سبب تسمية الشاعر حطيئة بهذا الاسم
عُرف العصر الجاهلي بظهور شعراء مخضرمين ( شعراء عاشوا في العصر الجاهلي و ادركوا الإسلام ) ، و منهم شاعر يُدعى ” الحطيئة ” ، كان شاعر جاهلي من شعراء الهجاء في العصر الجاهلي ، و أدرك الأسلام و أسلم ، لكن كان سئ الخلق لم يسلم أحداً من لسانه ، و على الرغم من تحريم الإسلام للهجاء و الخوض في أعراض الناس ، إلا أن الحطيئة قام بهجاء أكثر الناس من حوله ، حتى أنه قام بهجاء أمه و أباه و خاله ، و قام بهجاء نفسه و زوجته ، وكان فظًا غليظ القلب ، و استغل فصاحته و بلاغته لإذاء الناس .
تعريفه و شهرته :
إسمه الحقيقي هو أبي مليكة جرول بن أوس العبسي ، المعروف بالحطيئة ، سُمي بأبي مليكة نسبة إلى إبنته مليكه ، و سمي بالحطيئة بسبب قصر قامته ، كان يعاني من الفقر و المهانة ، و لجئ للهجاء لكي يكسب رزقه و يدافع به عن نفسه .
هجاء الحطيئة لأمه :
تزوجت أمه رجلًا غير أباه فقام بهجائها قائلًا :
جزاء الله شرًا من عجوز *** و لقاك العقوق من البنينا
تنحي فاجلسي مني بعيدًا *** أراح الله منك العالمين
أغربالا إذا استودعت سرًا *** و كانونا على المتحدثينا
هجاء الحطيئة لخاله و عمه :
قام الحطيئة بهجاء عمه و خاله قائلًا :
لحاك الله ثم لحاك حقًا *** أبًا و لحاك من عم و خال
جمعت اللؤم لا حياك ربي *** و أبواب السفاهة و الضلال
فنعم الشيخ أنت لدى المخازي *** و بئس الشيخ أنت لدى المعالي
هجاء الحطيئة لزوجته :
حتى إمرأته لم تسلم من لسانه فهجاها قائلًا :
لها مضحك كالحش تحسب أنها *** إذا ضحكت في أوجه الناس تسلخ
إذا عاين الشيطان صورة وجهها *** تعوذ منها حين يمسي و يصبح
لها جسم برغوث و ساق بعوضة *** و وجه كوجه القرد بل هو أقبح
تبرق عيناها إذا ما رأيتها *** و تعبس في وجه الجليس و تكلح
أطوف ما أطوف ثم آوي *** إلى بيت قعيدته لكاع
هجاء الحطيئة لنفسه :
عندما لم يجد أحدًا ليهجوه قام الحطيئة بهجاء نفسه قائلًا :
أبت شفتاي اليوم إلا تكلمًا *** بسوء فما أدري لمن أنا قائلة ؟
أرى لي وجهًا قبح الله خلقه *** فقبح من وجه و قبح حامله
قصة الحطيئة مع الزبرقان بن بدر :
حدث مجاعة في مدينة الحطيئة ، فخرج الحطيئة منها متجهًا إلى العراق بأهله ، بحثًا عن الطعام و المأوى ، أثناء سيره في الطريق قابل الزبرقان بن بدر ، أحد سادة القوم ، فسأله الزبرقان إلى أين أنت متجه ؟ ، فأخبره الحطيئة أنه ذاهب للعراق لإيجاد رجل يأويه و أهله ؛ مقابل أن يمدحه طوال العمر ، فوجد الزبرقان أنها فرصة ذهبية أن يأوي الحطيئة وفي المقابل يقوم الحطيئة بمدح الزبرقان في المدائن طوال العمر ، فأخبره أن يأتي لمنزله و يقيم معه .
ذهب الزبرقان إلى المدينة المنورة ليسلم الزكاة لعمر بن الخطاب ، وأرسل لزوجته أن تقوم بإكرام الحطيئة و أهله ، و بالفعل ذهب الحطيئة لدار الزبرقان و أكرمته زوجته أحسن إكرام ، و عندما طالت مدة إقامة حطيئة عند الزبرقان ملت زوجة الزبرقان منه و من خدمته ، فعاملته معاملة جافة ، و في هذا الوقت قام رجل يُدغى بغيض ؛ بالإرسال إلى حطيئة ليترك دارالزبرقان وينتقل معهم ، في البداية كان رافضًا لكن مع جفاف معاملة إمرأة الزبرقان ، وافق حطيئة أن ينتقل للعيش مع بغيض و عائلته .
أقام الحطيئة في دار بغيض فترة طويلة ، و كان بغيض و أولاد عمومته يحرضون الحطيئة لكي يقوم بهجاء الزبرقان ، لكن الحطيئة كان يرفض ، حتى جاء الزبرقان برجل ليهجو بغيض ، فعندها قام الحطيئة بهجاء الزبرقان قائلًا :
ما كان ذنب بغيض أن رأى رجلًا *** ذا حاجة عاش في مستوعر شاس
جارًا لقوم أطالوا هون منزله *** و غادروه مقيمًا بين أرماس
ملوا قراه و هرته كلابهم *** و جرحوه بأنياب و أضراس
دع المكارم لا ترحل لبغيتها *** و أقعد فأنت الطاعم الكاسي
قام الزبرقان برفع شكوى للفاروق عمر بن الخطاب ، فجاء عمر رضي الله عنه بحسان بن ثابت و أخبره ما أمر قصيدة الحطيئة ، هل هي هجاء أم لا ، قال حسان أنه لم يهجوه بل سلح عليه ، فقام عمر رضي الله عنه بحبس الحطية ليأمن أعراض المسلمين منه ، و بعد فترة قام الحطيئة بنظم قصيدة يعتذر فيها لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فعفا عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، و أخبره أن لا يقوم بهجاء المسلمين مرة أخرى .