خارطة وقانون ..!!
:: ومن أخبار بلادنا المتكررة، ما ورد بصحيفة (الشرق الأوسط)، بالنص القائل : ( تعلن وزارة الاستثمار في السودان – الشهر المقبل – عن خريطة جديدة للمشاريع الاستثمارية في البلاد، ويصاحب الإعلان المرتقب قانون جديد للاستثمار). وأللهم نسألك الصبر على كثرة القوانين وتراكمها فوق بعضها ( بلا جدوى).. وكل من يقرأ هذا الخبر، سوف يسأل نفسه لا إرادياً : (تاااني قانون جديد؟).. فالقانون الحالي لم يصبح قديماً، بل لاتزال الألسن تسمي قانون الإستثمار الحالي بالقانون الجديد، فكيف تفكر الحكومة في الإعلان عن قانون (جديد آخر)..!!
:: نعم، فالقانون المرتقب في الشهر القادم، والذي يبشرنا به وزير الإستثمار مبارك الفاضل، يُعد السادس في الترتيب خلال العقد والنصف الأخير.. فالحكومة تشرع قانوناً حديثاً كل ثلاث سنوات .. والمدهش أن كل قانون يحتفظ بصفة الجديد حتى لحظة الإلغاء، ثم يصبح قديماً بعد إجازة ( قانون جديد).. وهذا يعني أن فترة الثلاث سنوات لم تعد كافية بحيث تنطق الألسن إسم قانون الإستثمار بلا صفة الجديد، ولذلك نقترح للبرلمان مد فترة سريان قانون مبارك المرتقب لخمس سنوات، وهي فترة كافية لنطق إسم القانون بلا صفة (الجديد).. !!
:: صحيح أن التطوير والتحديث من طبيعة الأشياء، وان إلغاء أي قانون قديم وإستبداله بقانون جديد يعنى أن هناك تطوير وتحديث ومواكبة لما يحدث في العالم من حولنا في قطاع الإستثمار..ولكن المؤسف للغاية، وكذلك الأغرب، فان كل قوانين الإستثمار – التي يتم إلغائها وإستبدالها بأخرى كل ثلاث سنوات سنوات – مخالفة لطبيعة الأشياء، بحيث تبدو نصوصها كما أصنام الجاهلية (لاتنفع ولاتضر).. أي لاتحرك تحرك النصوص ساكناً في دنيا الإستثمار، ولاتحدث تطويراً في قطاع الإستثمار، ولا تحل الأزمات التي تحيط بالمستثمرين..ونأمل أن يكون قانون مبارك القادم هو الأخير و الأجدى والأقوى..!!
:: أما خريطة المشاريع الجديدة التي بشرنا بها مبارك الفاضل في ذات الخبر، فهي لن تكون جديدة، بل هي الأولى في حال تنفيذها (كما يجب).. وفي الخاطر، قبل عام ونيف، ناشدت مبارك الفاضل بالنص : ( وليت مبارك يبدأ بمراجعة الخارطة الإستثمارية ( إن وُجدت)، فالوزرة المركزية – بالتنسيق مع الولايات والمحليات – هي التي تعد وتطبع وتوزع وتنشر خارطة البلاد الإستثمارية.. ولا يتم هذا إلا بعد إجراء الدراسات على التربة والمناخ وكل عوامل الطبيعة، هنا يصلح الزرع وهنا هنا تصلح الصناعة وهنا تصلح السياحة، ثم بعد مدها بشبكات المياه والكهرباء والطرق، وتكون خالية من الموانع)..!!
:: فالخارطة الجاهزة، غير انها توفز الزمن – و الموارد المتاحة – للمستثمر، فهي أيضاً تلزمه بالمطلوب الإستثمار فيه .. وعليه، ليت وزارة الإستثمار تنجز هذه الخارطة (كما يجب)، أي بعلمية وبكامل التعاون والتنسيق مع الولايات .. وبعد الخارطة، يجب تأسيس نظام (النافذة الواحدة)، وهي أفضل وأحدث النُظم المتبعة عالمياً .. والهدف من نظام النافذة الواحدة هو إختصار الوقت والجهد بتسهيل الإجراءت للمستثمرين .. أغلى ما لرجال المال و الأعمال ليس فقط ماله، بل وقته أيضاً..ونظام النافذة الواحدة يوفر أوقاتهم (الغالية جداً)، ثم يكافح الفساد بحيث لايكون هناك (سمسارة) بين المستثمر و أجهزة الدولة، أو كما يحدث حالياً .. !!