في بداية حديثي عن علاقاتنا مع الآخرين ، لا أجد سوى حقيقة المشاعر التي تسردها علينا الأيام ، فالبعض نصدم من سوء تصرفاتهم تجاهنا ، والبعض الآخر نتغاضى عن أفعالهم مرة ومرتين وثلاثة ، وفي كل مرة نقول أنهم لا يقصدون من أفعالهم شيئاً ، ثم تتطوّر الأمور لتصبح تجريحاً ، وألماً يبعث في النفس شعورا بالقلة ، وبالضيق ، فلا بد من المواجهة ، حينما نشعر أنهم طيبون ، ونميل لحبهم ، ولكن تأبى الكرامة إلا أن تقف حاجزاً ، لتحذرنا من أي فعلة قد تضر بنا ، وتلحق الاذى بمشاعرنا ، فمن أنتم لنعاتبكم ، وماذا سنتسفيد لو عاتبناكم ، وفي حقيقة الأمر أنّ في العتاب محبّة شديدة ، لا تضاهيها محبّة ، فالذي يحب لا بد له أن يصارح بما يزعجه أمام من يحب ، حتى تصفى القلوب ، وتصبح على أتم الاستعداد لتقبّل أراء الأخرين بسلاسة وبهدوء
أحلى رسائل الحب والعتاب :
ومن أكثر الرسائل التي نالت فضولي ، وأحببتها بشدة ، تلك التي تحادثهم بنبرة الجنون ، ومنها مايلي :
كيف تعاملني هكذا ، وقد كنت القلب ، والعقل والفؤاد لك . كيف تخون الحنين ، وتجرحني ، وتتركني بلا سبب قف وعاتب ، ولا تتهرب ، واسمعني حتى لا نتألم صافح حينما تقدر ، ولا تعاتبني وترحل .
فمع كلمات كهذه لا يمكن إلا للحبيب أن يقف محتاراً ، ما بين الهروب والرجوع للتفاهم ، هنا يكمن روح الحب ، وروح الوجد ، فالحب ليس مجرد كلام عن الغرام ، وعن المشاعر ، وإنما هو قدرة لنتحمل بها بعضنا بعضا ، وأن نكون على قدر عال من المسؤولية تجاه العلاقة التي قررنا أن تكون في حياتنا ، ولا نستطيع التخلي عنها مهما كلف الأمر .
في حياتي لم أصافح مثلك فقم وصافح قلبي قبل يدي وتذكر كلمات حبي وعشقي ولا تغادر حياتي بدون سبب عاتبني و لكن لا تهجرني ففي الهجران موعد مع الموت .
فحنينا في غالب الأمر يجبرنا على التصرّف بسخافة ، وبجنون أيضا ، ولكن ماذا لو ندمنا على تصرف لنا فيما بعد ، فلهذا نحتاج العتاب بين بعضنا ، لنذكر أنفسنا أنّه لا يمكن لبشر أن يفرق قلوب أحبت إلا أن ارادت هي ذلك ، وأن الحياة ستستمر ، سواء أحببنا أم لم نحب ، ولا عجب في ختام حديثي إلا أن أذكر أن الحب وحده لا يكفي لتكوين العلاقات ، بل يتضمن ذلك القدرة الجسدية والفعلية على ممارسة الحب بشكل يليق بأنفسنا ، وبقدرتنا على الاستمرار في خضم الأحداث المتلاحقة التي تمر بنا ، ونحن لا نشعر إلا بمضيها