سبب دراسة الفلسفة
الفلسفة كلمة اشتقت من المصطلح اليوناني ( فيلوسوفيا ) ، وتعني طلب المعرفة أو البحث عن الحقيقة ، من هنا نتعلم لماذا نتعمق في دراسة الفلسفة ، وذلك لمعرفة الحقيقة ، حقيقة كل ما يدور حولنا من من ظواهر واستفهامات ، إبتداءاً بحقيقة الإنسان نفسه ، وماهيته، وعلى الرغم من أن هذا هو المعنى العام للفلسفة ، ولكن من الصعب تحديد مفهوم دقيق للمعنى ، ولكن بشكلٍ عام فإنها تشير إلى مجهود انساني قديم جداً ، يدور حول ممارسة عملية أو نظرية عرفت سابقاً في مختلف الثقافات أو المجتمعات البشرية منذ أقدم العصور .
أما عن ماهية الفلسفة فهو سؤال فلسفي يقبل نقاشاً طويلاً ، وهذه إحدى سمات الفلسفة لميلها للتساؤل في كل أمر ، والبحث عن الإجابات الدقيقة لهذا الأمر وعن ماهيته والقوانين التي تحكم هذا الأمر ، لذلك كان علم الفلسفة متشعباً واسعاً ، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكافة العلوم ، وهذا سبب تفردها عن باقي العلوم ، وتوصف بكونها ( التفكير x التفكير ) ، أي التفكير في طبيعة هذا لتفكير والتدبر والتأمل ، ومحاولة لإيجاد إجابات عن الأسئلة المطروحة .
أول فيلسوف حكيم هو فيثاغورس ، حيث جعل من الحكمة هي المعرفة القائمة على نوع من التأمل ، وحب الحكمة هو نوع من البحث عن الحقيقة ، وقام من بعده الإغريق بتأسيس القواعد الأساسية للفلسفة ، كنوع من العلم يحاول إيجاد نظرة شمولية للكون ضمن حدود النظرة الواقعية ، أما الفلاسفة المسلمين فقد كان ميلهم لفلاسفة اليونان ، وقاموا بتحويل فلسفة الواقع إلى فلسفة إسمية ، وتحويلها فيما بعد إلى فلسفة علم وتجربة .
حديثاً ففي المملكة المتحدة وأمريكا الشمالية فإن الفلسفة تكاد تكون الفلسفة تقنيه بحتة ترتكز على ( التحليل المفهومي و المنطق ) ، بحيث تشمل في اهتماماتها الأخلاق ونظرية المعرفة ، وطبيعة العقل واللغة ، وفي ثقافاتٍ أخرى فإن الفلسفة هي دراسة العلوم والفن ، لتتكون في أعماقه تلك النظرة الشمولية العامة ، ومن هنا نستنتج بأن من مهام الفلسفة الرئيسية تحديد طريقة مثالية للحياة ، وليس محاولة تفهم هذه الحياة ، أما المنحى التحليلي يعتبر الفلسفة شيء عملي وجب ممارستها ، وفي مفاهيم أخرى فتعتبر الفلسفة أساس المعرفة الذي وجب تفهمه واتقانه جيداً .
وتستخدم لفظة الفلسفة حديثاً لتشير إلى السعي إلى معرفة أمور جوهرية في حياة الإنسان ، كالحياة والموت والواقع …إلخ ، والحديث عنها لا يرتبط بالحضارة اليونانية وحسب ، لأنها تعد جزءاً مهماً في حضارة كل الأمم ، لتشعب المعنى الحقيقي للفلسفة ، وعدم انحساره بتعريف محدد ، ابتدأت قديماً وتحديداً في عصر ( طاليس ) تبحث عن إجابة في أصل الوجود ، ومن صنعه ، وأساس المادة التي وجد منها الوجود بعناصره الأساسية ، لتدخل الإجابة في التغليط والتضليل ، لتغلي وجهة نظر الفلاسفة اللاحقين ، ليأتي زمن ( سقراط ) ، ووصفه (شيشرون ) بأنه قد أنزل الفلسفة من السماء للأرض ، لتحويله التفكير من مجرد التفكير في الكون وعناصر تكوينه ، إلى البحث الأكثر غموضاً وهي ( الذات الإنسانيّة ) ، لتبحث في جوهر الإنسان وطبيعته ودرجة إيمانه بالخالق ، وطريقته في البحث عنه ، واستخدام الأدلة العقلية في إثباته ، واستخدم سقراط الفلسفة في نشر الصدق والمحبة والفضيلة بين الناس ، ليأتي بعده أفلاطون و أرسطو للبحث في أداتي ( العقل والمنطق ) ، كأساسيين في التفكير المنطقي السليم ، والمرتبط بقواعد تؤكد صحة هذا التفكير أو بطلانه ، حيث أجاب أرسطو عن مفهوم الفلسفة موضحاً بأن هذا المفهوم يرتبط بماهية الإنسان التي تجعله طالباً لتلك المعرفة ، وبطبيعة الفلسفة فإن هذا التعريف لا تحدد طبيعة الفلسفة ، لأنها ليست التعريف الأوحد لهذا المفهوم ، وقابل للتغيير في كل زمانٍ ومكان ، ولكن وبرغم مرور آلاف الأعوام منذ أدلى أرسطو بتعريفه للفلسفة حتى يومنا هذا وبرغم التغيرات الكبيرة والهائلة في جميع الميادين والمعرفة والعلوم ، إلا أن الفلسفة بقيت هي نفسها ، إلا أن الفيلسوف في أيامنا بات مقيداً بالكثير من القوانين المنطقية والمناهج ، وعلومات مكتسبة من النظريات العلمية والتطبيقات التكنولوجية ، ومن هنا لم يعد التعريف للفلسفة متوافقاً مع الدور الذي يمكن الفيلسوف من القيام به ، والذي يختلف إلى حدٍ كبير عن أدوار اسلافه في العصور السابقة .
والحديث يطول كثيراً في البحث حول هذا الموضوع الشائك ، إلى ما لا نهاية ، إو إلى حين تحديد ومعرفة المعنى الأساسي للفلسفة عوضاُ عن تشعب التعريف .