخصية: عرفت السيدة أم سلمة برأيها الراجح وعقلها المتفتح المستنير وقولها الصواب، وكان خير مثال على ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام قد أخذ برأيها يوم الحديبية حين نصحته بأن ينحر ويحلق وألا يكلم أحدا، قد كانت نصيحتها سديدة، فحينما رأى أصحاب النبي عليه السلام على هذه الحال قاموا وحلقوا ونحروا مثله.
كما عرفت بسعة علمها ودقة روايتها، وكانت معلمة لطالبي العلم وكبار الصحابى بعد وفاة الرسول عليه السلام، وكانت ذات لغة وفصاحة.
زواجها من النبي عليه السلام: بعد وفاة زوجها، قضت أم سلمة عدتها فتقدم لخطبتها كلا من عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق رضي الله عنهما لكنها لم تقبل بأي منهما وردت خطبتها، ثم خطبها النبي فقبلت الزواج منها على صداق بسيط هو فراش من الليف، ودخل بها في غرفة السيدة زينب بنت خزيمة بعد وفاتها.
مكانتها عند النبي: كان النبي عليه السلام يكرم ويحسن إلى السيدة أم سلمة. فقد روى أنه لما بعث النجاشي للنبي بحلة وأوقية من المسك، قدم النبي لكل واحدة من نسائه أوقية المسك وقدم لأم سلمة بقيته مع الحلة.
وروت ابنتها زينب يوما أن النبي كان يلاعب الحسن والحسين وفاطمة فضمهم إليه وقال: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد. فبكت السيدة زينب، ولما سألها النبي قالت: خصصتهم وتركتني وابنتي يا رسول الله. فقال مطمئنا وجابرا لخاطرها: أنت وابنتك من أهل البيت.
وكان النبي إذا فرغ من صلاة العصر دخل على نسائه، فكان يبدأ بها وينتهي بعائشة.
مكانتها في الإسلام: بعد وفاة النبي، قامت السيدة أم سلمة بالاعتكاف في بيتها للعبادة وتقديم العلم لطالبيه، فكان يلجأ إليها الصحابى وطالبو العلم لسماع الحديث والتفقه في الدين.
وتعد هي ثاني أكثر امرأة رواية للحديث بعد السيدة عائشة رضي الله عنها. فقد روت 378 حديث.
وفاتها: توفت عام 59 هجريا، ودفنت بالبقيع.