خصائص الشعر الجاهلي , ما هي خصائص الشعر الجاهلي ,تعريف الشعر الجاهلي
الشعر الجاهلي
الجاهلية:
تطلق كلمة “الجاهلية” على أحوال العرب قبل الإسلام لتفشي الوثنية والعداوات والعادات المخالفة للإسلام، وقد تطرق القرآن الكريم لكلمة “الجاهلية”ذ في قوله: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) ، المراد هنا هو الجهل التوحيدي الديني لا الجهل بعلم من العلوم ، والله أعلم .
ويسمى العهد الذي كان قبل البعثة العصر الجاهلي. وهو أقدم العصور الأدبية ويسميه بعض الدارسين عصر ما قبل الإسلام. والأدب الجاهلي، مثل الأدب العربي، قسمان: شعر ونثر. فقد ورثنا عن تلك الحقبة الجاهلية أدباً ناضجاً في لغته وشعره ونثره، ولكن هذا الأدب الذي وصل إلينا لا يشمل الحقبة كلها، ذلك أننا لا نملك نصوصاً مدونة عن مبدأ الشعر عند العرب، وعن تطوره حتى بلوغه المرحلة التي كان عليها عند ظهور الإسلام. والمعروف أن أقدم ما وصل إليه علمنا من ذلك الشعر لا يرقى عهده إلى أكثر من قرنين عن الهجرة. وكل ما يعرف من هذا الشعر مستمد من أفواه الرواة الذين كانوا يتناقلون الأشعار الجاهلية عن طريق الرواية والحفظ. وتعود أسباب ذلك إلى انتشار الأمية عند العرب، وقلة وسائل التدوين والكتابة لديهم
ومن أقدم الشعراء الذين عرفنا أخبارهم ووصلتنا أشعارهم امرؤ القيس بن حجر الكندي، الذي يقال إنه أول من وقف بالديار واستوقف وبكى واستبكى، لكنه هو نفسه يذكر شاعراً آخر أقدم منه، بكى الأطلال قبله، وهو ابن خذام، فيقول:
عوجا [1] على الطلل المُحِيل [2] ، لعلنا نبكي الديار كما بكى ابن خِذام
قيمة الشعر الجاهلي :
القيمة الفنية: وتشمل المعاني والاخيلة والعاطفة والموسيقى الشعرية.
القيمة التاريخية: كان الشعر ديوان العرب، ووسيلة نقل معاناة الناس وشكواها، فالشعر الجاهلي يعتبر وثيقة تاريخية بما يخص أحوال الجزيرة وأحوال العرب الاجتماعية .
خصائص الشعر الجاهلي :
الخصائص العامة:
الصدق: كان الشاعر يعبر عما يشعر به حقيقة مما يختلج في نفسه بالرغم من أنه كان فيه المبالغة.
البساطة: إن الحياة الفطرية والبدوية تجعل الشخصية الإنسانية بسيطة، كذلك كان أثر ذلك على الشعر الجاهلي .
القول الجامع: كان البيت الواحد من الشعر يجمع معاني تامة ، فمثلا قالوا في امرئ القيس بقصيدته «قفا نبك» أنه وقف واستوقف وبكى واستبكى وذكر الحبيب والمنزل في بيت واحد .
الإطالة: كان يحمد الشاعر الجاهلي أن يكون طويل النفس ، أي يطيل القصائد وأحيانا كان يخرج عن الموضوع الأساسي ، وهذا يسمى الاستطراد .
الخيال:هو أن اتساع أفق الصحراء قد يؤدي الى اتساع خيال الشاعر الجاهلي .
خصائص الألفظ والأساليب:
– جودة استعمال الألفاظ في معانيها الموضوعة له
– غلبة استعمال الألفاظ الجزلة القوية
– القصد والتقليل من استعمال ألفاظ المجاز
– كراهية استعمال الألفاظ الأجنبية إلا نادراً
– عدم التعمد في استخدام المحسنات البديعية (الجناس، المقابلة، المطابقة،…)
– متانة الأسلوب ووضوحه
– إيثار الإيجاز إلا إذا دعت الحال إلى الإطناب
خصائص المعاني والأفكار
– جلاء المعاني ومطابقتها للحقيقة
– قلة المبالغة بما يخرج عن حد العقل
– فطرية المعاني وبعدها عن التعميق
– عدم استقصاء الأفكار أو تحليلها إلى عناصرها
– قلة المعاني الغريبة
– البعد عن التأنق في تريتيب الأفكار والمعاني
– تشابه الأفكار – لتسابه البيئة
خصائص الأَخِيلة والصور
– غلبة البيئة البدوية في الصور
– بعيد عن التعمق، سطحي، قريب
– الاعتماد على الملاحظة الدقيقة وغير الدقيقة
– أكثره حسي يبين الحركة واللون والشكل
– أساسه التشبيه والاستعارة والكناية والمجاز المرسل
بنية القصيدة الجاهلية :
وتعرف أيضاً بعمود الشعر العربي: تبدأ القصيدة الجاهلية بالمقدمة الطللية وفيها وقوف على الأطلال ووصف للآثار الباقية بعد خلو الديار من أهلها، وينتقل الشاعر إلى وصف الرحلة وعناء السفر ومعالم الطريق ووحوش الصحراء وحيوانها وغيرها. ثم ينتقل إلى الغزل أو النسيب فذكر المحبوبة والتغني بحسنها وجمالها وقد يذكر بعضا من المواقف والمغامرات مع المحبوبة كما فعل امرؤ القيس في المعلقة. وينتقل بعد هذه المقدمات الطويلة إلى الغرض الأساس في القصيدة وقد يكون المديح أو الهجاء أو الفخر والحماسة وانتصار لشرف القبيلة وما إلى ذلك.
