تقزم الكبار..!!
:: حقائق صادمة، ولو أنها صدرت عن قوى المعارضة لنفتها الحكومة، ولكنها تصدر عن الحكومة ذاتها.. وعلى سبيل المثال، وزارة الصحة تحذُر من إنتشار ظاهرة تقزم الأطفال – بشكل مخيف – في السنوات القادمة، وأن هناك (2) مليون طفل بالسودان مصابون بسوء التغذية، وأن ( 30%) من اطفال السودان مصابون بسوء التغذية المزمن الذي يؤدي إلى تقزم الأطفال .. هكذا الأرقام، على لسان وزير الصحة ومدير البرنامج القومى للاغذية ، في المؤتمر القومي الاول لتغذية الرضع وصغار الاطفال بالخرطوم..!!
:: وبعد التحذير من العادات الغذائية الخاطئة للاطفال، أكد المتحدثون انتشار سوء التغذية وسط الاطفال، وان كل ولايات السودان مصابة بسوء التغذية.. وقبل عام ، وهي تحتفل بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية، كشفت وزارة الصحة ذاتها عن نسبة وفيات الأطفال لعدم توفر الرضاعة الطبيعية.. (19%).. وكانت قد حمُلت العقوبات الأمريكية المسؤولية.. ولكن، بدليل عدم تقزم نسب الوفيات وسوء التغذية بعد بعد أن رفعت امريكا الحظر الاقتصادي، لم تعد هناك علاقة للعقوبات الأمريكية بسوء التغذية والوفيات والتقزم ..!!
:: فمع العادات الغذائية الخاطئة، فان سياسات الحكومة هي (أصل الداء) .. إذ هناك دراسة – أجرتها اليونسيف – تكشف أن الرضاعة الطبيعية في بلادنا لا تتجاوز (55.4%).. وهذا يعني أن الرضاعة الصناعية تشكل (45.6 %)، وهي نسبة مزعجة ومحفوفة بمخاطر سوء التغذية والتقزم والوفيات .. نعم، فالرضاعة الطبيعية هي الأفضل والأمثل للطفل .. ولكن ظروف صحية – وأخرى إقتصادية – تُقزم نسبة هذه الرضاعة وترفع نسبة الرضاعة الصناعية.. فالأم لا تلجأ إلى شراء الحليب إلا بأمر الطبيب أو لمجابهة تكاليف الحياة بالخروج إلى العمل..!!
:: وللأسف، بلادنا في قائمة أسوأ دول العالم في رعاية الأمومة والطفولة، ومن كل الف طفل ينتقل (78 طفلا) إلى رحمة الله بسوء التغذية .. وتقارير الرعاية الاجتماعية – أي الحكومة – دائما ما تشير إلى أن نسب الفقر ما دون (50%) بقليل .. وهذه النسبة تعني – لأي إقتصادي – أن نسبة المواليد الذين يولودون في الأسر التي تعيش تحت خط الفقر لا تقل عن تلك النسب.. ولذلك، لم يكن مدهشاً أن تشير تقارير منظمة اليونسيف – و أقرت بها وزارة الصحة – إلى أن ( 1.800.000 طفل) مصاب بسوء التغذية في بلادنا..!!
:: وكثيرة هي المؤشرات التي تشير إلى بؤس حال الطفولة في بلادنا لحد تقزم الرضاعة الطبيعية إلى (55,4 %) كما قالت اليونسيف في ذات تقرير ..ومع ذلك، لا تساهم السلطات الحكومية في معالجة أزمة أطفالنا المحرومين من الرضاعة الطبيعية – لظروف صحية وإقتصادية – إلا بالمزيد من الضنك .. كل الدول تدعم (حليب الأطفال)، بحيث يوزع مجاناً عبر المشافي أو بسعر زهيد عبر الصيدليات ..ولكن هنا، بأمر الحكومة، رسوم الجمارك (10%)،ضريبة القيمة المضافة (17%)، ضريبة التنمية (13%)، ضريبة أرباح الأعمال (3%)، رسوم المواصفات والتخليص (5%).. !!
:: هكذا أثقال الرسوم المفروضة على حليب الأطفال، في دولة تلك نسبة الرضاعة الطبيعية لأطفالها، وتلك نسبة الفقر المدقع في أسرها، وتلك هي نسبة سوء التغذية في أطفالها و أمهاتهم .. ورغم أنف مناشدات وزارة الصحة و الاعلام والمنظمات المتكررة، فان (48%) من قيمة علبة حليب الأطفال، تدفعها الأم العاملة أوالمصابة بسوء التغذية لخزينة الحكومة، لكي لا يصاب بسوء التغذية ويموت أو يتقزم .. وعليه، بعلم وأمر الحكومة، فان سوء التغذية وظاهرة التقزم قد تتجاوز الأطفال إلى الكبار أيضا..!!