تغير شخصيتك
يمتلك الإنسان في طبيعته مجموعة من الإيجابيّات والسلبيّات التي تؤثّر على مسار حياته، ومن المعروف أنّ الإنسان يكتسب هذه الإيجابيّات والسلبيّات من محيطه وبيئته الّتي تربّى بها، ومن خلال استعداداته الفطريّة الّتي قد تستقطب أمراً دون آخر، فالإنسان يحوي في داخله الخير والشر، الأبيض والأسود، ولديه القدرة الكليّة على أن يلعب في نسب هذه المعطيات ويغيّر منها حسب ما يريد، فالحياة بجميع مكوّناتها قد تلعب دوراً قويّاً في توجيه نفس الإنسان.
نظريّة فرويد حول النّفس
ونذكر هنا نظريّة العالم الكبير في علم النّفس ” فرويد ” الّذي قسّم النّفس إلى ثلاثة أجزاء: الأنا وهي الجزء الواعي والمدرك والمتوسّط في نظرته للأمور، والأنا الأعلى وهي الجزء المثالي والمتنزّه عن أي خطأ، ويريد من الإنسان أن يتخلّى عن كل ملذّاته ومتعه وحاجاته في الدّنيا مقابل مثاليّته المطلقة، والجزء الأخير هو الهو وهذا الجزء هو الجزء الذي قد نقول عنه ” الطائش ” الّذي يريد كلّ ما يحتاجه ويرغبه في أسرع وقت ودون عوائق، وقد يكون لديه القدرة على إزالة أيّ عائق يقف في طريق إشباع رغباته وحاجاته، وبهذه القُوى الثلاث يتوازن الإنسان؛ فلا يصبح إلهاً في مثاليّته، ولا ينحدر إلى مرتبة الشيطان في البحث عن ملذّاته وهنا يعظم دور الأنا التي تعمل على توازنه، ولكن في هذه المعركة الدّائرة فوق جسد وروح الإنسان قد تفوز المثاليّة في أحد جولاتها، وقد تفوز الهو الباحثة عن الرّغبات في جولات أخرى، ولكن في جميع الأحوال على الإنسان أن يوسّع من صلاحيّات الأنا ليرضي الطّرفين دون مبالغة، ويكمل مشوار حياته دون أن يغضب الأنا العليا، وهي في النّهاية تلعب دوراً هامّاً في حياة الإنسان، وهي التي تُدعى ” بالضّمير “؛ فضمير الإنسان قد يقتله بلومه وعتابه وتأنيبه حتّى لو كان الإنسان قادراً على تحقيق رغباته وحاجاته، فإن لم يحقّقها بالوسيلة والمقدار الّذي تسمح به الأنا الأعلى ستقتله الأعباء النفسيّة التي ستحمله لها الأنا الأعلى.
أمور تساعدنا على تغيير أنفسنا
حتى نغيّر من أنفسنا علينا أن نعرف جيّداً ما الّذي يزعجنا، ويقف في طريق سعادتنا، وما هي الأمور التي نسعى إلى تحقيقها، وما الطرق الواجب اتّباعها لتجنّب حدوث أيّ صدام مع الغير. ومن الأمور الّتي تساعدنا على تغيير أنفسنا:
كتابة قائمة
كتابة القائمة من أهمّ الأمور التي تتكفّل أمامنا بتوضيح كلّ ما نريد معرفته، وكلّ ما نجهله، وكلّ ما نرغب به وما لا نرغب به، وهي وسيلة رائعة لتفريغ الشّحنات السلبيّة، وتعزيز الشحنات الإيجابيّة، وفي البداية علينا أن نكتب الأمور الّتي تزعجنا، والأمور التي نرتاح لها وتجعلنا بخير، ولا ننسى أن نعرف قيمة الأمور التي ترضينا وتجعلنا بخير ونكون ممتنّين لأنّها حدثت لنا ولأنّنا نعيشها، ولا نجعل قائمة الأمور السيّئة والمزعجة تشعرنا بالإحباط، ثمّ علينا أن نكتب الأمور الّتي سنقوم بها لتغيير ما لا يعجبنا، وإن كانت هذه الأمور أموراً شاقّةً أم بسيطة، وهل سندفع ثمنها كثيرًا؟ وما هو المردود؟ فمثلاً قد يشعر بعض الناس بالتّعب والإجهاد الصحي، فعليهم أن ينظروا لطعامهم وشرابهم، وأن يضعوا التّدخين في قائمة الأمور المزعجة لهم وللغير، ويضعوا برنامجاً غذائيّاً صحيّاً، وخطّةً للإقلاع عن التّدخين، وبرنامجاً رياضيّاً، وبهذا سيجدون أنّ ما دفعوه من ثمن لتغيير أنفسهم قد يكون متعباً وشاقّاً، ولكنّه بالتّأكيد سيعود عليهم بالفائدة العظيمة وسيجعلهم بمزاج أفضل.
المحاولة بجديّة
فالنّاس عموماً لا يتغيّرون إلّا إذا أرادوا ذلك من كلّ قلبهم وأظهروا إرادةً عظيمةً، وكانوا حاسمين في هذا الأمر، فالكثير من الناس يضحكون على أنفسهم ويقولون أنّهم يريدون التغيير، ويبذلون جهداً لذلك، ولكن النّتيجة لا جديد، وهذا الأمر خاطىء لأنّنا كبشر قادرون على التغيير في أنفسنا وفي التّأثير على غيرنا؛ لذا المحاولات التي يقوم بها الكثير من الناس ليست جادّة، وليست حقيقيّة، بل هي تغيير في أسلوب الحياة ليوم أو يومين أو عدّة أيّام ثمّ العودة للنّظام السابق، وهذا الأمر لا يصنع تغييراً حقيقيّاً؛ فالاستمراريّة والثّبات على أسلوب الحياة الجديد هو التغيير الصّحيح والحقيقيّ، فمثلاً قد يقول البعض لا بأس من أن آكل كثيراً من الطعام على أن أضع حدّاً لهذا وأتّبع برنامجاً للحمية، ثمّ يتناول قطعة حلوى تليها أخرى، ويبرّر ذلك بأنّ هذا حدثٌ استثنائيّ ، وفي كل مرّة يكون هناك حدث استثنائي، وفي النهاية يقول لقد اتّبعت حميةً ولم تنجح!!!.