فنون الشعر الجاهلي، أو أغراضه :
1) الغزل: يكاد الغزل يفوز بالنصيب الأوفى بين سائر الأغراض الأخرى، ذلك أنه أعلق الفنون الشعرية بالأفئدة، وأقربها إلى النفوس. وفي موضوع الغزل، هناك أربعة ألفاظ تتقارب في مفهومها، وهي: الغزل، والتغزل، والنسيب، والتشبيب. ومن أبرز سمات الغزل عند الجاهليين، ظاهرة التعلق بالمرأة والسعي إلى مودتها، ووصف مفاتنها الجسدية. وإمام الشعراء في ذلك هو امرؤ القيس، الذي قضى شبابه في اللهو والشراب. وأشعاره، ولاسيما معلقته، صُوَرٌ وحكايات لما كان بينه وبين النساء.
وقد ينصرف الشاعر في غزله إلى التغني بفضائل المرأة وذكر مناقبها وكريم سجاياها، وعفتها، ولا سيما عند وقوفه على الأطلال توخياً لتهيئة الأذهان وشد الأسماع قبل الوصول إلى غرضه الأساسي.
2) المديح:
قام المديح مقام السجل الشعري لنواح كثيرة من حياة الأعلام، ملوكاً، وسادة، وأجواداً، وكان يمتزج غالباً بالإسراف والمبالغة، ويختلط فيه الواقع بالخيال، والعقل بالعاطفة والحق بالباطل. ولذلك ينبغي أن يقف الباحث من شعر المدح موقف الحذر والنقد والتمحيص، وألا يأخذه على أنه صدق لا كذب فيه، أو حقيقة لا يشوبها الشك.
وقد سلك الشعراء المدَّاحون في العصر الجاهلي طريقين، أحدهما أو كليهما، الأول هو طريق التكسب والاحتراف. وقد انحرف الشعر إلى هذا الميدان على يد النابغة الذبياني، الذي سن للشعراء سنة المديح الرسمي – في تنقله بين قصور المناذرة والغساسنة – ومدح ملوكهم، كما سخر شعره لكل من يجود عليه. الأعشى ليسير على سنن النابغة في المديح، بل إنه أسرف في المسألة والتكسب، فأصبح يمدح كل من أعطى، ويشكر بشعره كلَّ من أكرم، حتى يخرج عن حدود التصديق.
أما الطريق الثاني: فهو طريق الإعجاب والشعور الصادق. والشعر هنا يصدر – فيما يقول – عن حب عميق، وإحساس نقي. وحامل لواء هذا الشعر هو زهير ابن أبي سلمى، الذي سخر شعره لكل من قام بإصلاح ذات البين، أو صنع مَأْثُرة [3] كريمة.
3) الفخر: وهو المباهاة حيث كان الشاعر يفتخر بقومه وبنفسه وشرف النسب وكذا بالشجاعة والكرم، وما يتصل به من التغني بالبطولات وشن الغارات، وتمجيد الانتصارات، وكثرة العدد والعدة، ومنازلة الأقران، ونجدة الصريخ، والحفاظ على الشرف والجار، وغيره.
وهذا الفخر يكون قبلياً تارة، ومن خير ما يمثل هذا الفخر القبلي الحماسي معلقة عمر بن كلثوم التغلبي، التي سجل فيها انتصارات قبيلته، ومنعتها، وما يتحلى به أفرادها من شجاعة وإقدام، وسطوة وهيبة وأنفة وإباء.
ويكون الفخر تارة أخرى ذاتياً ينبعث من نفوس تهوى العزة والمجد، وتحرص على بناء المكارم، والتباهي بمآثرها الفردية، ويبدو هذا الفخر الذاتي لدى طائفة من الشعراء الفرسان والأجواد، كعنترة، وحاتم الطائي، وعمرو بن الإطنابة، والشعراء الصعاليك كالشنفرى، وتأبط شراً. وفي معلقات طرفة بن العبد، ولبيد بن ربيعة، وعنترة بن شداد، صور كثيرة من هذا الفخر الفردي.
