حجة الوداع
حجة الوداع
تعتبر حجة الوداع واحدة من أهم الفرائض، والعبادات التي قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهذه الحجة أثر كبير في نفوس المسلمين، فهي التي ودَّع الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم فيها أمته، وقد خطب فيها الخطبة المشهورة التي عرفت بخطبة الوداع، والتي تعتبر كل كلمة من كلماتها بمثابة همسة ووصية منه صلى الله عليه وسلم شخصياً، في أذن كل مسلم ومسلمة.
اهتمّ المسلمون كالعادة بتوثيق كل ما يتعلق بتحركات النبي، وأقواله، وأفعاله، ولقد حظيت هذه الحجة باهتمام بالغ وكبير منهم، نظراً للمكانة، والأهمية العظيمتين اللتين حظيت بهما. وفيما يلي نورد بعض التفاصيل حول هذه الحجة النبوية العظيمة.
عام حجة الوداع
قام الرسول صلى الله عليه وسلم بأداء مناسك حجة الوداع في العام العاشر من الهجرة، وقد أعلن عن عزمه المسير إلى بيت الله الحرام في شهر ذي القعدة من ذلك العام، وحجة الوداع هي الحجة الأولى، والأخيرة له صلى الله عليه وسلم، حيث جاءت بعد الفتح العظيم لمكة المكرمة.
خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك العام مئة ألف مسلمٍ ومسلمة، حتى يتشرفوا بمرافقته في أداء هذه الفريضة العظيمة، وقد تناقل المسلمون الأعمال التي قام بها صلى الله عليه وسلم جيلاً بعد جيل، من الإحرام، والتلبية، والطواف بالبيت، والصلاة عند المقام، والارتواء من ماء زمزم، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وأداء صلاة الظهر، وخطبة الوداع، والنزول إلى المزدلفة فمنى، ورمي الجمرات، والنحر، وحلق الرأس، وأداء طواف الإفاضة.
خطبة حجة الوداع
تعتبر خطبة الوداع من أكثر الخطب ملامسة لقلوب المؤمنين في كافة الأماكن، والأزمان، فهي تتضمن خلاصة دعوةٍ امتدَّت على مدار ثلاثةٍ وعشرين عاماً؛ لاقى فيها، وآله، وصحابته الكرام أشدَّ أنواع الأذى، وجابوا خلالها الجزيرة العربية حاملين ألوية الحق، محاولين إيصال نور الهدى للعالمين.
لقد أكَّدت خطبة الوداع على المضامين الأساسية لرسالة الإسلام السامية، وهي المضامين الإنسانية التي لا يجرؤ أحدٌ على إنكار أهميتّها؛ كتأكيد الرسول الأعظم على حرمة التعامل بالربا لما فيه من استغلال لضعفاء الناس، وعلى ضرورة انتهاء العادات الجاهلية القبيحة، وعلى أهميّة احترام المرأة، وصيانتها، وتأدية حقوقها إليها كاملة غير منقوصة، وعلى أنّ هذه الأمة أمة واحدة، الناس فيها أخوة متعاونون، متكافلون، لا يظلمون بعضهم البعض، ولا يتقاتلون، دماؤهم، وأموالهم، وأعراضهم عليهم حرام إلى أبد الآبدين.
من هنا فقد باتت خطبة الوداع رسالة إنسانيّة عظيمة تستحق من أهل الأرض الوقوف عندها، وتحليلها والاستفادة منها، فهي كنز حقيقي، من إنسان عظيم غايته تعريف العالمين بعنوان السعادة الحقيقية.