تعريف الوطن
قال الشاعر: وطني لو شغلت بالخلد عنه.. نازعتني إليه بالخلد نفسي
حبّ الأوطان يجري في عروق كلّ شخص منا حتّى لو لم يدرك ذلك، فيشعر الشخص بالحنين إلى الوطن والشوق الحقيقي عندما يكون بالغربة بعيداً عن أهله وبعيداً عن أصدقائه وعن ذكريات الأماكن التي عاش فيها عمره وطفولته؛ حيث يشكّل الوطن المكان الّذي حملك على أرضه وتنفّست من هوائه وعلى ثراه كبرت وترعرعت.
الوطن هو المكان الّذي تعيش فيه ذكريات حياتك وطفولتك، زالمكان الّذي يربطك بكلّ من تحب بأهلك وأصدقائك ومدرستك، والمكان الّذي خضت فيه أولى تجاربك في الحياة، والمكان الّذي اختبرت فيه مشاعرك الأولى تجاه معظم الأشياء في حياتك؛ فالوطن هو المكان الّذي خرجت منه فرداً مؤمناً بنفسك، ومستعدّاً لتخوض الحياة والتّجارب الصعبة، وهو المكان الّذي يتربّى فيه الأطفال على حبّ الانتماء والولاء، وعلى الخصال الحميدة، وعلى العز والإباء.
الوطن هو الراية الّتي ترفرف عالياً في السماء لتذكّرك بأن ترفع رأسك لأنّك تنتمي في النهاية لوطنٍ يحميك ويتباهى بك فرداً من أفراده، وجنديّاً على حدوده، ومعلّماً في مدارسه تعلّم الأطفال حبّ الأوطان، وفلّاحاً في الحقول، ومزارعاً تزرع الوطن ليغدو وطناً أخضراً مشرقاً بالحياة بسواعدك أنت وبزنودك أنت حتّى تأكل من خير وطنك وتتباهى بما صنعته يداك.
الوطن هو الحبّ الحقيقيّ الذي يربطك به فتضحّي من أجله بحياتك، وتترك كلّ من يعنيك في هذه الحياة من أجل الدفاع عن ثراه الغالي، ومن أجل حمايته من المعتدين الغاصبين.
الوطن هو غيرتك على من تحب، وهو حبّك لكلّ شيء يذكّرك بنفسك ومن أين أتيت، الوطن ليس كلمة تقال ولكنّها قصّة انتماء وولاء، قصّة تحكيها بكلّ تصرّف من تصرفاتك، بكلّ وقفة تنظر فيها للأعلى باتّجاه سارية العلم الّذي يرفرف في السماء بكلٍّ فخر لترفع رأسك وتفتخر بأنّك تنتمي لوطن عظيم، طالما تغنّيت به وقلت الأشعار بحقّه وخرجت من أفواهك الدرر والعبر فور البدء بالحديث عنه، وبذلك أنت تتحدّث بعاطفتك الراّقية والوطنيّة، وبكبرياء شخص منتمٍ لوطن يعتزّ به أينما ذهب.
وطني يا أجمل ما في ذاكرتي ووجداني، يا أيّها الكيان الكبير الّذي أنتمي إليه، يا رمز العزّة والفخار، يا رمز الإكبار والإجلال، وطني هو في قلبي أحمله معي أينما ذهبت لأنّه يعيش في داخلي كما عشت أنا بداخله، وكما حملني فوقه فأنا أحمله معي بكلّ فخرٍ وساماً على خافقي.