4) الرثاء: يلتقي الرثاء والمديح في أنهما كليهما إشادة بالمرء وإعلاء شأنه، لكن الأول إشادة بالميت وخصاله، والثاني إشادة بالحي. ويمتاز الرثاء أيضاً بأنه فن شعري ثابت المعاني والهدف، لأنه يعبر في معظم أحواله عن انفعال وجداني، وشعور عميق بالحزن والألم، حين تفقد الأسرة أو القبيلة، عزيزاً فيغمرهم الحزن وتتحرك الشاعرية لتعبر عن الأسى المشترك، وقد يصحب تعداد شمائل الميت، والبكاء عليه، أخذ بأسباب العزاء فيه، ودعوة إلى الصبر على حدثان الدهر، لأن الدنيا دار فراق وزوال، لا دار خلود وبقاء، وليس أمام الإنسان سوى الاستسلام للأقدار، والقبول بالقضاء.
هذه المعاني والأفكار، في جملتها تتردد في أشعار الرثاء عند الجاهليين. وقد اشتهر عدد من الشعراء بهذا الفن في العصر الجاهلي، منهم: المهلهل بن ربيعة، ودريد بن الصمة، وأعشى باهلة، ولبيد، وطفيل الغنوي، وأوس بن حجر، وأبو دواد الإيادي. كما عرف كثير من النساء بإجادة هذا الفن الشعري والنبوغ فيه، كالخنساء، وجليلة زوجة كليب، وسعدى بنت الشمردل.
5) الهجاء: حظ هذا الفن في الشعر الجاهلي قليل؛ إذا قيس إلى الفخر أو الغزل مثلاً؛ ولكن أثره كبير في النفوس، ووقعه أليم في الأفئدة، لأنه يقوم على إذلال المهجو، وتجريده من الفضائل والمثل التي يفتخر بها القوم. فالكرم، مثلاً، فضيلة لديهم، وفي مقابله تكون نقيصة البخل والشح، والشجاعة ضدّها الجُبن. وهكذا.
ومن صور الهجاء ما هو في مجال الحروب والغزوات: كالجبن، والفرار عند اللقاء، والوقوع في الأسر، ودفع الفدية، ومنها ما هو في حيز العلاقات الاجتماعية، والنقائص النفسية: كالبخل، والاعتداء على الجار، واللؤم، والغدر، وغيره. والهجاء عندهم على ضربين: هجاء فردي، وآخر جماعي يتجه إلى القبيلة نفسها وقد يجمع الشاعر بينهما.
6) الحكمة: الحكمة قديمة في أشعار الجاهليين، وحكمهم مستمدة من بيئتهم التي عاشوا في كنفها، حرباً وسلماً، وعلاقات وعادات، وأخلاقاً وسجايا.. وهذه الحكم صدى لصفاء الفطرة، ودقة الإحساس، وغنى التجارب، والقدرة على استخلاص العبرة من الحوادث. وتعد المعلقات أوضح الأمثلة للقصائد التي تحفل بالحكم، على تنوع موضوعاتها وأغراضها.
7) الوصف: الوصف يغلب على أبواب الشعر جميعاً، فهو باب واسع، يشمل كل ما يقع تحت الحواس من ظواهر طبيعية، حية وصامتة. وهكذا كان عند شعراء العصر الجاهلي الذين عايشوا الصحراء في حلهم وترحالهم، وألفوا القفار الموحشة، وما فيها من جبال ووديان ومياه وحيوانات أليفة وغير أليفة، فوصفوا ذلك كله لأنه وثيق الصلة بحياتهم وتقلباتهم.
وكانت الناقة صاحبة الشاعر في جوبه لتلك الفيافي والمفاوز، لذلك أكثر فيها القول، والفرس هو الحيوان الثاني الذي يرافق الشاعر الجاهلي، وقد عني العرب بالخيول الأصيلة، واتخذوا لها أسماء خاصة، وحفظوا أنسابها أيضاً، كما وصفوا ضروب الحيوان الأخرى في بيئتهم ولاسيما الثور الوحشي، والبقرة الوحشية، ثم يأتي بعده الهر، والديك، والحية، والذئب، والنعامة، والغراب.
وكذلك وصف الشعراء الجاهليون مظاهر الطبيعة حولهم كالليل، والسحاب، والرعد، والبرق، ووصفوا كذلك الخمر ومجالس الشرب واللهو والحرب وأسلحتها المختلفة. وهذا كله يدل على عناية أولئك الشعراء وغيرهم بوصف كل ما يحيط بهم وصفاً دقيقاً، في بساطة وجمال، وصدق في التعبير عن المشاعر والإحساسات، وتعاطف مع الحيوان عامة، بوساوسه وحذره وجرأته. معتمدين على القالب القصصي في كثير من الأحيان، وعلى التشبيه وسيلة للأداء والتصوير.